استميحكم عذرا اذا ماتكلمت اليوم عن ايران . حيث يبدو لي انه لايحق لاحد
التكلم بالضد من الجمهورية الاسلامية ، اما لكونها قائدة محور المقاومة او الممانعة . او لاسباب اخرى لانعرفها
المهم اننا نجد في العراق وعلى رؤوس الاشهاد نمطا من معاداة كل ماهو عربي في العراق . فالعروبة اصبحت تطلق على عرب الخليج . كما تم تسمية العرب بالعربان تصغيرا لشانهم . وقد اعرب بعض المسؤولين الايرانيين عن اشمئزازه من الكوفية والعقال . والبعض منهم يسمون العروبة بالجاهلية . وهناك مطالبات ببن الفينة والفينة للتخلي عن العرب والتمسك بالدين او بالطائفة كبديل عن القومية العربية . كل ذلك لتبرير التدخل الايراني بالعراق او بالمنطقة العربية . وقد ساعد هذا الاتجاه انصراف العرب الى مشاكلهم الداخلية . خصوصا بعد سقوط الانظمة التي كانت تدعي حرصها وامانتها على القومية العربية . فحل الاسلام السياسي محل القومية العربية . ولم يكن ذلك محض صدفة بل قد جرى العمل عليه منذ امد بعيد وهناك دراسات كثيرة لتقسيم العرب او تفتيتهم على اسس طائفية او دينية وعلى غرار ماتم في السودان . وقد وجدت ايران الفرصة سانحة للعمل على تصدير الثورة الاسلامية الى الدول العربية ابتداء من العراق وسوريا . وقد كان الهدف اساسا هدف قومي فارسي معادي لكل ماهو عربي وقد اتخذ صبغة اسلامية ، وفي وقت لاحق طائفية . انها الشعوبية الجديدة
والشعوبية (لمن لايعرفها )حركة قديمة ظهرت للعيان في بداية العصر العباسي . وهناك من يرجعها الى العصر الاموي . . وهذه الحركة تهدف الى تفضيل العجم على العرب ، والانتقاص منهم . ويقول المؤرخون انهم يصغرون العرب ولا يرون لهم فضلا على غيرهم . وقد انتشرت الشعوبيةابتداء بين المسلمين الفرس لانهم اول من دخل الاسلام من غير العرب . وكانوا يعتقدون بانهم اكثر تحضرا من العرب ، خصوصا بعد ان قام المسلمون العرب بفتح بلاد فارس . بعدها ظهر شعوبيون اتراك وغيرهم
مايعنينا الان ان هذه الحركة الشعوبية قد عادت للظهور بشكل واسع بعد الثورة الخمينية في ايران ، وقد اتخذت مظهرا دينيا وطائفيا لتسهيل انتشارها والتغطية على الاطماع القومية لبلاد فارس . . وقد كان العراق عبر تاريخه ساحة حرب وسجالات بين الدولة العثمانية والدولة الفارسية لما له من اهمية ستراتيجية وتاريخية
واذا مانتقلنا الى العصر الحديث . نرى ان الحرب العراقية الايرانية قد قامت اساسا لمواجهة تصدير الثورة الاسلامية الى العراق والدول العربية . وقد كنا معارضين لهذه الحرب في وقتها . الا اننا بعد ذلك علمنا مدى خطورة التوسع الايراني في المنطقة تحت غطاء ديني . ويبدو ان الامريكان قد منحوا ايران الكارت الاخضر للتوغل في العراق وسوريا مقابل الاتفاق النووي في عهد اوباما . . وهكذا امتدت الامبراطورية الايرانية الجديدة الى البحر المتوسط بعد ان تمت السيطرة على ارض العراق وسوريا ولبنان . . حتى صرح مؤخرا احد قادة الحرس الثوري بانه تم تحقيق البعد الاستراتيجي الاسلامي في العراق وسوريا ، وذلك للدلالة على نجاح التوسع الايراني في العراق وسوريا تحت لافتة الاسلام والمقاومة الاسلامية
نعم انهم نجحوا في التوسع الشعوبي ليس في العراق فقط بل في المنطقة العربية ايضا . ولعلهم لايعلمون او يتجاهلون ان من مكنهم من التوسع في هذه المنطقة الحيوية والخطرة ، هم نفسهم سيردوهم الى حدودهم الدولية السابقة ، لانها لعبة دولية ، ولن تنجو ايران منها رغم اسلحتها وصواريخها بعيدة المدى والتي بدأت تهدد بها منذ الان مما سيعجل بالارتداد عليها بطرق شتى
وعندئذ فقط ستدرك ايران عظم الوهم الذي وقعت به في التوسع الشعوبي في العراق لتحقيق الحلم الامبراطوري الفارسي القديم الجديد . وقد كان الاجدر بها فتح صفحة جديدة من التعاون والتنسيق مع العراق ومع دول الجوار بما يخدم مصالح شعوب المنطقة بما فيها الشعب الايراني الشقيق . بدلا من جعل نفسها عدوا جديدا للعرب وفي هذا خسارة وضياع للمال والجهد وتشتيت الجهود لمحاربة عدو يفترض انه مشترك
ان العراق سيعود كما كان دائما عربيا وستنتهي الشعوبية الجديدة كما انتهت سابقا . لان ارضنا عربية وتاريخنا عربي والنبي عربي وآل بيته الاطهار سلام الله عليهم عربا ولان العمائم السوداء عربية والقرآن عربيا.