22 ديسمبر، 2024 7:06 م

الشعب في خدمة المسؤول

الشعب في خدمة المسؤول

هناك مثل شائع يقول (أنا وأخى علي إبن عمي، أنا وابن عمي علي الغريب) ومن هنا تنطلق فكرة المصلحة الخاصة والعامة السائدة في مجتمعنا ومجتمعات الاخرى وتقديم المصلحة الخاصة ومصلحة الفرد على المصلحة العامة ومصلحة الوطن. وتصبح هذه السلوكية اكثر خطرا عندما يسلكها مسؤول يدير مؤسسة ذات خدمة عامة لاعداد كبيرة من الناس فيفضل مصلحته الشخصية او مصلحة الاقارب اوالفئة التي ينتمي اليها (وهم بكل الاحوال اعداد محدودة) على المصلحة العامة للناس باعدادهم الكبيرة وتعد هذه الحالة من السمات الاساسية للمسؤول الفاسد وللفساد الاداري التي تزايدت قبل وبعد تغيير النظام ونتج عن هذه الظاهرة اضرار جسيمة في المصلحة العامة ومصلحة الناس ولعل تفضيل المصلحة الشخصية او الفئوية والفساد الاداري هو العامل المشترك للعديد من المشكلات الاساسية في العراق كغياب التوزيع العادل للدرجات الوظيفية والتعيين وتلكوء الخدمات بضمنها الكهرباء والمياه والصحة والتعليم والخدمات البلدية والزراعة والصناعة والتجارة ورعاية المحتاجين والمشاريع الاستثمارية والتعدي على المال العام والقائمة تطول لتشمل جميع مفاصل الحياة وطبعا هذا لايهم الفاسدين لان لهم حياتهم المرفهة الخاصة ولايشعرون بمعاناة الفقراء والمحرومين.
ويضع المسؤول الفاسد بعض الاعذار لفساده فالبعض (اشترى) منصبه بامواله الخاصة متاملا استعادة المبلغ واكثر مما يحصل عليه من منصبه ومشاريعه والبعض الاخر اوصلته جهة معينة واشترطت عليه نسبة معينة من العقود والمشاريع المبرمة واصبح ملزما بمصلحة الفئة واداة لها ومن الامور التي شجعت على الفساد الاداري المحاصصة المقيتة حيث لايمكن محاسبة الفاسد من الفئة (س) لان فئته يمكن ان تحاسب الفاسد من الفئة (ص) وحيث ان الفاسدين كثر يمكن ان يؤدي ها الى سلسلة من الفضائح التي لايريد الكثيرون ان تفوح رائحتها وتقوض نظامهم المنفعي الذي جاؤا من اجله.
ومما يزيد الطين بلة استبداد المسؤول الفاسد في مؤسسته واساءة استخدام السلطة الممنوحة له فنجد انه على الرغم من كونه غير كفوء ويسعى لتحقيق مكاسب مادية من منصبه وفساده الاداري فانه يقوم بايذاء كادر المؤسسة ولايلبي طلباتهم المشروعة واحتياجاتهم او يطالبهم بالواجبات ولايمنحهم حقوقهم او يكيل بمكيالين فيقضي حاجة موظف متملق له او يعود عليه بالنفع ويمنحه الامتيازات والايفادات بينما يتعب موظفا اخر بالاعمال الاضافية واللجان التحقيقية ولايمنحه حقوقه رغم ادائه لواجباته وبالتاكيد لايمكن محاسبة الفاسد لان مسؤوله قد يكون فاسد ايضا وهذا يدفعهم الى طغيان اكثر لانه (من امن العقوبة اساء الادب)
وفي الختام فان هذه السلوكيات وضرب المصلحة العامة هي بعيدة جدا عن اخلاقيات الاسلام وسيرة الانبياء والائمة (ع) ومبدا الثواب والعقاب واليوم الاخر الذي نسيه الفاسدون لانهم لم يجدوا الحساب والعقاب الرادع ونسوا ان وراءهم نارا وقودها الناس والحجارة وسيعطى الله كل ذي حق حقه في الدنيا والاخرة وكما قال تعالى (فَمَن يعمل مثقال ذرة خيرا يَرَهُ – وَمَن يعمل مثقال ذرّة شرًا يَرَهُ)