19 ديسمبر، 2024 3:07 ص

الشعب المصري صنع الثورة ووأدها بيده

الشعب المصري صنع الثورة ووأدها بيده

كان لا بد للثورة المصرية أن تشتعل وكان لا بد للشعب أن ينتفض بثورة عارمة وقد حدثت  فقد أن اوانها وتهيأت عواملها إذ انتشر الفساد وعم الظلم وأعلن التوريث..  واضحى النظام الجمهوري المفروض انه يعتمد على تبادل السلطة واجراء الانتخابات الحرة  الصحيحة… فقد انقلب الى نظام فاسد تجري فيه انتخابات مزورة بشكل علني… واوشك أن يتحول الى النظام الملكي المبني  على التوريث..وحكم العائلة الواحدة  ولكن بشكل مغلف ..فكان لا بد للشعب أن يثور فلو لم تكن عوامل الثورة متوفرة لما حدثت أو على الاقل لتاخر موعدها بتسلسل متاخر في التوقيت عن  ماجرى.. تماشيا مع بقية الدول التي لا زالت هادئة  لم تبتديء بها الثورات بعد… مع ماهو مؤكد بانه سياتيها الدور ولو بعد حين غير أن مصر كانت قبل 25 يناير تغلي وتتفاعل في داخلها الصراعات .. فهبت بثورة كانت في الظاهر ثورة  يفجرها الشباب من مختلف الشرائح  بعشوائية ودون قيادة أو توجيه أو تنظيم  كما اشيع… وهي كذبة روجتها بعض الاوساط الغربية التي كان لها الدور الفعال في اشعالها… كما فعلت في تونس وليبيا فقد كانت تديرها من خلف ستار .. وكذلك ثورة مصر فقد قادتها احزاب ومنظمات وشخصيات سياسية مرنبط معظمها بجهات اجنبية  ظلت متخفية هي الاخرى في بدايتها تقف من ورائها بالخفاء حتى إذا ما تاكد لها نجاحها برزت للعيان وأخذت تدير جميع شؤونها وتهيء لها اسباب تواصلها وادامتها… وانقسمت الى قسمين مجموعة لبرالية متمثلة بالعديد من الاحزاب وتنظيمات المحتمع المدني ومجموعة اسلامية دينية متمثلة بتيار الاخوان المسلمين والتيارات السلفية .. واستمر الحال حتى اعلن الرئيس المصري مبارك تنحيه واستلم الجيش مقاليد السلطة .. بدأ التنافس بين هاتين المجموعتين غير أن الذي حدث أن التيارات الاسلامية تجمعت ووحدت صفوفها وعلى العكس فقد بدأ التطاحن والتنافس يشتد بين الفرق اللبرالية وظهرت النرجسية وحب الزعامة ورغبة  الانفراد تبدو جلية وواضحة بين القادة اللبراليين… وقد حاولت قيادات الجيش أن تلملم صفوف اللبرالين وتطالبهم بالتوحد غير انهم اوشكوا أن يجروا البلاد الى التشرذم والانقسام بل وهيأوا الفرصة لاعوان النظام السابق أن يشق طريقه للاستيلاء على السلطة مجددا .. مما اضطر القيادة العسكرية أن تلتزم جانب القيادات الدينية وتدعم مواقفها وتتقرب منها انقاذا للموقف.. ووقفت الى جانبها في الانتخابات وساعدتها بالفوز والسيطرة على السلطة بالبلاد وسرعان ما غدرت هذه التيارات الدينية بالعسكريين وعزلتهم وابعدتهم واحالت قياداتهم الى التقاعد كي تتخلص منهم… وهذا هو اسلوب الاخوان المسلمون صفاتهم الغدر والتنصل من عهودهم .. وقد اضطرت الاحزاب اللبرالية خلال الانتخابات وبعد أن شعروا بان اعوان النظام السابق سوف تعود وتسيطر على السلطة اندفعوا يؤيدون الاخوان المسلمين واعتقدوا بان ذلك هو اهون الشرين