23 ديسمبر، 2024 9:50 ص

مفردة ذات مطاطية عالية , تفسر حسب مصالح كل فئة او حزب او تجمع سياسي , الانظمة العربية التي أُسقطت تحت مسمى الربيع العربي تنوع سقوطها وتعددت اسبابها منها من كان دموياً مأساوياً ومنها من كان سقوطها بأقل التكاليف البشرية والمادية.
الاطاحة بنظامي صدام و القذافي هما الاكثر بشاعة من اي تغيير حصل وكلا النظامان كانا يصرخان على انهما يمثلان الشرعية لكونهما حكومتان منتخبتان من قبل غالبية الشعب حسب مايدعون , وتكمن اسباب الاسلوب الدموي الذي تم فيه ازالتهما لكونهما اكثر الانظمة العربية رعونة و قمعاً وتسلطاً واستهتاراً بمقدرات الشعب , الا أن الاطاحة بهما لم يكن شرعياً وحتى الامم المتحدة لم تقبل بالتدخل العسكري ولم تضفي اية شرعية عليهما , اذاً لماذا امريكا ومن معها يبحثون عن الشرعية في مصر !!! .
التغيير الذي حصل في تونس ومصر كان مثالا لقوة الشعوب حين تنتفض وحين تتراص الصفوف من اجل اسقاط النظام المستبد وكانا مثالان رائعان ونموذجان يستحقان ان يُدرسا ويتخذا كنبراس للشعوب التي تصبو نحو التحرر وليس لاستبدال طاغية بمجموعة طغات والتي تؤتمر من الخارج وتكون ذيل وتابع لدول اقليمية او عالمية.

الشعوب هي من تقرر مصيرها بنفسها وتقرير المصير يأتي عبر نضال شاق ودؤوب وتكون مرحلته النهائية ممثلة بالانتخابات الحرة الديمقراطية عبر صناديق الاقتراع , ولكن لو أن الغالبية انتخبت حكومة كانت تعتقد انها تحقق مصالحها ومن ثم اتضح انها حكومة كاذبة مارقة مدعية , هل لها الحق بتغييرها ام تقول ( لقد وقع الفأس بالرأس) وتترك الامر ؟ وتذهب تضحيات الشعب سدا , ام يعمل الشعب على تغييرها لحين الحصول على من يمثله حقيقة ؟
اختلف البعض حول شرعية او عدم شرعية أقالة الرئيس المصري محمد مرسي , وكأن الشعوب العربية لم تتعود على الانقلابات العسكرية , مامن دولة عربية الا وحدث فيها انقلاب عسكري واحد او اكثر وحتى الثورات الشعبية كانت تقودها جنرلات متنفذة في الجيش والحكومة وبالتالي تسمى ثورة شعبية وبعضها حدث فيها انقلاب عشيرة على عشيرة من اجل الاستحواذ على السلطة , اذاً لماذا بعض الدول الاجنبية و العربية تطالب بالشرعية الان , ماحصل للرئيس المخلوع محمد مرسي , البعض يسميه انقلاب عسكري والاخر يسميه انقلاب على الشرعية الدستورية لأن الفريق الاول السيسي هو من اقال الرئيس محمد مرسي في 30 يناير , وتناسوا ان من اطاح بمحمد حسني مبارك هو وزير الدفاع السابق المشير طنطاوي حين ابلغ الرئيس مبارك بأنه يقف مع الشعب في مطالبه وارغم مبارك على الانسحاب والاستقالة واصبح مبارك رئيساً مخلوع  , حيث ان طنطاوي قد نفذ المطاليب الشعبية بالاطاحة بمبارك ولو كان الجيش مع مبارك لكان مبارك لغاية هذه الساعة يحكم مصر , نفس الشيء حصل مع السيسي لانه نفذ مطاليب شعبية اذ خرجت الملايين من الناس المطالبة بأزاحة مرسي وشكلت حكومة مدنية مؤقته والسيسي مازال وزير دفاع فيها , لماذا تقبل العالم الاطاحة بمبارك ولم يتقبل الاطاحة بمرسي , طالما الاسلوب هو نفس الاسلوب الذي استعمل ضد مبارك !! ؟
الجواب بصراحة ان امريكا ومن سار بركابها تريد للمنظمات الارهابية التي تتأخذ الدين غطاء لها هي من تحكم لاسباب عديدة ومن اهم هذه الاسباب , انها تعلم ان هذه المنظمات ستعيد الشعوب العربية الى الوراء , الى عصور التخلف والظلامية , ان امريكا ومن معها لايريدون الشرعية بل يريدون الشطر الاول منها اي تريد الشر… فقط لكي يعم القتل والارهاب الدولي المنظم للقضاء على كل ثروات الوطن العربي البشرية منها والمادية وهذا مافعلته في العراق وليبيا ولو كانت امريكا تريد الشرعية والرفاهية والامن لما وصل الحال بالعراق على ماهو عليه الان وكذلك ليبيا . امريكا وبريطانيا دمرا البنى التحتية وقتلوا المواطنين العزل واثاروا الفتنة الطائفية وحللوا السرقة وسمحوا للفساد ان يستشري في كل مفاصل الحكومة العراقية وسفكوا الدماء في العراق بدون وجه حق وانتشر الجهل وتركوا ارضها يباباً , وكذلك فعلت فرنسا وايطاليا في ليبيا .
اذاً عن اي شرعية يتحدثون ؟ الشرعية التي يتحدثون عنها هي شريعة الغاب شريعة القوي يأكل الضعيف , وعن اي حقوق يتحدثون  , امريكا وبريطانيا كلاهما من الدول الاستعمارية , استعمرا الشعوب ونهبا ثرواتهم لعشرات السنين, انهم يحللون ويحرمون كما يحلوا لهم , انهم اصحاب المبدأ الذي يقول ( قتل امرئ في غابة جريمة لاتغتفر وقتل شعباً امناً مسألة فيها نظر!!! )
  ان ماحصل في مصر هو شأن داخلي بحت ولايحق لأحد التدخل , وان شعب مصر قادر على اتخاذ الطريق الذي يريده نحو المستقبل الزاهر .
نحن مع الشعب المصري البطل ومع تطلعاته ونحن مع الجيش حين يكون السد المنيع والحامي لمصالح الشعب من اي حاكم معتدي أثيم يستهين بالشعب .