19 ديسمبر، 2024 12:49 ص

الشعب الذي رأى نجوم الظهر شريك في الجريمة

الشعب الذي رأى نجوم الظهر شريك في الجريمة

{ الشعب الذي ينتخب الفاسدين والانتهازيين والمحتالين والخونه لايعتبر ضحية بل شريكا في الجريمة} جورج اوريل
تعم العراق مظاهرات يومية وتعددت الأسباب وكل يسعى لتحقيق مطالبه المشروعة والمحقة 100% ، كل يغني على ليلاه في وطن مفجوع بخرابه السياسي ، الاجتماعي ، البيئي ، التعليمي والاداري

بدءا من عدم صرف مستحقات ورواتب الطبقات المهمشة والمطحونة مرورا بالاف الخريجين العاطلين عن العمل وسلم رواتب الموظفين والتقشف الجائر على الشعب دون الدرجات العليا من روساء ووزراء وبرلمانيين وانتهاءا بسوء الخدمات والامن والارهاب الذي ضرب العراق وجاء كنتجة لسوء السلطة والفساد .

منذ عقود فارق العراقيون الأمل واختفت الطبقة الوسطى التي كانت صٓمام أمان للمجتمع واهم شرائحه من اجل التنوير والتنمية واختفى التجار وملاكي الثروة وأصبح سياسي الصدفة ” قادة الضرورة “الكل بالكل هم التجار والطبقة الوسطى والوزراء والمدراء والغفراء.

يسرقون حتى أجور عمال النظافة البؤساء وعمال الشركات المقمطين بأحبال البطالة المقنعة وبات التدريسين والاطباء مهددون كل هذا يحدث في العراق الجديد ما بعد السقوط على مرأى ومسمع الحكومة وكل المرجعيات المجتمعية .

اما الفلاحين والزراعة فهذه قصة اخرى لا يذكرها التاريخ ، في بلد وجد أصلا بسبب النهرين العظيمين وبسببهما نشأة حضارة عظيمة “حضارة وادي الرافدين ” والزراعة هي المهنة التي شيدت هذه الحضارة ومنحتها اعلى درجات الرقي والعمران والتطور والفنون وفي كل مجالات الحياة الاخرى .

وبعد ان كان العراق المصدر الاول للتمور اصبح لا يسد حاجته للاستهلاك المحلي وبعد ان كان لا يستورد الا نوع او بعض الأنواع التي لاتزرع في تربته وأجوائه اصبح يستورد حتى البصل والثوم وكل انواع الخضار الاخرى

ونوعيات ردئية ومسرطنة وكان العراق يشتهر بزراعة القمح والشعير موسمين في السنة لملائمة أجواءه وتنوعها ، ولا ينافسه اي بلد بزراعة “رز

العنبر ” بات الفلاح يزرع وموظف فاسد او وزارة فاسده تتلفه او تستلمه بعد التي واللتين وتأخر دفع الثمن وتجوع الفلاح الذي حتى لو أراد ان يستمر في الزراعة ستقهره وتجبره المعوقات البيروقراطية على تركها اضافة الى اماكن تخزين الحبوب الصوامع “السايلوات” وما ادراك منها في الفساد والرشوة وسوء التخزين وهذه قصص ليست بحاجة ان يطلب دليل فيها فهي باتت معروفة وموثقة والغريب بالأمر ان كل شيء بالعراق اصبح فاسد ومبرر .

وهذا مخطط لا علاقة له بتركة النظام السابق انه مخطط إجرامي بامتياز تديره وزارات ومافيات الفساد ما بعد التغيير مع سبق الإصرار والترصد “السقوط الكلمة المناسبة “ولانحتاج الى حملات تقصي واستقراء ميداني لتتبع أطراف هذه الكارثة وفضح ما تحت “التبن” او “السبوس ” من عفن وخراب بالدولة ومؤسساتها الاجرامية ففاضت مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية بمئات القصص المؤلمة وطفحت الصحف بها دون ان يرف جفن اي من الجهات المعنية .

هذا كله تفاقم واستفحل عبر سنيين ما بعد الاحتلال وفي مظاهرة شهدتها مدينة الديوانية “تبعد١٨٠كم عن بغداد” التي تعتبر احد سلال العراق الغذائية وهي مشهورة في زراعة العنبر والخضروات المتنوعة .

قال احد الفلاحين المتظاهرين :

* الحكومة شوفتنا نجوم الظهر استلموا المحصول ولم يصرفوا لنا اي مبلغ منذ شهور.

مسكين يظن ان النجوم لا تظهر في عز الظهيرة ونراها فقط عندما يحل المساء او يحل الظلام .

النجوم تظهر والشمس مشرقة هنا في سماء القطب الشمالي المنجمد انها ظاهرة فلكية رائعة الجمال وآخاذة تستحق المشاهدة والفلاح الذي يرى نجوم الظهر لا يزرع سوى الشوفان والبطاطة بسبب الثلوج طيلة أوقات السنة ودرجات الحرارة المتدنية وله مكانة اجتماعية مرموقة ويحصل على تأمين وقروض ميسرة ويعتبر من الأغنياء او ميسوري الحال ويعيش حياة الرفاهية ويستمتع بجمال الطبيعة والثلوج ويتلذذ بتقلب المواسم لان الحداثة وفرت له كل البدائل والوسائط .

وفي روسيا نفس الأجواء الباردة وشتاء قارص وتصدر قمحها الفائض بملاين الاطنان كل عام يزداد باطراد وفي روسيا الناس ترى نجوم الظهر بوضوح وفي النروج بلد النقاء اللوني والطبيعة الخلابة والرفاه يَرَوْن نجوم الظهر في سماء نقية الزرقة لاتوجد باي بلد اخر .

الحكومات المتعاقبة في العراق لو نقت البيئة واهتمت بالزراعة كما هو الحال لعقود خلت وكل الأمور تخضع للنسبية وليس مطلقة لرأينا نجوم الظهر واستمتعنا بالخضرة وزرقة السماء والوجه الحسن والكلام المحترم ووهج الصحراء لكن حكومتنا الملائكية حفرت للشعب بئر عميق ودفنت فيه كل طبقات المجتمع بلا رحمة . وجارت في نهب ابار النفط وتركت للشعب مخلفاته المسرطنة والخراب . واقحلت وجرفت مساحات واسعة من الاراضي الزراعية الخصبة كما هو حاصل في نواحي مدينة البصرة وغيرها من المحافظات .

ومزقت الطغمة الحاكمة المجتمع بسياسات الأزمات والتدويخ واشاعة الجهل ودعمت الخرافات الاجتماعية والاوهام الدينية اكثر من دعمها لقطاع الزراعة او الصناعة او الصحة والتعليم ، هذا مخطط لا يقل خطورة وبشاعة عن الاٍرهاب والكوليرا والطاعون .

وحينما تسألهم عن أسباب هذا الانهيار بكل قطاعات الدولة وشرائح المجتمع، يأتيك الجواب أسرع من البرق

– انها تركة النظام السابق .

اذا كُنتُم غير قادرين على محو تركة النظام السابق ولا اثار الاحتلال لما انتم في السلطة ؟!

ضاع اكثر من ترليون دولار أمريكي خلال عقد من الزمان يكفي لبناء دولة من من الصفر بأعلى درجات الحداثة والاكتفاء الذاتي زراعيا وخدميا .

شخصيا سعيد بمشاهدة نجوم الظهر مثل ملايين البشر الذين يعيشون بحرية بعيدا عن اخوة يوسف والذئاب المتسلطة

لكم كل الامنيات بالخلاص القريب وتخرجوا من قبضتهم باقل الخسائر ولا تثقوا بهؤلاء الذئاب حتى وان توضأوا وصلوا وحجوا وزاروا ودقوا الدفوف ولطموا وطبروا انهم ذئاب .. لكن الامر الذي افسد هذا التشبيه المتجني على الذئاب ان الذئاب لا تاكل الذئاب كما هو حاصل في العراق الانسان ياكل أخيه الانسان في وضح النهار وبوجود نجوم الظهر . ولا اسمح بان أشبه من يحكمنا بالحمير لانه اقتباس غبي وتجني على هذا المخلوق الصبور وصاحب عينين خالتين من الحقد والضغينة وأدى اعمال جليلة للإنسان على مر التاريخ .

ان الالم الذي يحز في النفس هو فقدان الامل فالمظاهرات أنتجت عينات ركبة الموجة وادعت القيادة وبدات تزمجر وتعربد وتلتقي باصحاب القرار الفاسدين من نفس الطينة الانتهازية والغش وعدم الشفافية لمايدور بتلك اللقاءات التي قللت من زخم ومشروعية المظاهرات والمطالب الشعبية وبعضهم ترتجف ركبته وتترطب أفخاذه اذا قيل له تغيير العملية السياسية وكأنه ارتكب اثم عظيم

والبعض الاخر ترتفع. درجة حرارته ويذهب في غيبوبة اذا ذكرت انتخابات مبكرة وكان الساعة تقترب وسيخرج علينا آجوج ومآجوج

منذ اكثر من ١٣ عام اثبتت العملية السياسية التي جاء بها الاحتلال الذي سلط الاسلام السياسي على الشعب العراقي في عملية فاسدة من الألف الى الياء ولا تحتاج الى اي دليل باعتراف كل المنظمات الدولية وخبراء الاقتصاد والسياسة والمرجعيات ، ان الواقع على الارض يثبت بانتا نسير في طريق الخطأ والعبث ولم يؤدي الى نتيجة مهما تفلسف البعض .

أصبحنا شعب ينبش في خرابه وهذا ما يريدوه المستفيدون ان يستمر لأطول فترة من اجل النهب واستعباد العراقيين والبقاء في السلطة ونهب ماتبقى من ثروات البلد .

ان ما يجعل المشهد ميئوس منه ان الشعب العراقي بدا يتراجع والمظاهرات خجولة بدون قيادة ولامطالب موحدة ومحددة ولم يطور المتظاهرون مكانيزم التغيير بالاعتماد على انضال الجماهيري السلمي والعصيان المدني لاخضاع الحكومة باتخاذ اصلاحات جذرية وناجعة وايقاف نزيف السرقة والفساد الذي ينخر حياة الامة العراقية والتعامل بجدية مع مطالب شرائح المجتمع العراقي .

بل على العكس ازداد الكذب والتهرب ورمي الاتهامات بين فرقاء العملية السياسية التي تهيمن وتحكم العراق بكل شيء وبقبضة حديدية وهي تمتلك مليشيات مسلحة .

وصل الانحراف والظلم والفساد في العراق الى اقصى درجاته ولم يكن الشعب بعيدا عن وصول هؤلاء الفاسدين الى السلطة وبقاءهم كل هذه السنين .

وكثيرون يطرحون السؤأل المرير من اوصل هؤلاء المنحرفين والفاسدين؟

ان تصحيح الانحراف ومحاربة الفساد والتغيير هي مهمة الشعوب بالثورة عليه كما حصل عبر التاريخ ويحصل اليوم وتونس صاحبة الشرارة الاولى في الربيع العربي خير مثال .

ختاما نذكر بمقولة الصحفي والروائي جورج اوريل (أريل أرثر بلير) كاتب الرواية الشهيرة “1984” :

الشعب الذي ينتخب الفاسدين والانتهازيين والمحتالين والخونه لايعتبر ضحية بل شريكا في الجريمة . والايــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــام بيننــــــــــــــــــــــا ؟ .