ولم يتنبهوا بانهم قد وقعوا في المصيدة التي خططت لها الامبريالية الامريكية  كي تأتي بالاسلاميين ليحكموا مصر وفق خطتهم الخفية …فاول ما جلس الاخوان على كرسي الحكم انقلبوا على الذين دعموهم ضد اعوان النظام السابق المتمثلين بالمرشح احمد شفيق .. وصحوا بعد فوات الاوان واكتشفوا بان حكم الاخوان بالنسبة لهم هو اسوأ من حكم النظام السابق… وانه سوف يرجع مصر الف سنة الى الوراء .. واصبحوا أمام تنظيم قوي متماسك يخضع لمرجعية وياتمر باوامرها من خلال الشرع الذي يفرض الامر والطاعة لولي الامر ولا تجوز مخالفته  ..وقد باشر النظام الديني الجديد باصدار القوانين الصارمة التي تعمل على فرض السيطرة المحكمة وضم جميع السلطات بيد المرشد… فوجه ضربته الى القضاء وجمد صلاحياته وأخذ يحرم كل النشاطات الاجتماعية ويحصر الحياة في المسجد ودور العبادة وهو ما يتوافق مع المشروع الامريكي الذي يعمل على فرض الحكم الديني في جميع البلدان العربية  من اجل تعريته امام شعوب تلك البلدان وتشجيعه على ارتكاب الجرائم وتضخيمها بارجاع كل تصرفاتهم الاجرامية الى الشريعة الاسلامية لاظهار الدين بانه دين عنف وتخلف بالغائه كل مظاهر الحضارة الحديثة وتحريم نشاطاتها  .. وهو ما لم تتعوده مصر فانتفض الشعب المصري من جديد وبدأت المنظمات اللبرالية والشخصيات السياسية القيادية تلملم نفسها محاولة التوحد ضد هذا الحكم الاسلامي الذي تأكد لها عزمه على ابعادها والقضاء عليها وان ارتباطها بالجهات الاجنبية وعمالتها لها لم تحقق ما كانت تصبو اليه من زعامة وتسلم السلطة… بل ان تلك الجهات الاجنبية قد دعمت التيارات الاسلامية لحكم البلاد  وسهلت لهم الفوز لا حبا بهم بل لتنفيذ خططهم الاستراتيجية البعيدة المدى في القضاء على الدين الاسلامي وانتزاع الوازع الديني من نفوس المسلمين باظهاره دين عنف وعدوان وارهاب وتضييق وتقييد للحريات والعودة الى حياة البداوة البهيمية  وتحريم جميع النشاطات الاجتماعية التي يعيشها المجتمع المصري في الوقت الحاضر… والعودة الى عصور الجاهلية المتخلفة كذلك اظهار عجزه عن تحقيق الخدمات وتحسين احوال المجتمع المصري الذي يعاني من الفقر والعوز والمرض والعطالة  …كي ينفض عنه الناس وينبذوه في النهاية فتكون الامبريالية قد حققت ما تطمح اليه وما خططت له في مشروعها الخبيث … فقد اعتبرت الامبريالية بان العدو الوحيد لها في الوقت الحاضر هو الاسلام بعد ان تم لها تصفية العدو السابق الاتحاد السوفييتي فظهر لها الاسلام كارهاب مرعب لابد لها من القضاء عليه… فعليها في البداية أن تكشف كل قواعده وفياداته حتى يصبح تحت الضوء ولن تستطيع أن تفعل ذلك إلا بمساعدته على حكم البلدان الاسلامية فعند ذلك سوف تكشف الرؤوس وتظهر جميع التابعين لهم فلم يعودوا يعملوا بالخفاء كما فعلوا خلال السنين الماضية كي يسهل لها بعد ذلك الانقضاض عليهم .. وللاسف لم يتنبه المصرييون ولا غيرهم من البلدان الاسلامية الى المخطط الامبريالي وحتى من اكتشف