احيانا سيكون الواقع مغايرا تماما عن النظريات والاقوال، خاصة لو ان الناس لم يشهدوا واقعا و لم يجربوه الا عن طريق سماع اخبار أو کتابات هنا وهناك، ولا ندري ما هو الغرض من هذه الكتابات؟ هل هي سياسية و منفعية أن نابعة من الاعماق والحقيقة، ومن بين صدی هذه الابواق والتيارات المتشابكة داخل البعض، سيضيع حقوق الاغلبية و ما يصبحون الا أرقاما في المعادلات السياسية والمتاجرات البخيسة، كما يستمر معاناة الاغلبية بين المطرقة والسندان ولا يبالي أحد بمآسيهم و نتيجة لهذا تختلط الاوراق بحيث يفقد الموضوع جوهره و مضمونه.
ان الشعب الكردي الذي عانی الامرين لا يزال يعاني من المتاجرين بهم والغير المنصفين بقضاياهم، هل هي قضية شعب؟ أم انها قضية انسان يتحدث بلغة مختلفة؟ هنالك من الكتاب الذين استأجروا من قبل هذه السلطة الغير العادلة كي يزينوا ظلمهم و ظلماتهم و يصورونهم للعالم كأنهم ملك نزلوا من السماء، و مع الاسف الشديد هناك من المخلصين المنصفين مع قضايا الشعوب والانسانية الذين يخادعهم هٶلاء الاقلام المأجورة فلا يرون ماذا يحصل لشعب مقهور علی الارض والذي يعاني بصمت لمدة ٢٩ عاما تحت حكم غير قانوني، بل في بعض الاحيان ينزلق الی القمع والدكتاتورية و الارهاب، وهذا ربما جزء منها ترجع الی الميراث السياسي السيء في العراق، والجزء الاخر الی المصالح و النزعة القبلية.
ان الهجرة الجماعية لشباب الآكراد خير دليل علی يأسهم الشديد من سلطة تقاسمت بين حزبين رئيسيين، و قمعهم أثناء قيامهم بثلاث انتفاضات في اوقات مختلفة، دون ان يسندهم احد او علی الاقل يتعاطفوا معهم.. لأنه ومن البداية کانت وجهة أحد الحزبين و الی الان نحو ايران والثاني بأتجاه تركيا، ثم قاتلوا ضد البعض نيابة عن تلك الدول التي يزعمون انهم يظلمون الاکراد القابعين و المنقسمين بين دولهم، ثم قاموا بأبشع جرائم الحرب مع البعض، من بينها الاعتداء الجنسي علی الاسری ثم قتلهم رميا بالرصاص، حتی اطال هذا الجور الشخصيات الاجتماعية المحايدة کذلك، فعلی سبيل المثال و بالرغم من سلب أموال شخصية خيرية كـ(علي بوسكاني) بأسم دعم الحزب الا انه قتلوه في ١٩٩٤ بسبب كلمة قاله حينما فسر تعارك هذين الحزين بحاولة کل منهم السيطرة علی جمارك ابراهيم خليل والذي کان في وقته المنفذ الوحيد لجلب الملاين من الدولارات يوميا، الی ان جاء زمن الاستکشافات النفطية و التجارة العالمية لكن هذه المرة بمليارات الدولارات، فترکوا نهب الاغنياء و سلب ثرواتهم و بدءوا بتجارة قبيحة لنفط مواطنين الذين طردوا من علی تراب اجدادهم و لم يعطوا درهما واحدا تعويضا لهم، بل انتهی الامر بالمواطن المسكين المحروم من الوظيفة، العاطل عن العمل بأن يشتري برميل نفط من سوق سوداء بلدته بـ١٢٠ دولار في حين هم يصدرونها و يبيعونها بـ ٦٠ دولارا في الاسواق العالمية، و قد بلغ نسبة تصدير نفط كردستان علنا و سرا ما يقارب أكثر من مليون برميل يوميا، اما في الجانب الاخر من المشهد لا يحصل الموظف الا علی ٩ رواتب سنويا، قد يعطی لهم ربع الراتب بحجة وجود الازمة! وهكذا يخدحون الشعب بخلق ازمات واهية و يلعبون بشعورهم، بل الغطرسة وصلت لدرجة ان المسٶلين و احفادهم و اقاربهم و حماياتهم احتكروا الاستيراد و المشاريع كلها، يبنون مدن سكنية تجارية و يسمونها خدمة المواطنين، ولو ان احدا اراد ان يفضح الجرائم و الخيانات والظلم عندئذ لا تتردد جهاتهم الامنية القمعية بتصفية هذا الشخص المسالم بدم بارد، وهناك قائمة طويلة جدا لهٶلاء الاحرار الذين قضوا حتفهم بهذه الطريقة، کالصحفيون: وداد حسين، كاوە كرمياني و غيرهم.
ناهيكم عن محاولة نشر الجهل عمدا بين ابناء الشعب كي يوفروا غطاءا طويلة الامد لدوامهم و استمرارهم في السلطة و تسخيرها لاغراضهم الشخصية والسياسية، فعلی سبيل المثال اشتری مٶخرا أحد من عائلة المقربين من النفوذ السياسي بيتا لأمرأة في مكان سياحي في الولايات المتحدة الامريكية بـ ٤٠ مليون دولار و دون ان يسکنه أحد، وقد افضح الموضوع لاحقا صحفيا امريكيا عندما استغربه الامر.
ولو تابعنا الادب والفنون في الاقليم لنلاحظ كم هي مهمش، بل احيانا يحارب و يغلق ابواب المجلات والاماكن الثقافية واحدة تلو الاخری، وربما قد ادی هذا اليأس بشاعر ان يناشد العالم الحر للتدخل في تحريرهم فهو يوصف حال الشعب الكڕدي علی ارضهم کلاجئين في مخميات تابعة لاحزاب السلطة و يقول في قصيدته:
الی من تصله صوتنا
نحن مجموعة محتجزين
الرجاء تحريرنا
من مخيمات الاتحاد والديقراطي ..
في الختام؛ يمكننا القول بأن الظلم واحد ولو اظهر بأشكال مختلفة و ان الظالمين يتقاسمون افعالهم الشنيعة ولو اختلفت لغاتهم، وليس هنالك خط ثالث سوی الاستمرار بالظلم والقمع أو العدالة والمساواة، فلم يروا الشعب العدالة ولم يمارسوا حقوقهم الانسانية کفرد حر يرفض احتكار المجرمين لقوته و حريته و وجوده، فنرجوا من الاخوان الكتاب أن ينصفوا الشعب الكردي المسالم والمظلوم وهم الاغلبية، ولا يحشرونهم مع القتلة المارقين الذين لا يئبهون بشرع ولا بقانون و لا يسيرهم الضمير والانسانية، وبهذه الدقة في النظر والتعمق في القضايا سيكون بوسعنا اصابة الهدف و الاتيان بالتغير والنتائج الاجابية و قديما قالوا اسئل المجرب قبل الحکيم.