تتعالى الأصوات يوما بعد آخر مطالبة بالإصلاح والتغيير ولا بد إن الشعب قد بلغ ذروة التعب وأدرك انه يمر بمرحلة هي الأعلى والأشد عسرة عليه وإنها من المؤكد ألأشد قسوة من سنوات شعب نبي الله يوسف على نبينا واله وعليه السلام العجاف المعروفة التي ذكرها القرآن الكريم حتى بلغ به المبلغ هذا الحد من الغليان فبات لسان حاله العالي ينطق بأنه لا يحتمل أن ينقضي يومه إلا بشق الأنفس ومطالبته بلا جدال هي حقه الشرعي والدستوري الذي كفله القانون حيث يوجب على الدولة أن تضمن للمواطن حياته وتضمن له المحافظة على إنسانيته كأبسط حق من حقوقه وللأمانة يجب أن نذكر إن كل الكتل السياسية المشاركة بالحكومة ساندت المطالب الشعبية وكل السياسيين نادوا بما بمطلب أبناء الشعب العراقي والجميع طالب بالكشف عن الفاسدين والمفسدين وسراق المال العام أي إن الجميع بلا استثناء لقومية او دين او مذهب او طائفة تبنى المطلب الشعبي واشترك في ركوب الموجة التي أصبحت عارمة ويحاول أن يطفو فوق سطحها ولا يغرق فيضيع في طوفانها الجارف العارم حتى أصبح الجميع يشكك بالجميع واختلط الحابل بالنابل وتاه اللص من الأمين ولا يعقل أن يكون الجميع لصوص كما ليس من العقل أن يكون الجميع مؤتمنين على الأمانة وبخلافه أين ذهبت الثروات والأموال الهائلة التي دخلت موازنات العراق على مدى السنوات القليلة الماضية إلا إن المنصف المتتبع للشأن العراقي لابد له أن يدرك إن الشعب العراقي قد سلك الطريق الخطأ في هذا المشهد والمطلب بالذات لأنه منذ البداية يعرف من سرق أمواله وسكت عنه أو ربما ساعده حتى استعلى وتمكن من زمام الأمور ورقاب العامة ومن ثم نطق وعلى صوته بعد أن فات الأوان .
المستغرب في الأمر إن كل الكتل السياسية تطالب بمحاسبة الفاسد والسارق والجميع عندما تتاح له فرصة الحديث في وسائل الإعلام وما اكثرها وتعدد اتجاهاتها ومذاهبها السياسية يتهم جميع زملاءه بالفساد ويقدم الأدلة على ذلك والأكثر غرابة إن القضاء لا يحرك ساكن والمسئول في أي موقع تنفيذي ينظر وكان الأمر في دولة أخرى غير العراق والادعاء العام وأنا لا افقه في القانون كأنه في غفلة عن هذا ولربما كان ولا زال يتصرف بحدود الواجبات وما رسم له القانون .
المهم وما يعنينا في الأمر إذا كان كل مسئول في موقع قيادي في السلطة التنفيذية أو في السلطة التشريعية المعنية بمراقبة أداء الأجهزة الإدارية يدعي بالدراية والاطلاع على ما يسرقه الآخرون ولديه وثائق وأدلة الإدانة الدامغة والشعب أيضا يدعي بأنه يعرف من سرق ثرواته وأوصله إلى هذا الحال فلماذا لا يلجأ المتضرر “المقصود هنا الشعب” أو الشاهد صاحب الضمير الوطني الحي من المسئولين إلى القضاء لمقاضاة السارق ومحاسبته لينال ما يستحق واسترجاع المسروقات إلى أهلها ولماذا كل من هؤلاء ينتظر من غيره أن يحرك ساكنا وهو يقف يتفرج حتى ما إن صار المتهم في خارج البلاد طالبناه بالحضور لمحاكمته أو أصدرت عليه محاكمنا أحكاما غيابية فمن ساعده على الهرب ولماذا؟ وطبعا كلنا نعرف قصص السيد وزير الكهرباء الأسبق أيهم السامرائي والسيد عبد الفلاح السوداني وزير التجارة الأسبق كأمثلة على ذلك لا حصرا لحالتهم ؟
وبالعودة إلى مشكلتنا الشعبية المهمة وربما هذا لم يكن متوقع أبدا أن يختلف السادة أعضاء مجلس النواب فيما بينهم وينشطر برلماننا إلى شطرين أو ربما أكثر وطبعا كل طرف يدعي انه يمثل المطلب الشعبي وكل يسير بخطوات ثابتة للوصول إلى أهدافه والله اعلم بما تخفي سرائر النفوس والله اعلم بما سيأتينا به الغيب غدا فكل يوم نصبح أو نمسي بمفاجئة جديدة …. نعم قد تكون ضمن توقعات البعض أو رجمهم بالغيب أو قد تكون في دائرة ما خطط له البعض الآخر من ذوي النفوذ والقوة لكنها بالتأكيد مفاجئة لنا نحن عامة الشعب البسطاء ولكننا أيضا على يقين تام إن دوام الحال من المحال خصوصا إننا ندرك أن اغلب الأطراف المتقاطعة لا تعبر عن رأيها بل تدافع وتقاتل باستماتة عن متبناها لتلبية مصلحتها الخاصة وعن كراسيها وامتيازاتها أولا وعن الجهات الخارجية المساندة والداعمة لها ثانيا بدلالة التحركات السريعة واللقاءات التي قامت بها بعض السفارات الأجنبية مع أطراف النزاع المختلفة ولكن حتما سينتهي هذا النزاع بطريقة ما وبعدها هل يستطيع الفائز منهم أن يحقق لنا مطالبنا البسيطة التي لا تتعدى توفير الخدمات والأمن والأمان وكم سننتظر من الوقت لذلك ؟ فإذا كان السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر ألعبادي يقول إن حكومته قد أنجزت الجزء الأعظم من برنامجها وقد وصلنا إلى هذا الحال والبؤس في كل شيء والفرقة والتشرذم فماذا سيكون حالنا لو إنها لا سامح الله قد فشلت ؟
بناءا على ما ذكرنا وما لم نذكر مما يدور في أفكار الناس أنا اقترح على إخواني المتظاهرين والمعتصمين وعلى السادة أعضاء مجلس النواب الكرام الذين يتبنون المطالب الشعبية كما يدعون هم أن يرفعوا شعار الشعب يريد عصا موسى ويعملون على تحقيقه حيث سيكون أكثر جدوى والأقرب إلى تحقيق الأماني وان يعملوا منذ الآن على صناعة فانوس سحري لنقدمه كهدية وعامل مساعد لكل وزير أو مسئول في الدولة ليكون وسيلته لتحقيق مطالبنا ورغم إني اشك في أننا سوف لن نختلف على من يمسك عصى موسى كما سنختلف على حجم الفانوس السحري ولونه وشدة الإضاءة فيه إن اتفقنا على شعاراتنا هذه والله من وراء القصد.