للتدخلات السياسية دورها في استشراء الفساد والتزوير , حيث ُعدّ ظاهرة تزوير الشهادات الدراسية من مستجدات ما بعد عام 2003، ظاهرة استخدام الشهادات المزورة لم تكن معروفة قبل عام 2003 لعدة اسباب، اهمها ان عدد المؤسسات العلمية التي تمنح الشهادات العليا محدود جداً وتقتصر على الجامعات الرسمية العراقية، كما أن السفر كان ممنوعا على العراقيين، باستثناء عدد قليل جداً يحصل على الزمالات والبعثات الدراسية في الخارج، اضافة الى صرامة الاجهزة القضائية باستخدام العقاب ضد المزورين, ويرجع انتشارها في هذه الفترة،إلى سهولة إفلات المزوّرين من العقاب، نتيجة ضعف القضاء، وشيوع عامل الرشاوى، وضعف عمل لجان الرصانة العلمية المختصة بمعادلة البحوث الأجنبية، بالإضافة إلى الإهمال الحكومي للجانب التعليمي على مر السنوات السابقة، ما غيّب الدوافع الأخلاقية في التعلّم لدى معظم الطلبة، وهذا ما أفسح المجال أمام استغلال البعض للقرارات التي اتّخذتها وزارة التعليم العالي، إبّان انتشار الوباء العالمي سلبياً، فشاع شراء الشهادات والبحوث، وضمان معادلتها في العراق
وعلى الرغم من عدم امتلاك وزارة التعليم العالي العراقية، إحصاءات تبيِّن أعداد الطلبة العراقيين في الخارج، إلّا أن تقارير غير رسمية تُشير إلى وجود أكثر من 20 ألف طالب عراقي في لبنان، ما يُصنّفها واحدةً من أبرز الدول العربية استقطاباً للطلبة العراقيين,,وكانت وزارة التعليم العالي قد ألغت شرط الإقامة لمدة تسعة أشهر في بلد الدراسة، وأقرّت اعتماد الدراسة الإلكترونية كإجراء احترازي من انتشار فيروس كورونا , والغى العراق مؤخرا الاعتراف ب ١٧٣٢ جامعة حول العالم في مقدمتها 441جامعة في الولايات المتحدة تليها ٧٨ جامعة في تركيا و ٧٦ جامعة في اليابان و ٧٠ جامعة في هنغاريا و ٦٦ في روسيا و ٦٥ في المانيا و ٤٨ في ايطاليا و ٤٦ في بريطانيا و ٤٤ في السويد … الخ , وقال وكيل وزير التعليم العالي لقسم الدراسات العليا الدكتور ياسين محمد العيثاوي اغلب حاملي شهادات الماجستير والدكتوراه القادمة من ايران ولبنان وتركيا وبعض الجامعات المصرية اتوا بشهادات مزورة يتم كتابتها من قبل اصحاب المكاتب في ايران مقابل مبالغ مالية بسيطة يسافر الباحث لسفره ترفيهية ليأتي بشهادة عليا الخريجين لا يفقهون شيئاً مما مكتوب داخل هذه الإطاريح وهي اطاريح رديئة جداً لا تصلح للقراءة حتى تقارير الجامعية التي يكتبها طلاب الجامعات العراقية اكثر رصانة من هذه الاطاريح الفاشلة جميع المصادر حقيقة.. بعضهم سلم اطروحة دكتوراه لكلية الهندسة لاطاريح عدد صفحاتها لا تتحاوز 22 صفحة,, وأشار الدكتور جاسم الشمري عضو لجنة معادلة الشهادات العليا من الخارج صدمت لجنة معادلة الشهادات العليا بأحد الاطاريح للماجستير تخصص الكيمياء الحياتية والسريرية القادمة من ايران ان محور الاطروحة تتحدث عن انواع الاسرة لنوم الاطفال واصناف الخشب لصناعة الاسرة وبعد مواجهة الباحث عن المهازل المكتوبة داخل الاطروحة رمى اللوم على المعقب الايراني وصاحب المكتبة الذي كتب الاطروحة مقابل 400 دولار علماً ان الطالب حصل على درجة امتياز في الماجستير من جامعة فردوسي ولم يطلع الباحث (صاحب الاطروحة) عمًا موجود داخل هذه الاطروحة من مهازل سخيفة لا تمت للعلم بصلة هذه الحادثة ادت الى استقالة الدكتور سعد الطائي من لجنة معادلة الشهادات العليا وخرج من القاعة بحالة من العصبية والانفعال الهستيري وقدم استقالته بشكل فوري
وكان رئيس تجمع أكاديميون بلا حدود العراقي جلال الزبيدي قد وجه في وقت سابق , مذكرة قانونية إلى وزير التعليم العالي في العراق حول الشهادات المزورة من الجامعات اللبنانية والايرانية طالب فيها بأن يشكل مجلس علمي رفيع المستوى لفحص الشهادات الجامعية لحملة الدكتوراه ما بعد سنة 2003، وقال فيها إن ما أثار حفيظتنا وامتعاضنا ما تتعرض له سمعة الجامعة العراقية وعموم التعليم العالي من تشويهات ومطبات عديدة بسبب شيوع ظاهرة تزوير الشهادات العلمية، الماجستير والدكتوراه، بنحو لم يحصل له مثيل في التاريخ المعاصر للجامعة العراقية، بخاصة ونحن أمام لوبي كبير من المسؤولين الكبار لرجال الدولة العراقية ممن وجهت إليهم تهم التزوير أو توشحوا بها، في سعيهم المشبوه للحصول على شهادة الماجستير أو الدكتوراه، وهم ليسوا أهلا لها. وشهادة الدكتوراه بالنسبة إليهم لا تعدو أن تكون أكثر من “برواز محنط” يوضع على حائط الدجل السياسي, ونبه كاتب المذكرة وزير التعليم العالي إلى وجود نوع من التراخي وتبادل الخدمات بين قسم البعثات ودائرة معادلة الشهادات مع كبار المسؤولين من رجال الدولة، الذين استغلوا مناصبهم الوظيفية ومواقعهم السياسية وضغوطات أحزابهم للإفلات من منظومة القيم القانونية الإلزامية هذه لمعادلة شهادات الدكتوراه، مؤكداً “أمامي العديد من أسماء أعضاء مجلس النواب والوزراء والقضاة ممن، للأسف، حصلوا على معادلة شهاداتهم خارج الضوابط القانونية لوزارتكم، لا بل أغلبهم حصل على شهادته من الجامعة الإسلامية بلبنان غير المعترف بها لا من الحكومة اللبنانية ولا من الحكومة العراقية (..) نطالبكم بمراعاة واحترام أحكام القانون واتخاذ الإجراءات الشجاعة بسحب الاعتراف بالشهادات خارج الضوابط القانونية وبأثر رجعي
يعدّ قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 التزوير جريمة مخلة بالشرف، حيث نصت المادة 289 من القانون المذكور على أن يعاقب على جريمة التزوير “بالسجن مدة لا تزيد على 15 سنة لكل من ارتكب تزويراً في محرر حكومي”. بالإضافة إلى المادة 291 من قانون العقوبات العراقي التي تشير إلى أن جريمة التزوير “يستحق مرتكبها العزل عن منصبه واستعادة كافة الرواتب التي صرفت له, ولعل من أبرز أهداف هذا التزوير تمرير كوادر “علمية” إلى مواقع مؤثرة في مختلف المواقع الحساسة لإجهاض أي فكرة للتطور في مؤسسات التعليم العالي في البلاد، وهذا ما يفسر، بوضوح، سبب الانحدار المتسارع في مستويات التعليم العالي العراقي، ومن يقف وراء فشل العراق في الحصول على موقع متقدم في التصنيف العالمي للتعليم الجامعي الذي تجريه الدوائر العالمية المعنية ومفارقة المعايير العلمية والمهنية التي تحفظ للدولة المعنية مكانتها العلمية بين الدول،وللاسف نجد الفاسدين المزورين في العراق “يحكمون ولا يحاكمون ، لذلك استشرى الفساد في الجوانب كلها، وكانت الجامعات هي الحاضنة الكبيرة لمرتع الفساد هذا مما تسبب بتشويه الصورة التاريخية المجيدة والناصعة للجامعات العراقية والموروث العلمي الرصين الذي تركه قادة الحركة المعرفية العراقية,,وتعزى أسباب شيوع ظاهرة التزوير الأكاديمي إلى تراخي القضاء العراقي في ملاحقة هذا السلوك المشين الذي بدأ يتجذر تدريجياً في مؤسسات الدولة العراقية وأجهزتها، وإلى وجود شكل من أشكال التخادم الذرائعي بين أجهزة وزارة التعليم العالي ومراكز قوى الفساد الريعي في مراكز صنع القرار. ولهذا نجد أن الكثير من دوائر الدولة العراقية وأجهزتها تفتح أذرعها صاغرة لهذا الغزو الظلامي من أصحاب الشهادات المزورة من كبار رجال الدولة؛ وزراء وسفراء وأعضاء مجلس النواب وقادة أحزاب متنفذين، ممن كانوا يعانون من نقص في المال والجاه، فجاءهم المال وبقي الجاه، فلم يجدوا غير شراء الشهادات المزورة لشراء جاه مزيف كاذب ,, نواب ومسؤولون يحاولون التحايل على القانون من أجل الحفاظ على تداول المناصب بين الوجوه السياسية الحالية، وهذا ما أنتج تقليداً سياسياً يبيح مخالفة القانون، والإضرار بمصلحة الشعب، من أجل الحفاظ على مكاسب هذه الفئة الشخصية, وطالبوا بالعفو عن المنتسبين المزوّرين وثائقهم الدراسية، الأمر الذي يُعدّ مخالفةً صريحةً للبند 289 من قانون العقوبات العراقي، الذي ينص على أنه “يعاقَب بالسجن مدةً لا تزيد عن خمس عشرة سنة، كل من ارتكب تزويراً في محرر رسمي (وثيقة رسمية)، ما أثار موجة سخطٍ في مواقع التواصل الاجتماعي وقتها,
ومن الأمور الواجب اتخاذها من أجل الحد من ظاهرة استخدام الشهادت المزورة، يجب تطبيق الاحكام الواردة في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل، وتصل العقوبة على المزور الى 15 سنة استناداً الى احكام المادة 290 من القانون المذكور، بالاضافة الى تحديد المؤسسات العلمية الرصينة التي تعتمد الشهادات الصادرة عنها، وعدم قبول اي شهادة اذا لم تكن من جامعة او مؤسسة علمية رصينة تعتمدها الدولة العراقية وفق القوانين والتعليمات, كما ندعو الى التوسع في تشريع قوانين ملزمة تُتبع للحصول على الشهادة الدراسية، وعدم اعتماد اي شهادة من خارج العراق ما لم تكن من جهة رصينة يحصل عليها الطالب وفق اجازة دراسية من الجهات ذات العلاقة، ومتابعة من هذه الجهات لحين حصوله على الشهادة والتأكد من صحتها,, وعلى المؤسسات العلمية العراقية المعتمدة نشر اسماء الطلبة الحاصلين على الشهادات منها في مواقع خاصة بها، ليتسنى للجميع الاطلاع عليها وعدم قيام المزورين بتقديم شهادات مزورة عن هذه المؤسسات، وبالتالي استخدامها باسم هذه المؤسسات الرصينة, وعلى الرغم من الإجراءات التي اتّخذتها وزارة التعليم العالي،حاولت بعد ذلك أن تؤسس للدولة العراقية، خصوصاً بعد عام 2005 وان تعيد قيمة الشهادة والوثائق، غير ان الموضوع تغير بشكل آخر، بمعنى ان الكيانات والاحزاب السياسية التي سيطرت على القرار السياسي بدأت تستثمر نفوذها في سبيل الحصول على اكبر قدر ممكن من المغانم، وواحدة منها الشهادات الجامعية, ومنذ ذلك التاريخ اصبحت لدينا تخمة كبيرة جداً من حملة الشهادات وأغلبها بعيدة عما يدور بالعقل العراقي، سواء العلوم التكنولوجية أو الطب او الدراسات الانسانية او العلوم الصرفة، والمغزى من ذلك هو الحصول على لقب علمي او معالجة عقدة ترضي ذلك الشخص الراغب بالحصول على اللقب العلمي, للاسف هنالك محاولات لمساواة الالقاب العلمية حتى بشكل خارج عن السياقات الاكاديمية، بمعنى أن كل من يحصل على شهادة معينة يستطيع معادلتها وبالتالي يحصل على لقب علمي، لا يزال العديد من أصحاب الشهادات المزوّرة يتولّون مناصب ووظائف عليا، والحمايات تبدأ من أعلى الهرم، والمزوّرون سيتابعون ما اعتادوا أن يقوموا به في بلاد لا تنتهي فيها ملفات الفساد، إلا إلى أدراج مكدّسة بأسماء تُغرق البلاد في المجهول.