22 ديسمبر، 2024 8:53 م

الشعر الشعبي الى اين !!

الشعر الشعبي الى اين !!

اعترف مسبقا انني كنت قد اوقفت ذاكرتي عن تخزين ما اسمعه من شعر شعبي لأسباب تتعلق بغيابه الابداعي اولا ولحضور الاسفاف اللفظي فيه ثانيا، وحين طلب مني ان اكون ضمن لجنة تحكيم مسابقة للشعر الشعبي تضم الشاعران محمد المحاويلي وضياء الميالي والفنان كاظم القريشي باشراف شبكة الاعلام العراقي وتحمل عنوان ” شاعر العراقية” ترددت مع نفسي خشية ان اسحب كل خزين رفضي لما يتناثر في المشهد الشعري الشعبي واكون عنصرا سلبيا في تقييم شعراء شباب لا بد ان يجد صاحب الموهبة فيهم تشجيعا ومؤازرة، ثم عدت للاستدراك واغلاق ترددي والدخول في تقبل الفكرة مشترطة مع نفسي تحمل مسؤولية المواجهة ومن منطقة تواجدي حتى وان لم تكن ذات مساحة كافية.
شباب بعمر العشرينات من كل جغرافية العراق اسمعونا هواجسهم ،افكارهم ،اصواتهم، عقولهم، وعيهم، رغباتهم، ازماتهم، واحلامهم المؤجلة.. كنت اصغي بعقل استقبل شعرسبعيني مميز بالأفكار المنتجة للتحديث واعطي من تلك الزاوية تاريخا جديدا يتقبل مسار الزمن وتغيير الامكنة وغياب الهويات وضعف الوعي وتشتت القراءة الممنهجة وغياب النقد الموجه وتفتيت قاعدة لغوية لا بد لها ان تقف بصلابة امام من يحاول سحبها الى المجهول، توالت الحلقات وبدأت استعيد توازن ذاكرتي وهي تسمع جيلا مختلفا متحديا يؤشر الخلل ويبحث عن طرق انهاء ازمات المجتمع بشفافية تقترب من فكرة لمس الجرح وايقاف نزف الصديد.. كان الشعراء يحاولون جاهدين سحب لجنة التحكيم الى عقولهم التي اعطتني تجربة مضافة تقول ، انصتوا جيدا لما يريد ان يخبركم به هذا الجيل الذي عاصر زمن القتل والدمار والتهجير وبقي عصيا على الاستلاب المتكامل محاولا ايجاد الحلقة المفقودة في مساحة شعرية تعرضت للكثير من النكوص.
الشعر الشعبي بكل انواعه عاش زمنا ذهبيا حين كان الاقرب الى كل الشرائح بفعل اللهجة المحلية القابلة للدخول بلا استئذان للاصغاء والحفظ والترديد، وان كان قد استفحل فيه في وقت ما صور تزيين الموت والحروب والصراع والاقصاء والمدح والتكسب ، فأن عليه الان بعد ان انتج جيلا محصنا بذائقة رصينة انتجتها هذه المسابقة التي تحسب نتائجها الايجابية لشبكة الاعلام العراقي ، ان يقدم ما يكمل رصانة المشهد عبر تحليل الصورة الشعرية وايجاد مسالك تقدم اضاءات مهمة لتشذيب اية نواقص او ثلمات قد تاخذ مساحة تترك بصمة خاطئة في حالة تحتاج الى النقد والتقويم ورسم خطة عمل ايجابية تشجع على ترصين اللغة والقراءات والتثقيف الذاتي والوعي الجمعي بأهمية الكلمة المبدعة .