الخطة فقد ركبه الغرور واعتقد واهما  بانه قادر على القفز على ما خططت  له الامبريالية  .. فقد دفعت امريكا التيارات الاسلامية للقفز على الثورة والاستيلاء على حكم  مصر … وبالمقابل ظهر الانتهازييون من اعوان الامريكان وعملائهم غير موحدين كل منهم يريد أن يصبح هو الزعيم الاوحد منطلقا لما قدمه للامبريالية من خدمات قبل قيام الثورة واعتقد ايضا مخطئا  انها لا بد ان تكافئه وتجعله هو الزعيم… فهوسه بالحكم وغباءه ومتانة علاقته بالامبريالية جعلته يفقد القدرة على كشف نوايا الامبريالية وهكذا فعل كل الاعوان من القادة والزعماء اللبراليين الذين ظهروا في الميدان فتفرقوا الى خصوم فخدعتهم امريكا وشجعتهم على منافستهم لبعضهم لافشالهم جميعا واخرجت لهم منافس من الفلول ومن اعضاء النظام السابق وحشدت له مؤيدين بمختلف الاغراءات .. فاضطرت هؤلاء القادة السياسييون بعد أن فشلوا في الجولة الاولى من وصول أي منهم الى الحكم لقلة الاصوات التي حصل عليها كل منهم لتفرقهم فاضطروا بمجموع جماهيرهم أن يؤيدوا مرشح الاخوان الذي ارادته امريكا كي يحكم البلاد واعتقد الزعماء اللبرالييون بانه سيكون بامكانهم السيطرة على مرشح المسلمين ..غير انهم فشلوا فيما كانوا يعتقدون …ولم يتنبهوا بان امريكا تريد هذا المرشح ان يفوز كي تحكم التيارات الاسلامية مصر لكي تكشف جميع تنظيماتهم وهو ما نجحت فيه ..والان تعمل على احصاء جميع الاعضاء والمؤيدين وحقيقة هذا التاييد ونسبته المؤية وقد وجدت بان جميع من ايدوهم للفوز بالانتخابات لم يتجاوزوا 6% من نفوس المصريين وهي نسبة قليلة جدا  ..معظمهم دعموا التيارات الاسلامية بسبب ما قدموه لهم من مغريات من طعام وملبس وبعض الحاجيات لما هم فيه من عوز وفقر ..وليس عن ايمان حقيقي بالدين وأن المرتبطين بالتنظيم ليسوا سوى نفر قليل فهي تعد العدة للقضاء عليهم ولكن بعد الانتهاء من موضوع سوريا وازاحة بشار الاسد والاتجاه نحو ايران .. فهي تضع الاخوان المسلمين وهم من الطائفة السنية كطرف منا ويء لايران الشيعية… فالاخوان المسلمون قد اضحوا الان تحت اليد ومطوقين بسلاسل حديد يسهل تحطيمهم متى اراد الامريكان …فالان عليهم الالتفات الى ايران وهم ماضون في قطع اذرعها الواحد تلو الاخر ثم ينقضون عليها بطريقة لا تخطر على بال.. فيسحقوها مع كل ما بنته خلال هذه السنين وما يجري في العراق هو جزء لا يتجزأ من هذه الخطة الامريكية المحكمة… وما يجري من احداث هو مشهد من مشاهد المسلسل الامريكي في خطتها وهي سائرة في مخططها بكل احكام .. ورغم كل محاولات التنظيمات اللبرالية في التصدي للتيارات الدينية بعد توليها حكم البلاد فانها عجزت أن توحد صفوفها وتحشد جماهير كبيرة يكون بامكانها زعزعة الحكم الديني  في مصر مع توظيفهم لكل وسائل الاعلام التي وقفت الى جانبهم حيث أن الحكم الاسلامي حاول اسكات اصواتها وتحويلها مجرد ابواق دعائية للتيارات الدينية لكنه لم يستطع فوقت وسائل الاعلام مناهضة للتيارات الدينية