بالرغم من حالة المعاناة فان هناك شعورا بالوطنية والوحدة تواق للظهور بين مختلف طبقات الشعب والدليل على ذلك في مشاركتهم في أكبر تجمع بشري على مستوى العالم، حيث استقطب الملايين من الزوار الكرام في اربعينية الشهيد الامام الحسين عليه وآله وأصحابه الصلاة والسلام من جميع طبقات الشعب ومن مختلف الجنسيات في العالم .
هنالك آفاق ثقافية مهمة ترافق مثل هذه المناسبات يجب الاستفادة منها و لابد من تطويرها كي تنعكس على واقع العراقيين وتجعل من حياتهم الثقافية والاقتصادية أفضل ، و تزايدت الأعداد وتضاعفت بشكل تصاعدي في كل عام منذ سقوط نظام البعث المستبد ،الذي كان يمنع توجّه الزوار إلى مدينة كربلاء المقدسة لإحياء هذه الزيارة ويمنع اقامة هذه الشعائر والمشاركة فيها ، و تضاعفت أعدادهم بشكل كبير لتبلغ الملايين سنوياً ويمكن أن تفتح آفاقا مستقبلية عظيمة للعراق كله ليكون مركزاً مهما للسياحة الدينية في العالم وافق واسع لنمو الاقتصاد.
من المفيد استثمار هذا التجمع البشري الهائل وهذه الزيارة بشكل حقيقي وعلمي وعملي وبشكل منظّم ودقيق، يمكن أن يكون نقطة انطلاق فعالة للبناء ، رغم ذلك يتطلب المزيد من الأمن وترسيخ الشعور بالمصلحة الوطنية ليتمكن من شق طريقه للامام على نحو راسخ ، إلأ ان الفشل في العراق يتجسد في كون ان الكتل السياسية المتسابقة على كراسي الحكم قد اهملوا هذا الجانب المهم وانشغلوا بالصراعات التي ادت الى متاهت الشعب العراقي واشغاله بالازمات التي منفكت تتسابق على مساحة الوطن ولا يفكرون بأن العراق دولة مواطنة للجميع وانما سلطة مكونات طائفية وعرقية يتكرس فيها التناقض وبالتالي الصراع المذهبي وينتشر فيها التهميش والترهيب الطائفي و السعي الى تكريس مكاسبها المتحققة من الفساد وترسيخ النفوذ عبر أليات مختلفة منها توظيف مؤسساتها الرسمية وغير الرسمية للاستفادة من اثر المكاسب المشتركة والتوطيد بينها وبين النخب السياسية المشاركة في الحكم الاخرى ، فضلا عن انتشار ثقافة الآفساد المالي والآداري والسياسي ، ناهيك عن الآخذ بزمام الازمات كي تكون سبيلاً عن العجز والفشل الداخلي ،وعدم التوافق على رؤية اقتصادية واضحة الاهداف والاولويات ، ان الاخذ بسياسات تتميز بأهداف طموحة وإليات كفؤءة سبيلآ لبناء مقومات القدرة على الفعل الهادف والمؤثر و مخرجات هذه السياسات قد تفضي في السنوات القادمة القريبة الى البدء بمعطيات الحداثة والارتقاء على الصعيد الداخلي والفاعلية على الصعيد الخارجي لتاتي بمخرجاتها التراكمية،وتشيد الاسس التي تمهد لبيئة أجتماعية متجانسة نسبيأ و تتنعم بحالة من الاستقرار الداخلي ينعكس أيجابأ بالتالي على مجمل أنماط الحياة الداخلية والخارجية وتدعمها ويكون الاستقرار المجتمعي مدخلآ اساسيأ للارتقاء الحضاري في تبني إصلاحــات مؤسسـاتية وقانونيـة وسياسـية، بهـدف تمكين البلاد من تحقيق الاهداف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية القريبة المدى والبعيدة المدى، والتــي تعتبــر ضروريــة لتفــادي حصول انهيار النظـام الحالي الهش الذي عـادة مـا يتـم تعليـق معاييـر حقـوق الانسـان، وفساد مؤسسات العمل في العديـد مـن مفاصل الدولـة، إن ّ لـم يكـن في مجملهـا و ان اصلاح المؤسسات بشـكل عـام يكـون الهـدف منهـا، هـو إزالـة الشـروط التـي أدت إلـى حالة التدهور الحاصلة في الادارة والسياسـة والقانون والغاء كل ما يؤدي الى عدم تضميــن احتــرام وحمايــة حقـوق الانسـان؛ لحماية المواطن عبراصلاحات دسـتورية التي تضمـن تطبيقها وتلغـي كل القوانين الاستثنائية الاخرى على الرغم من ان مســار الاصلاحــات تمر بعدة عقد ؛ لان العلاقــات بين الكتل السياسية ، لا تســمح بإجــراء تشــخيص بســيط للاصلاحات لعدم التعامل الايجابي معها إذ إن الاصلاح يستلزم مشاركة مختلف المؤسسات والقطاعـات العديـدة الاخـرى ذات الصلـة، وهكـذا فـإن محاولـة تغييـر البنيــات المؤسســاتية ينعكــس علــى العديــد مــن الهيئــات ّالاخـرى اذا كان جاداً وفي حالات معاكسة سـيكون النجاح نسـبيا لعدم وجود ضمانـات اساسـية في الحد من تكـرار الانتهـاكات، كما يجب ان تكـون آليـات التقـويم في الاصلاح مطابقـة لمبادئ النزاهـة والقانـون، و يجـب أن يكـون ّ الهــدف مــن هــذا التقــويم الاصلاح والتأديب، ” لا الانتقام”؛ لذلــك فــإن الاشــخاص الـذين تعتـزم الهيئـة تقويمهم في مناصبهم ، ينبغـي ان يتم ابلاغهم اولياً بشـكل معقـول بالاتهامـات لـدى هيئـة التقـويم او النزاهة ، واعطائهم الحق في الاعتراض أمـام هيئـات غيـر منحـازة، وضمـان الحوكمة العادلـة في كل الحالات.