جميل أن تحتفل الشعوب بمناسباتها سنوياً، أيام للحب والزهور والأم والطفولة، تخليد للتاريخ وإستذكار لمأثر. في كولومبيا مهرجان المعاطف، يرتديها أشخاص من تصميم حرفين للصوف المحلي ترويجاً لصناعتهم، عيد الألوان في الهند تقوم النساء برمي بعضهن بالألوان التي تدعى ” الجولال ” لتمجيد قدوم الربيع، تقليد لحمايتهم من امير الفيشونو الذي يقوم بحرق الأشخاص في محرقة كبيرة، اسبانيا في نهاية شهر أب يجتمع الألاف ليتحاربوا بالطماطة ساعة متواصلة، في عيد يسمى توماتينا يأتي 30000 سائح للمهرجان وقاعدة واحدة للأحتفال، هي عدم تطور رمي الطماطة الى شجارعنيف حقيقي بينهم.
العراق كل يوم مهرجان يعانق السماء من الإنفجارات ومئات ملايين الدولارات تهرب اسبوعياً، وسنوياً لكل منطقة وعائلة مأتم ذكرى حوادث الإرهاب.
تصريح للسيد المالكي ان الإنتخابات سيئة والمواطن غير حريص على الحكومة، متهماً المعارضين لسياسته بإستغلال الفساد المالي والإداري في الدعاية الإنتخابية، والنتائج ستكون سيئة، صرح في إحتفالية اسبوع النزاهة، وأضاف”دوافع الفساد هي سوء التربية للفرد وعدم وجود رقابة للمال العام والمال السائب لايحترم”، وسبب الفساد هو الحرية والديموقراطية، هذا ما يعني ان رئيس الوزراء يروج للقوة والعودة الى الدكتاتورية، كون الديمقراطية لا تتماشى مع العراقيين. لا اعتقد إنها زلة لسان او محض صدفة في وقت يتحدث البعض عن تأجيل الإنتخابات او إعلان حالة الطواريء وحل الحكومة والبرلمان وبقاءه في هرم السلطة لتصريف الأعمال، ثم سيطرة رجال الأمن على إدارة الدولة.
حكومة ساهية لاهية بعيدة عن شعبها، يُقتل ويجرح المئات بمسلسل يومي لا ينتهي، ملف خدمات متعثر، فساد وسرقات في وضح النهار، ينهشها تعاون الفساد والإرهاب وسوء خلق كبار المسؤولين, ثقافة يراد لها أن تعمم مجتمعياً، قطّع جسور الثقة بالنخبة السياسية.
كثيراً ما يدور الحديث في الشارع عن صفة رئيس الوزراء وما هو الرجل المناسب لقيادة المرحلة القادمة، بعد تعاقب الدكتاتوريات وحكم القوة والعسكر والتسلط, جُعل الشعب لا يفرق بين مفهوم السلطة والدولة، يعرف الحاكم إنه الدولة إذا قال قالوا، يعبث يلهو يسرح ويمرح، رضاه وفرحه ورفاهيته على حساب الفقراء، ينفق المليارات على عائلته، يقرب الحاشية، تلك هي سعادة الشعب لكون سروره يساوي سرور الملايين، هو وعائلته وأقاربه لا يضاهي أحد قوتهم، مررت هذه الشعارات لكون الشعب العراقي يحب القوة.
في الولاية السابقة، الشعار دولة القانون، صولة الفرسان والمراهنة الأمنية، تراجعت القوة والعزم إلى يقين إننا بدل البناء معرضون للفناء، عَمِدَ بعد ذلك الى تسويق إبنه، ذلك الرجل القوي للمهام الصعبة التي يعجز عنها كبار القادة.
قوة الدولة عُرفت من قوة المؤوسسات ورصانتها، فريق قوي يصنع دولة قوية، بالعدالة ومحاربة الفساد؛ أما القوة الشخصية تعني التسلط والغلبة وأخذ الحق من أهله دون رادع، وفي الديموقراطيات تبادل سلمي للسلطة وتعاون وتبادل اداوار وعمل بروح فريق واحد، وعمل بمفهوم ” العدل أساس الملك”.
من الغريب ان يقيم العراق سنويا الإحتفال بيوم النزاهة، وهو يقف في المرتبة الأولى في سلم الفساد, وكيف يشعر المواطن بقيمة نفسه والجواز العراقي ثاني أسوء جواز بعد الأفغاني، يٌقتل العشرات يومياً، يتأخر التعليم والجامعات في اسفل سلم المستويات العلمية, وبغداد مدينة السلام لا تكفي أعمدة الكهرباء لتعليق صور شهدائها، من أسوء العواصم في النظافة، إرتفاع مستويات الفقر، جميع هذه الأسباب من الفساد، أصبح أخطر من الإرهاب، ودعوى رئيس الوزراء في عدم حب المواطن للحكومة هو مقياس لإنجازاتها، وأقراره بفشل حكومة تسمى (حكومة المالكي).
وللجواب عن صفة رئيس الوزراء القادم نقول كما قال الامام علي (ع) “عففت فعفوا، ولو رتعت رتعوا ,”وصلاح السلطة سبب صلاح المجتمع وفسادها مفسدة له، ونتحتاج الى رئيس وزراء عفيف وحاشية صالحة فقط.