ومناصرة للامبرياليين كما وقف القضاء بمعطم اعضائه ضد التيارات الدينية التي حاولت تحجيم صلاحياته وتوظيفها لصالحه انتقاما منه لعداء قديم فقد اعتبرته المسؤول عن دخول فصائلها الى السجون في عهدي مبارك والسادات وحتى في عهد عبد الناصر .. غير ان التيارات الاسلامية بقدرا تها الكبيرة على المراوغة استطاعت أن تسكت جميع هذه الاصوات وتهمشها لكن وسائل الاعلام بقيت شوكة في جسد التيارات الدينية وهي تعمل على التصدي للتيارات الاسلامية في كل يوم وهو ما تريده امريكا في نفس الوقت .. فهي لا تريد الاستقرار للتيارات الدينية رغم تسلطها على حكم البلاد فلابد ان تستمر المعارضة قائمة ومستمرة حتى تخلق السببية لضربها في الوقت الملائم .. وقد قامت الادارة الامريكية بقذف قنبلة تحاول تفجيرها داخل المجتمع المصري فقذفت بداعية اسلامية وبشكل مفاجيء شخص طرح دعوة مرعبة ومفزعة قد تطيح بكل التطمينات المراوغة التي قدمتها التيارات الدينية الحاكمة للشعب المصري من اجل تهدأته وتشتيت معارضته .. فظهر على معظم شاشات التلفزيون المصري شخص اسمه هاشم العشري  ادعى بانه قادم من الولايات المتحدة وهو امر لابد وانه قد تقصدته امريكا وهي التي ارسلته  كي يوجه ذهن الشعب المصري بعلاقة التيارات الدينية بالامبريالية الامريكية وارتباطها بها  كيف تكشف عمالتها للامبريالية وانها تنظيمات سياسية تتخذ من الدين غطاء لها فقط والدليل على ذلك هو هذا الداعية المتامرك … واعلن عن دعوته الملخصة بشعار ((( الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ))) وهي الدعوة المتشددة التي تتبناها اكثر التنظيمات الاسلامية المعروفة بالتزمت الديني المغلق  والتي عرفت بارتكابها افضع الجرائم باسم الدين واخطرها ضرب المركز التجاري في 11 سبتمبر والذي ادى الى كل ما عليه اليوم من احداث وتسبب في احتلال افغانستان ثم العراق وما اعقبه من ثورات الربيع العربي فظهور هذا الداعية الجديد الذي قدم نفسه بالصورة التي ظهر بها لتثير ثورة عارمة وهياج سوف يؤجج الامور ويشعل المنطقة بشكل لربما سيكون هو السببية التي ستحرك الامبريالية بالهجوم الاخير على الاسلام ..فقد جعل من هذه القنبلة التي اراد تفجيرها في وجه التيارات الدينية من اجل خلق الصدام العنيف وردات فعل عنيفة بتقييد الحريات وفرض طقوس دينية مختلقة من تفسيرات شخصية قد تكون بعيدة عن اساسييات الدين التي روج لها الرسول محمد و سوف تفجر الموقف وتشعل النار في مصر من جديد فتهيأ الضروف لكي تدفع  كل الشرائح للهرب من هذا التفجير المخيف الذي لا ينسجم مع البيئة المصرية بكافة شرائحها المدينية التي عاشت خلال اكثر من قرن في حياة متحررة متحضرة وحتى  الريفية فيجرف معه كل التيارات بجميع اشكالها وتوجهاتها خارج نطاق الايمان الديني  وهو المطلب المحقق للمشروع  الامريكي فيكون هذا الداعية هو مسك الختام والسهم القاتل في جسد الامة الاسلامية ..!!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات