8 أبريل، 2024 6:37 م
Search
Close this search box.

الشهادات العليا، برستيج اجتماعي دون تأثير واقعي

Facebook
Twitter
LinkedIn

ازدات و تحولت تظاهرات حملة الشهادات العليا في المحافظات العراقية الى ظاهرة شبه دائمة بحثا التوظيف وفرص العمل، فاعداد حملة الشهادات العليا كبيرة واكثرهم عاطلين عن العمل او يعملون في غير اختصاصهم، بالمقابل فرص التوظيف في دوائر الحكومة محدودة قد لاتستوعب كل هذا العدد وهنا تظهر مشكلة كبيرة تعود على الطرفين “الحكومة و حملة الشهادات”

اولا: مشكلة الطلبة

شهادة عليا بدل الجلوس في المقهى

الشهادة العليا قيمة علمية معرفية كبيرة تبدأ بفرضية او معضلة او قضية علمية او عملية (تستحق البحث و الدراسة لعامين او ثلاثة) لتستنتج وتكشف عن نتائج و معلومات جديدة حول الفرضيات والمعاضل التي درستها وبذات الوقت تكون مفيدة في الجانب العملي ” تغيير طرق عمل نحو الافضل” او العلمي “ابتكارات ومعلومات لم تعرف سابقا” او المعرفي “لنميز ان الاسلوب او الحالة أ افضل من الحالة ب في مجالات معينة”.

حاليا لدى ( بعض الطلبة ) صارت الدراسة العليا بديل عن الجلوس في المقهى او البيت او نمط دراسي “بكلوريوس ماجستير دكتوراة” مرة واحدة دون توقف وكأنها سلسلة لاتنقطع، كما ان مكاتب دراسية دخلت على خط الشهادات العليا لتوفر دراسات وبحوث و نصوص جاهزة يتم استخدامها في رسائل الدراسات العليا فتصبح “دراسة تجميع” وليست “تاسيس من الصفر”، وطبعا اذ لم تكن رسالة الماجستير و الدكتوراة جاهزة اصلا او يتم الاستعانة بشخص ليجهزها، بالتالي لم تعد هذه الدراسات ذات قيمة علمية بل مسمى وبرستيج و اضافة على الراتب في حال التعيين.

الدول الغربية لا تريد الدراسات العليا.

خلال عيشي في الولايات المتحدة لاحظت ان نسب المتقدمين للدراسات العليا قليل جدا ونسب المقبولين اقل و الدراسة مرتفعة التكاليف بشكل كبير، والسبب في ذلك هو

١. من يود الدخول الى الدراسات العليا يجب ان يكون اما موظف بدرجة كبيرة لديه القدرة على دفع التكاليف او ان المؤسسة ستدفعها له او ان عمله القادم والذي يوفر راتب عالي يتطلب منه شهادة ماجستير او دكتوراة

٢. القضية التي يود الطالب دراستها ستعود بفائدة كبيرة له من الناحية العلمية و المادية و تعود على المجتمع والمشرف و الجامعة بفوائد عملية او مادية كبيرة بالتالي تستحق الاجور المالية الغالية

٣. اساتذة قسم الدراسات العليا لا يضيعون وقتهم و جهدهم باقتراحات دراسية عامة ومكررة بل يبحثون عن اقتراحات دراسية مميزة و جديدة تضيف لهم و للجامعة و للمجتمع بالتالي لا يقبلون من المتقدمين للدراسة العليا الا القليل وقد يرفضون بعد ذلك حتى المتقدمين المقبولين لان الاقتراحات لا تظهر انها مجدية بعد دراستها جيدا.

٤. مؤسسات الدولة لا تفضل ابدا وقطعا ( خريجي الدراسات العليا في التعيينات الحكومية ) والسبب انها ملزمة بحسب القانون ان تدفع لهم راتب اعلى مقابل ( انعدام خبرة خريجي الدراسات العليا العملية ) لذلك يتم توظيف خريجي البكلوريوس لتوفير النفقات و بناء خبراتهم داخل العمل وبعدها اذا كانوا يودون الدراسة العليا لزيادة رواتبهم فذلك ممكن لكن ( بعد ان يستاذنوا المؤسسة وبخلاف ذلك قد يستغنى عنهم في حال مطالبتهم بزيادة الراتب لحصولهم على شهادة عليا و المؤسسة لا تستطيع تطبيق ذلك)

الطلبة في الدول الغربية لا يفضلون الدراسات العليا.

وهي من الغرائب التي لاحظتها انهم لايفكرون في دراسة عليا والسبب انهم يتجهون بعد شهادة البكلوريوس الى سوق العمل مباشرة للحصول على

١. خبرات عملية في الوظيفة الحكومية او في القطاع الخاص.

٢. استثمار المورد المالي في اعمال خاصة مثل تاسيس شركات و الدخول في شراكات بدل صرفه على شهادة عليا.

٣. العمل لفترات طويلة داخل المؤسسات الحكومية او الشركات الخاصة او الاعمال الخاصة يُظهر قضايا تستحق الدراسة مثل ( دراسة اساليب التحويل المالي عبر القارات لتسهيل هذه الخدمة اكثر، او دراسة سمعة الشركة الخاصة لدى الزبائن و السوق وهكذا) اي تكون الدراسة على قضية ضمن العمل لتكون نتائج الدراسة مطبقه في المؤسسة او الشركة.

٤. التهيئة المسبقة للدراسة العليا، وتكون عبر قراءة الكتب و البحوث و اكتساب الخبرات و المعرفة في مجال العمل و الاطلاع على دراسات اخرى والشعور بالرغبة بالبحث و التطوير والاستعداد النفسي و الذهني و الوقت المتوفر ليكون بعدها البدا بالدراسة العليا.

ثانيا: تشريعات حكومية خاطئة.

يجب على الحكومة ان تصدر قانون تفضيل خريجي البكلوريوس في التعيين لاسباب منها.

١. سحبهم الى العمل الحكومي بشكل سريع لبناء الخبرات الوظيفية داخل العمل.

٢. ان تقدم دوائر الدولة للموظفين الراغبين في الدراسات العليا مشاكل تواجها الدوائر ويتم اخذها كموضوع دراسة في الدراسات العليا لتكون نتائجها مطبقة على ارض الواقع.

٣. ان تفرض على الموظفين ان تكون دراستهم العليا بعد مدة ليست قصيرة من التعيين ليكون لديهم منظور و فكر و قدرة على البحث و التطوير مبنية من خلال العمل.

٤. وان يكون الراتب لحملة الشهادات العليا الذين لا يملكون خبرة عملية في مؤسسات الدولة مساوٍ لحملة شهادات البكلوريوس لتشجيع الخريجين على العمل مباشرة دون الذهاب الى الدراسات العليا الا بعد حين

بالنهاية اود الاشارة الى ان في العراق عدد كبير جدا من حملة الشهادات العليا قد يفوق دول اوربية لكن تاثير “نتائج البحوث و الدراسات العليا” على مؤسسات الدولة وسياق العمل و تطور البلد غير موجود وذلك بسبب الخلل الكبير في طريقة الحصول على الشهادة العليا و توظيفها في مؤسسات الدولة التي لا تستفيد منهم بدورها.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب