7 أبريل، 2024 7:09 م
Search
Close this search box.

الشعوب الشرقية ودكتاتورية الصناديق

Facebook
Twitter
LinkedIn

كما هو معلوم ومفهوم ومتفق عليه بشكل كبير إن النظام الديموقراطي من أفضل ماتوصل إليهِ البشرية من أنظمة الحكم وأن الدول التى تحكم بهذا النظام وتدير أمور بلادها وشعوبها بها، هى من أنجح الدول على المستويات السياسية والإقتصادية وحتى إنها غالبا أقوى من الناحية العسكرية وإنها الأكثر إستقرارا امنيا، وأن شعوبها هى الأكثر رفاهية وسعادة وأكثر حبا لبلدانها، وتكون مستقطبة لا نافرة يقصدها الناس من كل العالم .
ومع أن هذا النظام يحمل فى ثناياه كل هذه الميزات الذى ذكرناه واكثر، إلا انها تعتبر من أكثر الأنظمة هشاشةً وتعقيدا فى نفس الوقت وشروط تطبيقه على ارض الواقع معقدة و تتمتع بحساسية بالغة، وتتطلب توازناً مثاليا بحيث إن فقدان اى من شروطها و أى إختلال ولو كان بسيطاً فى توازنها يفقده معناه ولايعود يعتبر نظاما ديموقراطياً حينها.
فبعسك الأنظمة الديكتاتورية التى لاتتطلب أكثر من حاكم مستبدٍ ظالم و شعبٍ مستكينِ جبان لكي تتحقق فإن الديموقراطية نظام متتطلب تطلب الكثير، أكثر من ما نعرفه عنها او ما نمارسه من ممارسات جوفاء لا تمت بصلة فى جوهرها الى هذا النظام إلا شكلاً وإجراء عملية إنتخابية دورية عقيمة غير منتجة ظانين بأنفسنا خيراَ متوهمين على إنها هى الديموقراطية بعينها والتى لم نختبر سواها من مزايا هذا النظام الرائع.
فنحن الشعوب الشرقية وبالأخص الأوسطية منا إختزلنا سائر العملية فى الإنتخابات فقط والتى لم تنتج لنا الا ديكتاتورية من نوع اخر وهي (دكتاتورية الصناديق).
فكل ما أنتجتها تلك ألانتخابات عندنا في العراق هي حكومات مسخة غير قادرة على العطاء وفاسدة حتى العظام مشوهة مهملة للشعب وإحتياجته أدت بالبلد الى جرفُ هارٍ و خرابً وفقر مدقع فى ظل وجود كل هذهِ الخيرات.
وهذا ماأتحدث عنه عندما أقول أن النظام الديموقراطى نظام متتطلب فهي تتطلب اكثر من أجراء إنتخابات مزورة فى مجملها لا تعبر عن إرادة الشعب الحقيقية لإنها غالبا ماتجرى فى ظروف غير طبيعية و تحت تأثير عوامل الفقر والجهل و عدم إدراك ماهية وأهمية عملية الإنتخابات.
فبرأيى المتواضع من أهم متطلبات الديموقراطية هو وجود شعبٍ واعُ بحقوقه مدركٍ لها متابعٍ غير مهمل لها وهي ركيزة أساسية و حيوية لأنجاح اى نظام ديموقراطى فبدون شعب واعي تنهار النظام وتتحول الى نظامٍ مسخ غير معلوم الملامح كما هو الحال عندنا.
فمن اهم شروطها أن يدرك الشعب أنه هو المصدر الوحيد للسلطة ولا سلطة تعلو عليه ، وهو من يخول ويختار من ينوب عنه وأؤكد على كلمة ينوب عنه فى ممارسة بعض هذه السلطات لتسيير أموره عن طريق انتخابات حرة نزيهة لاتشوبها شائبة التزوير، والإدارة المنبثقة عن هذه الأنتخابات يجب ان تكون مسئولة و هدفها الوحيد وشغلها الشاغل هو خدمة الشعب.
وأيضاً من الشروط الأساسية للتحقيق الأمثل لهذا النظام هو الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وأن تكون هذهِ السلطات مراقبةَ لأداء بعضها البعض وهذا العنصر هو الأخر مفقود من أنظمة حكمنا، فنرى فى كثيرٍ من الأحيان أن السلطة التنفيذية هى السائدة على السلطتين التشريعية والقضائية التان تأتمرانِ بأمرها وهذا هو قمة الإنحطاط والخلل بعينه فى أى نظامِ حكم، وحتى ان هناك آفة أكبر إذ إن هذا البلد تدار فى أغلب الأحيان من خارج هذه السلطات المعروفة، من قبل الأحزاب وحتى القوى العشائيرية و حتى الأشخاص النافذين، والأدهى والأمر أن المذكورين أعلاه مجملاً يكونون من الذين يأتمرون بأوامر خارجية.
وهذا هو ابتلاء الشعوب الشرق اوسطية ونحن العراقيين فى صدارتهم ونحمل لواء إبتداع هذا الوحش الذى سميناه بهتاًنا بالنظام الديموقراطي الذى كان وظيفته الوحيدة ولاتزال هي إُيصال المنتفعين والسراق لسدة الحكم وتسليمهم بغير وعى مغيبين بتأثير إيحائات الطائيفية المقيتة مفاتيح خزائن هذا البلد والأكثر من ذلك تسليمهم مصائرنا ومصائر الأجيال القادمة الذين سوف لن يرحمونا إن بقينا على هذا الحال ولم نحرك ساكنين.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب