والشاعر ,,فيلسوف مختبيء خلف نظم ابياته وقوافيه ,,
ومما لا شك فيه أن الحديث عن اقتران الشعر بالفلسفة،,, كمصدرين رئيسيين للوعي،,, سوف يثير حفيظة الكثير من الناس الذين تعودوا أن يفصلوا فصلا حادا بينهما ,,,,
وكيف لا يكون ذلك،,, وهم يعتقدون أنهم يعرِفون الفلسفة التي تمثل في نظرهم التعبير الأكمل عن الجهد العقلي المنظم الذي لا يتعامل إلا مع الحقائق,, ولا يعنى سوى باليقين،,, ولا يستخدم إلا البراهين،,, وبذلك يختلفون في تعريف الشعر الذي لا يمثل في نظرهم سوى تهويمات خيال ومشاعر غامضة,,,
فالفلسفة رؤى العالم ,,ومحاولة جادة لمعرفة الروح ,,
والشعر,,صور العالم ,,,ومرايا الروح ,,
وكلاهما,,يبحث في جمال الطبيعة ,,وفي سحر ما وراء الطبيعة,,
لذا تجد ان الكثير من الفلاسفة ,,هم شعراء في الأصل والتكوين,,
كما تجد ان الكثير من الشعراء ,,هم فلاسفة في الأصل والتكوين ,,
ولامناص من ان للفلسفة وللشعر في الأصل منبعا واحدا,,
فأفلاطون نفسه يقول “إن منبع الفلسفة هو الدهشة”,,
ويقول أرسطو ” الدهشة التي اعترت الناس يعزى أنهم يبدأون،,, الآن كما بدأوا أول مرة،,, في التفلسف” ,,,,
ومن ذا يماري في أن الدهشة هي المنبع الأصيل لكل شعر حقيقي أيضا,,,
ومثلما تبحث الفلسفة عن الحقيقة ,,فان الشعر يسعى دوما لاكتشاف تلك الحقيقة ,,
ولانبالغ اذا ما قلناان الشعر في أعلى مستوياته ليس بخلق،,,
ولكنه اكتشاف ووحي وعودة إلى حقائق أساسية,,
ورد واستبعاد لكل المظاهر لكي نعود إلى الوجود وتهديم للعالم المصنوع بعاداتنا طموحا للكشف عن عالم أكثر صحة ونقاءا ,,
هذا جعل من البعض يتخوف من ان تنسى الفلسفة مهمتها التي وجدت من اجلها,,,
بينما يبقى الشعر وفيا لاكمال تلك المهمة ,,
مهمة البحث عن الحقيقة ,,,