18 ديسمبر، 2024 11:03 م

الشعب العراقي إستهان بالدستور قبل الأحزاب الحاكمة

الشعب العراقي إستهان بالدستور قبل الأحزاب الحاكمة

جاء في المادة 5 من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 الذي وافق عليه الشعب العراقي بحماسة بالغة “السيادة للقانون، و الشعب مصدر السلطات و شرعيتها، يمارسها بالاقتراع السري العام المباشر وعبر مؤسساته الدستورية”، و يمارس الشعب دوره كمصدر للسلطات و شرعيتها وفقا ً لما جاء في المادة 49 – أولا ً من الدستور “يتكون مجلس النواب من عدد من الأعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مائة ألف نسمة من نفوس العراق يمثلون الشعب العراقي بأكمله، يتم انتخابهم بطريق الاقتراع العام السري المباشر، و يراعى تمثيل سائر مكونات الشعب فيه”، أما الذين يحق لهم التصويت في الإنتخابات (الناخبين) و الترشيح للإنتخابات (المرشحين) فيكون بواسطة المادة 49 – ثالثا ً من الدستور “تنظم بقانونٍ، شروط المرشح و الناخب وكل ما يتعلق بالانتخاب”.
في إنتخابات 2018 البرلمانية لاختيار أعضاء مجلس النواب ليتولون قيادة مصير العراق و شعب العراق فإن الناخبين الذين شاركوا في الإنتخابات بحدود 20% من عدد الذين يحق لهم التصويت، أما الباقين الذين يحق لهم التصويت 80% من الناخبين لم يشتركوا في الإنتخابات بحجج شتى تاركين مصيرهم و مصير ذويهم و مصير بلدهم بيد الفئة القليلة التي شاركت في الإنتخابات. أما الفئة القليلة فإنها باعت أصواتها في الإنتخابات و لم تنتخب. الإنتخاب هو إختيار الأصلح، و لكن الذين شاركوا في الإنتخابات باعوا أصواتهم لمرشحين مقابل مكسب إما مادي كالبطانية أو الراتب أو وعود بالتوظيف أو تبليط شارع و هنالك من أعطى صوته بناء ً على توجيه شيخ العشيرة الذي قبض الثمن مقدما ً، مسدس و دولارات. و بهذا يكون الشعب، بفئتيه الذين شاركوا و الذين لم يشاركوا، قد إستهان بحقه الدستوري لإختيار أعضاء مجلس النواب و لم يؤدي دوره بما ألزم به نفسه عندما وافق على الدستور بحماسة بالغة.
عندما يجد البرلمانيون بأن الشعب قد إستهان بحقه الدستوري لإختيار من يمثله في مجلس النواب فإنهم سوف لن يتورعوا عن الإستهانة بحقوق هذا الشعب الواردة في الدستور لأن هؤلاء البرلمانيون الذين إشتروا ذمم الناخبين سيكون همهم هو إسترجاع الأموال التي صرفوها مع الأرباح بواسطة المشاريع و العقود الوهمية أو المُبالغ في أسعارها، حيث ليس من المعقول أن يصرف شخصا ً ما الأموال الطائلة لشراء ذمم الناس ليصبح حاكما ً عليهم من أجل أن يقوم بخدمتهم فهذه معادلة ضِيزى. و النتيجة من هكذا حال هو الفوضى في البلاد و تدهور الحال من سيئ إلى أسوأ مصداقا ً لقوله تعالى “وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ” (هود 117).