انظر دوما للجانب الإنساني من أي موضوع, حتى الجوانب الأخرى أحاول أن انظر إليها, وأقننها من منظور إنساني وعاطفي, هذا أنا وهكذا تشكلت.. وكثير من الناس كذلك.
ضمن نفس الإطار, وما إن تبدأ معركة, أو صولة بطولية لتحرير جزء من بلدنا, ورغم أني أتلهف لسماع أخبار النصر, لكن أكثر ما يشغل مخيلتي, صور من يستشهد, وحال أهليهم, وكيف يقاتل الأبطال, دون راحة وطعام, بأجواء يسودها الموت.
تتسيد تلك الصور وتطغى عليها, تخيلات مستحيلة.. فأتذكر شهدائنا الماضين, تغمدهم الباري بواسع رحمته.. فماذا لو كانوا في المعركة مرة ثانية؟! هل سيندفعون مرة ثانية, كإندفاعتهم الأولى؟ وهم شاهدوا الموت وقسوته, وخصوصا على أهليهم ومحبيهم؟!
هل سيطلبون الشهادة مرة ثانية؟! بهكذا محبة وتضحية تكاد تكود جنونية؟!
ماذا عن نماذج كصالح البخاتي؟!.. وهو قد قضى حياته كلها, معاناة وصعوبات, وعيش جهادي, بين المنافي والأهوار, حيث لا رفيق إلا بندقية وقصب ومياه.. وموت يتربص في كل زاوية ولحظة؟!
قد نحصل على إجابتنا, إن راجعنا, سيرة الإمام الحسين, عليه وأله أفضل الصلوات.. بل لنقل أصحابه, لنبتعد عن جدلية العصمة, فمع اليقين بعدم عصمة أصحابه, نراهم يتسابقون على الموت, ويندفعون نحو عدوهم, وهم يعلمون أن لا خيارات أمامهم إلا الشهادة.. ومع ذلك لا يترددون, بل ولا يراجعون أنفسهم, أو يتفكرون للحظات حتى!
بل أن بعظهم يقول, لو أنه يفعل به مثل ذلك الف مرة, لا يبالي, فعن أي نفوس عالية نتحدث؟!
هكذا مقارنة, مع حفظ المقامات, لكلا المقارنين, تعطينا فكرة واضحة, وإجابة وافية, عن تساؤلاتنا.. فصالح البخاتي وأمثاله من شهداءنا الأبطال, لو أتيح لهم وكشفت عنهم, قبورهم وأكفانهم, لرأينا كيف أن أجسادهم الطاهرة, ترتعش وترتجف, تريد ان تشق أكفانها لتنهض, وتلتحق برفاق العقيدة, مجاهدي الفتوى المباركة.
ألم تنقل رواياتنا, أن الإمام الحسين, عليه وأله أفضل الصلوات, عندما ندب أصحابه وأل بيته, بعد شهادتهم, وقال لهم مناديا, مالي أراكم لا تجيبون.. كانت الأجساد ترتعش, وكأنها تريد النهوض؟ .. فلما نستغرب, هذا, من شهدائنا الأبطال؟! أو ليست القضية هي نفس القضية, والشهادة نفس الشهادة؟!
لكن أليس من السذاجة الظن, أن أرواح شهدائنا, بعيدة عن ساحة المعركة؟! ا
من قال انهم لا يتقدمون الصفوف بأرواحهم يطلبون الشهادة .. ألف مرة؟!