23 ديسمبر، 2024 9:36 م

الشهيدة كرامة نعمة يوسف/145

الشهيدة كرامة نعمة يوسف/145

{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
الشهيدة كرامة نعمة يوسف، حورية في قافلة آل المبرقع، التي إرتقت الأثير، نحو السماء، حيث الجنة وارفة الأعناب؛ جزاء مقاومتهم الطاغية المقبور صدام حسين، وهم تحت طائلة مخالب كلابه، في الثورة (مدينة الصدر حاليا) وكان الديكتاتور، قد أطلق إسمه عليها.. حينذاك.
صورةولدت الشهيدة، العام 1960، لافتة أنظار معلميها، الى موهبتها في الرسم، منذ الدراسة الإبتدائية، محققة جوائز وإنتشارا إعلاميا مشرفا.. عنيت رسوماتها بالإرشاد والتوجيه والتقويم، نهلا مما تتلقاه في بيت التقوى والدين، العامر بمحبة الله والإيمان بالحق، الذي ولدت فيه، وتربت على أخلاقه ونبل الطروحات الملتزمة، التي تدور ضمن حوارات العائلة، والمؤمنين ممن يلتقون في منتداه اليومي، مضافة خير وعلم وصلاة وصوم و… بناء إنساني كريم.
 
بنت الأزور
نمت موهبتها التشكيلية، في إعدادية “خولة بنت الازور” متوسعة في تصميم بوسترات تحمل بين طياتها افكارا دينية تربوية معززة بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة وحكم آل البيت.
قادت كرامة وإختاها.. حليمة وليلى، تظاهرة، سار فيها مئات المؤمنين؛ إحتجاجا على اعتقال خالها.. الشهيد قاسم المبرقع، العام 1979.
إعتقلت وأختاها، للمرة الأولى، في الأمن العامة، مدة ثلاثة أيام، جرى خلالها تحقيق، شديد المضايقات، خرجت منه الى جبهة حرب شعواء، شنتها عليها البعثيات.. عضوات اتحاد الطلبة.. حاصرنها بدسائس، يحوكنها ضدها، تمثلت بتقارير كاذبة تتهمها بكتابة عبارات ضد نظام البعث على السبورة.. مكيدة شعرت بها كرامة؛ فاسرعت الى الشارع العام حيث توجد سيارة نجدة واقفة قرب المدرسة واعلمتهم بالمؤامرة وطلبت منهم مشاهدة المكتوب على السبورة واحالة جميع الطالبات للتحقيق الجنائي، وما ان رأى المتآمرون الشرطة حتى مسحوا ما كتب وفشلت مكيدتهم فانقلب السحر على الساحر بفضل شجاعة كرامة.
 
ساحة مظفر
بعد ايام من هذه الحادثة التي تناقلها الشارع، قابلها مسؤول تنظيمات حزب البعث المنحل، في الثورة، سمير الشيخلي، داخل مقر قيادة الفرع قرب (ساحة مظفر) طالبا منها ووالدها الانتماء لحزب البعث، متصاعدا في الأداء، الى التهديد والوعيد؛ فعادا الى بيتهما أكثر اصرارا على الجهاد ضد طغمة صدام.
ليلة 16 نيسان 1980، داهمت قوة مشتركة، من الامن والشرطة المحلية والجهاز الحزبي وامرأتان بعثيتان، تسلقوا الجدران بالحبال والسلالم، يطوقون البيت من ثلاث جهات مقتحمين العائلة، ليقتادوا كرامة الى الامن العامة كرة أخرى.
 
صعقا بالكهرباء
تميزت في المعتقل بشجاعة فريدة؛ صمودا امام التعذيب؛ إذ كسروا ساقها مرتين أثناء التعذيب ضربا مبرحا؛ يسحبونها من شعرها في ممرات دائرة الامن، ويصعقونها بالكهرباء، يغرزون الإبر ويسوطونها بآلات تؤدي عمل جلاد مريد.
بعد رحلة تعذيب وحشية، اعدمت وهي لم تزل قاصرا، في السادس الاعدادي.. العام 1983، وظل جثمانها الطاهر مجهول المصير.. لم تعرف عنها أية معلومات، حتى سقوط نظام صدام حسين في 9 نيسان 2003، إذ وجد اسمها ضمن قوائم شهداء المقابر الجماعية.
 
نساء المبرقع
تفاقم جهاد آل المبرقع، ضد الطاغية، حتى أقدمت علوية من هذا البيت الكريم، منسولة من طهر فاطمة الزهراء، على شج رأس الرفيق البعثي عبد الرحمن عبيد موسى، بفأس، أثناء إحدى تظاهرات التنديد بنظام صدام، وهو يشهر مسدسه الجبان، مدعوما بالجيش والشرطة وأجهزة الأمن، يقمعون التظاهرة.
إثر بطولة نسوان “المبرقع” أباد صدام العائلة، ولم يبق منهم “نفاخ النار” منتظمين رهطا، يصطف أمام جدهم علي بن ابي طالب، على حوض “الكوثر” في جنان النعيم.