كيف أطلقت هذه الكلمة البسيطة ولما سميت بهذا الاسم عن غيره من الاسماء؟
شرع تعالى الجهاد في سبيله لأجل إعلاء كلمة الحق، ويطلق على المقتول في سبيله شهيدا، لأنه أشهد الله تعالى على قتاله في سبيله وصدق إيمانه، وأثبت أن دينه هو دين الحق، ولهذا نهى عن وصف الشهيد بأنه ميت، لأن الشهيد لا يموت، وإنما هو حي يرزق عنده تعالى الذي يقول : وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ، كما أنّ الجهاد في الإسلام لا يكون لسببٍ همجي أو استفزازي أو دنيوي، وإنما لنصرة الحق،
الشهادة اصطلاح إسلامي ويراد منه أن يقتل الإنسان في سبيل الله تعالى ، قيل إنما سمي الشهيد شهيداً لأنه مشهود له بالجنة بالنص أو لأن الملائكة يشهدون موته إكراما له ؛ أو لأنه شاهد على الأمم، أو لأن الله وملائكته شهود له بالجنة ، أو لأنه ممن يستشهد يوم القيامة على الأمم ، أو لسقوطه على الشهادة وهي الأرض ، أو لأنه حي عند ربه حاضر ، أو لأنه يشهد ملكوت الله وملكه.
هم مؤمنون اصطفاهم الرحمن لأنهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه ففازوا و ربحت تجارتهم… فأكرمهم الحي القيوم بالحياة بيننا مع أننا لا نشعر بذلك؛
لذا استمرت المسيرة الاستشهادية على مر العصور ، تتجدد باسماء مؤمنة تجهاد وتقدم كل شئ من أجل إعلاء رسالة السماء ، يقابلها فئة مجرمة عاثت في الأرض فسادا ، التاريخ يسرد لنا الكثير من هذه المواقف، وكل منها يذكره التاريخ، لكن أيهما أقرب لمحبة وطمئنينة النفس؟ سجل لنا التاريخ أسماء بارزة نالت درجة الشهادة ، حسب الموقف الذي رافقه، حيث قدم حجر بن عدي نموذج من التضحية عندما أراد قتل ولده أمامه حتى يطمئن عليه بأنه ثبت على عقيدته، وعدم ارتداده عندما يقتل والده أمامه خوفا من شدة السيف، وستمرة هذه المسيرة في كل العصور والازمنه ، حتى جاء زمن حكم البعث الذي عاث بالأرض فسادا وقتل الكثير من علماء و رجال العراق لا لشئ لإنهم خالفوا هذا النظام البائد بالرائ! فكانت عائلة الحكيم زعيم الطائفة هي السباقة لتقديم الشهداء ، حيث اعدم في يوم واحد ستون شهيدآ على يد صدام لا لشئ بل لإسكات الحق ، وكان شهيد المحراب هو أحد أفراد العائلة الحكيمية التي تعرضت للملاحقة بسبب موقفه الذي يرفض الظلم ، تحمل الكثير من الإعتقال لمرات ، كل هذا في جنب الله، لن يفنيه عن طريقه الجهادي ، حتى غادر العراق بعد مقتل الشهيد محمد باقر الصدر ، ليعيش الغربة ومن هناك يقارع الظلم ليؤسس قوة جهادية، وكان السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره) قد حصل على فتوى من السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) بوجوب العمل العسكري ضد النظام الظالم، إذ قال في خطاباته الثلاثة الأخيرة التي وجهها السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) إلى الشعب العراقي قبل استشهاده: (وأنا أعلم باغتيالي وأني صممت على الشهادة ولعل هذا آخر ما تسمعونه مني وأن أبواب الجنة قد فتحت لتستقبل قوافل الشهداء حتى يكتب الله لكم النصر)، وهذا يعني أن السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره) قد اتخذ من هذا الخطاب لإبلاغ المجاهدين بوجوب محاربة الطغاة وبخاصة وأنه يتحمل دوراً كبيراً في تثقيف العراقيين للوقوف صفاً واحداً ضد النظام ، حتى جاء اليوم الموعود الذي انتقم الله به من ذلك النظام المتكبر، ليعود إلى بلد الام الذي ولد وترعرع فيه ليكمل دوره ومسيرته الجهادية في بناء عراق حر موحد .
يؤكد السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره) في خطاباته على الدور الأبوي للزعيم والقائد تجاه الناس بقوله: «إننا نرى القيادة والزعامة هي عبارة عن احتضان ورعاية لكل القوى العاملة في الساحة ونحن نؤمن بالشعار القائل: (سيد القوم خادمهم) وننطلق من هذا المنطلق، فالشخص الذي يمكن أن يحتضن الشعب ويرعاه الرعاية الكاملة، وأية مجموعة لها القدرة الفاعلة فهي جماعة صالحة، ومن هنا نحن نعمل فكرة قيادة العلماء الأبرار لأنهم يمكنهم بما يتمتعون به من فكر ومن طهارة وورع أن يتساموا على عوامل التفرقة التي أوجدها الاستعمار في بلادنا.
حتى جاء اليوم الذي يخلد هذه الشخصية العظيمة التي قارعت الاستعمار الذي خطط له لخطورة موقفه الموحد،
وبعد انتهاء خطبته وتوجهه إلى السيارة التي تقله وإذا بروحه الطاهرة قد تسامت قبل أن تتناثر أشلاؤه وتطير خلاياه لتملأ الفضاء الفسيح وتفجع القلوب، وإذا بمواكب النور تنطلق في مسيرات متلاحمة على درب الجهاد والتضحية، وإذا بنا فجعنا باستشهاده، ولكننا نبقى نردد مقولة جده ألإمام الحسين (عليه السلام): «هيهات منا الذلة» وبيننا عهد لا ينقطع أبداً وإن مواكب الشهداء تسير ليبقى العراق الحر الذي كم تمناه أن يكون بعز وأمان، وإن الذين خانوا ضمائرهم وتوهموا في يوم ما هم اليوم بأمس الحاجة إلى آرائه السديدة، حيث الأمنيات أصبحت حقيقة واقعة فعلاً وكل ما قاله أبو صادق صار نوراً يهتدي به الجميع ابتداءً من الانتخابات إلى الدستور إلى الفيدرالية، سيبقى العراق عزيزاً موحدا لتقر عيون الشهداء ، وتفقع عيون الاعداء.