23 ديسمبر، 2024 7:02 م

الشهادة الجامعية لا تعني الثقافة

الشهادة الجامعية لا تعني الثقافة

الكثير من الناس يقول عن حامل الشهادة الجامعية بانه مثقف وتعبان على نفسه لأنه حاصل على شهادة جامعية وهذا خطأ ، لان الشهادة لا تعني ان حاملها مثقف ، باعتبار المثقف يمتلك معلومات عامة في عدة مجالات غير مجاله او تخصصه ، اما الشهادة الجامعية تعني صاحبها ملم بمجال دراسته فقط ولا يملك معرفة او معلومات عامة في المجالات الاخرى لأنه متخصص في مجال واحد ويعتبر يمتلك مهنة حاله حال المهن الاخرى ، ويقول الدكتور علي الوردي احيانا تجد شخص بارع لدرجة كبيرة في تخصصه لكنه ارعن في المجالات الاخرى ، وقوله صحيح وكثيرا ما نصادف اناس يحملون شهادات جامعية ومنهم بارعين في مجالهم لكنهم جهلة في الامور الاخرى ، خصوصا شهادات سنوات النظام الديمقراطي ، وهناك امر يستحق ذكره ان بعض القنوات الفضائية تشرك طلبة الجامعات في مسابقات تسلية اسئلة وأجوبة وتطرح اسئلة على طلاب الجامعات وهي اسئلة بسيطة وتافهة لسهولتها  ويمكن لأي انسان بسيط غير متعلم الاجابة عنها وللأسف لم نرى من طلاب الكليات سوى الضحك ولم نرى من يستطيع الاجابة رغم بساطة الاسئلة وهذا دليل على الرعونية والجهل ويعكس المستوى الثقافي المتدني عند الطلبة .
نعم هناك خريجي جامعات وطلاب مثقفين يفتخر بهم المجتمع وهذا لا يعني ان ثقافتهم من خلال دراستهم الجامعية بل ان دراستهم زادتهم ثقافة لانهم ثقفوا انفسهم من خلال المطالعة والمتابعة في مجالات اخرى ، اما التخصص في دراسة ما حاله حال اي مهنة بدليل اننا نجد فلاح افضل من مهندس زراعي وهذه الافضلية اكتسبها من خبرته الطويلة التي تفوق دراسة المهندس باضعاف ، وحتى الشركات تفضل فني الميكانيك او الكهرباء على المهندس باعتبار الفني الذي يمتلك خبرة خمسة سنوات افضل من حامل شهادة البكلوريوس او الشهادة العليا لانهم درسوا نظريا ودرسوا العملي سطحيا ، وكثيرا ما تجد الفني يعلم صاحب الشهادة الجامعية ، وكذا الطبيب تجده احيانا لا يعرف بالأمور الاجتماعية او العلمية البسيطة ويروي لي احد الاصدقاء انه شاهد طبيب ومعه عائلة وكانت سيارته عاطلة ولا يعرف السبب فتبين ان سلك الديلكو منزوع من مكانه فأعاده ، وهذا من البديهيات بينما الطبيب يجهله ناهيك عن جهل اغلب الاطباء بالمجال الاجتماعي ، كما ان اغلب خريجي كليات العلوم السياسية يجهلون الكثير من امور السياسية ويجادل بجهل وهكذا ويفتقر للغة الحوار ، ونجد هناك من يتكلم لغتين أو ثلاثة بطلاقة وبدون دراسة لانه تعلمها بسبب غربة او سفرة سياحية او هواية جعلته يكتسب اللغة بينما حامل الشهادة بمجرد تخرجه ينسى اللغة ، واحيانا تجد هواة يصنعون الة كهربائية او ميكانيكية يعجز حامل الشهادة من صنعها ، وحتى الهواة او المتمرسين اصحاب الخبرة رغم ابداعهم لا يمكن اعتبارهم مثقفين ما لم يمتلكون المعلومات العامة في مجالات غير مجالهم .
المثقف من يمتلك المعرفة في المجالات الاخرى بمعنى ان يكون ملما بالمعلومات ومنهم من يوصف المثقف بانه يعرف كل شيء عن شيء ويعرف شيء عن كل شيء ، ويبرز المثقف من خلال طرح اراءه واسلوبه بالنقاش وسعة صدره ، وهذه الثقافة لا يحصل عليها بالدراسة ولا بالمهنة بل بمطالعة الكتب والقراءة المتواصلة بشتى انواعها التاريخية والسياسية والاقيصادية والفكرية والاجتماعية او حتى الفلسفية أو أو الخ ، وكلما طالع اكثر كلما ازدادت ثقافته واهم ما تتطلبه المعرفة الفضول والرغبة في المعرفة والطمع وهذا الطمع مشروع لانه في مجال المعرفة ، اما الشهادة الدراسية فهي تضيف للمثقف معرفة وهناك حاملي شهادات مثقفين من الطراز الاول لكنهم لم يكونوا مثقفين من خلال شهاداتهم بل من خلال مطالعاتهم ويمكن اعتبار الاطباء والمهندسين وغيرهم اصحاب مهنة مرموقة ولا يمكن اعتبارهم مثقفين ، وحتى الفن سواء كان رسم او نحت او التمثيل لا يعني ثقافة هناك من يرسم او ينحت وهو يجهل كل شيء وابداعه بالفطرة والموهبة في الفن ، وكذا الشاعر او الملحن لا يمكن اعتباره مثقفا بسبب الموهبة الا اذا كان يمتلك ثقافة عامة . ما جعلني اكتب هذا السطور مررت على احد الاصدقاء وكان موضوع سياسي يتجادلون فيه وبعد السلام والترحيب عادوا لاكمال الجدل وكان احدهم وهو يحمل شهادة بكالوريوس قانون وكان يذم الدستور ويلعنه ، فسألته ما هي المادة الدستورية التي ترفضها فقال الدستور كله زفت انا خريج قانون ، فكررت عليه ماهي عيوبه هل قرأته ؟؟؟ فقال يقولون عليه كله زفت !!! تبين انه لا يعلم شيء عنه بل يسمع بدون ان يكلف نفسه ليرى ما هي عيوبه ، فقلت له عندي نسخة من الدستور اذا تحب اهديها لك فقال الحقيقة آني انزعج من القراءة آني ما صدكت تخرجت ونسيت كل الذي درسته ، وهذا دليل على ان الدراسة ولانها اجبارية لا تبقى بالذاكرة ، على عكس المثقف الذي يبحث عن الكتاب ويشتريه لانه يعشق المطالعة ويطلب المعرفة فتكون ذاكرته ملهوفة لاستقبال المعلومات بمعنى عقليته مغناطيس يتلقف المعلومات لانه يرغبها ذاتيا وغير مجبور عليها وهذا يجعله يحلل الامور ويميزها .