من الصعب الوقوف على مكنون رجل جده رسول الله وأمه فاطمة الزهراء وأبيه علي ابن أبي طالب وأخيه الحسن السبط المسموم وهو فوق ذلك إمام معصوم وخامس آهل الكساء ( وما إدراك ما آهل الكساء )..فمثل هكذا وجود مقدس كوجود الأمام الحسين صلوات الله عليه . تجلت في ذاته صفات الله تعالى وغرست في روحه مواريث النبوة والرسالة واخذ من عبق الولاية القها وسموها وجوهرها ..لا يمكن الإحاطة به ومعرفته وإدراك شيء من حقيقته ..لكن مع ذلك تميز أولياء الله بصفات كثيرة تميزوا فيها عن غيرهم من عظماء الناس ومن أوضح هذه الصفات هي أنهم صلوات الله عليهم كانوا على دارية كاملة بما تحتاج أليه الأمم في كل زمان ومكان وليس في زمنهم المعاش وتداعياته ..لم يكونوا في وادي والناس في وادي آخر ولم يكونوا من الذين لا يعرفون سوى التنظير البعيد عن الواقع ..كانوا على علم ويقين بما تتطلبه رسالتهم من عمل ميداني وفكري لا يتوقف بحدود معينة لان الوقوف يعني نهاية واضمحلال الهدف وتلاشيه ..حين هوى سيف ابن ملجم على رأس الأمام عليا صلوات الله عليه قال قولته المشهورة فزت وربك الكعبة ..لم يكن نيل الشهادة الهدف الذي خلف هذه القول فلقد اصطفت في روح أمير المؤمنين غايات كثيرة كان منها الموت شهيدا لان الشهادة سبيل لإكمال الرسالة التي تحمل في حياته من اجلها ما تحمله أنبياء الله تعالى ..ولأنه سلام الله عليه لم يكن في أطار خارج المجتمع الإسلامي عاش حاله العزلة وأراد أن يختم حياته بضربة سيف في مسجد .بل أراد أن يكون لشهادته خط آخر وبداية جيدة لحياته داخل آلامه..الشهادة هي بداية وانطلاق جديد ليس داخل عوالم السماء والملكوت فقط بل داخل آلامه والأجيال القادمة ..ولذلك لا يستطيع احد أن يعطي للشهادة معناها الحقيقي ويبرز آثرها في الحياة الدنيا كما لأثرها في عالم الآخرة آلا أولياء الله بما أودعهم من سر وإسرار وعلوم وهندسة في صناعة ظروف الشهادة التي تمنحهم وجودا في موتهم يضاهي وجودهم في حياتهم وربما أكثر.. وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ …
لسنا الآن بصدد أعداد بحث يتناول تتبع هندسة الأمام الحسين في صناعة يوم الطف العظيم لكنا ومن خلال النتائج التي أفرزتها هذه الواقعة نستنتج بقين وثقة أن الأمام الحسين عليه السلام أراد لثورته الخلود ولشهادته البقاء والاستمرار في داخل المجتمع الإسلامي بتفاعل متصاعد ومتكامل …وعودا على بداء ..استطاعت ألامه الإسلامية أن تتفاعل مع الأمام الحسين وتعرفه وتعيش في فنائه وتلامس بعض من القه العظيم ونوره المستنير بفضل واقعة الطف لأنها كانت وما تزال بابا كبيرة لمعرفة الحسين يمكن أن يمر منها كل من تحلى بصفات إنسانية يسيرة ومعرفة سطحية بالأمام …لا نقول هنا أن معرفة الأمام الحسين قد تيسرت لكنها أصبحت ممكنة لكل شرائح المجتمع كلا بمقداره لا بمقدار الأمام بطبيعة الحال ..الآمر الآخر الذي ساعد إلى تعلق الناس بالأمام الحسين هو حث الرسول وال البيت صلوات الله عليهم على زيارة الحسين عليه السلام حثا قد لا تجده مع باقي أهل البيت وبخصوصيات فريدة منها ..الشفاء بتربته والدعاء مقبول تحت قبته والأئمة من ولده …هذه الحث من الأئمة صلوات الله عليهم لا يخرج عن سياق التأكيد على خط الشهادة داخل أطار المجتمع الإسلامي ..بالمناسبة حين نقول بالتأكيد على خط الشهادة لا نقصد به أن يكون كل أبناء المجتمع في ساحات الوغى والجهاد بل القصد هو تكريس طابع الشهادة والتضحية في نفوس المجتمع سوأ وجدت حربا إسلامية مشروعة آو لم توجد …بعبارة أخرى حين نعيش طابع الشهادة والتضحية من اجل الله تعالى فان وجودنا وواقعنا سوف يتجه إلى صوب السلامة في الدين والدنيا وحين نتخلى عن هذا الطابع فإننا سنحيا ببؤس وذله في كلا الدارين ..أذان الشهادة قوة روحية يعيشها المسلم في وجوده وفعل حين يحتاج الإسلام إلى فعل الشهادة
لقد صنع الأمام الحسين صلوات الله عليه شهادته بنمط على شاكلة أنبياء الله تعالى وبتسديد وتدبير الهي يليق بوجوده المقدس حتى يكمل من خلالها رسالته التي بعث من اجلها ومن اجل ذلك حين يتجدد عاشوراء من كل عام فإننا لا نعيش مع ذكرى وقعت قبل اقل من أربعة عشر قرنا ونسعى إلى إحيائها وإدامتها بقدر مع نعيش في كل عام مع مظهر من مظاهر الثورة الحسينية وطور آخر من أطوار شهادة الأمام الحسين توجب علينا مسؤولية وتفاعل وتفكر أيضا في فك إسرار هذه الثورة والوقوف على أهدافها لان فيها خفايا وإسرار كل معالم الحياة الكريمة في الدنيا والآخرة ..ويجب أن لا نعزل تفكيرنا بالحسين وثورته عن الواقع الذي نعيشه لان في العزل إجهاض لأهم ركن من أركان الثورة والذي يعد أساسها المتين هو ركن الآمر بالمعروف والنهي عن المنكر..آني لم اخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا أنما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي …