12 أبريل، 2024 3:15 ص
Search
Close this search box.

الشريف حسين : أين الأبناء والأحفاد؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

لا يمكن لاي متابع او قارئ لوقائع التاريخ العربي المعاصر (منذ مطلع القرن الماضي) ان يتجاوز دور الشريف حسين وابنائه واحفاده. مهما كان راينا في هذا الدور، فان وقائعه محفورة في هذا التاريخ.
المملكة العربية
حرص الشريف حسين على طرد العثمانيين (حكومة الاتحاد والترقي) من البلدان العربية اولاً، وعلى تأسيس مملكة عربية اسلامية هو ملكها، على انقاض العثمانيين ثانياً. وسواء كانت تلك الاهداف ممكنة ام لا، فانه ارتكب خطأ جسيماً حين استعان ببريطانيا. وكأنه استجار من الرمضاء بالنار.
وقد حذر الزعيم العثماني (جمال باشا) العرب، وفي مقدمتهم الشريف حسين من التعاون مع بريطانيا ضد السلطة العثمانية. لكن تحذيرات جمال باشا لم تجد من يصغي لها، ولا سيما انه اضافة لوزير الدفاع العثماني انور باشا، مرتبطان في تلك المجزرة التي ذهب ضحيتها ما يزيد على عشرة شخصيات عربية من لبنان وسورية، اعدموا، ونال جمال باشا لقب (السفاح) جزاء عمله هذا. وهكذا كان الفيلق العربي بقيادة الامير فيصل بن الشريف حسين، في طليعة القوات المتحالفة مع بريطانيا، وطاردت الجيش العثماني حتى داخل الاراضي السورية.
الحقيقة والسراب
وهنا افصح البريطانيون والفرنسيون عن حقيقة اطماعهم، فحين الف الامير فيصل حكومة عربية بدمشق بعد طرد العثمانيين منها، قام الجنرال الفرنسي (غورو) باسقاط هذه الحكومة، وانتحر وزير دفاعها ( يوسف العظمة)، وعاد الامير فيصل مخذولاً الى مكة.
من جانبها قامت بريطانيا بابعاد الشريف حسين الى قبرص. عند ذلك تم غلق الباب امام طموحات الشريف حسين والتي اصبحت سراباً في صحراء. ولكن في وقت لاحق تم تقديم ما يشكل (ترضية) جزئية للعائلة الشريفية، حيث سمي الامير فيصل ملكاً على العراق، والامير عبد الله ملكاً لامارة شرق الاردن.
بقي الشريف حسين يعيش الغربة في جزيرة قبرص ويعاني من ضائقة مالية، ولم يصله من ابنائه ما يعنيه على الحياة في غربة قاسية. ومات ودفن في مدينة نيقوسيا بجزيرة قبرص. كنت هناك مطلع عام 1980، كنت في قبرص، في ختام جولة متابعة لتوزيع المطبوعات العراقية، بدأتها من لندن وباريس وفينا وروما ومدريد والرباط وانتهت في قبرص في طريق عودتي للعراق. في نيقوسيا التقيت الناشطة اليسارية (مونيكا) مديرة التلفزيون القبرصي. وكنت قد التقيتها في عام 1978، بالعاصمة الــهندية (دلهي) في ندوة فكرية نظمتها جهة كورية شمالية حول (الطريق الوطني الخاص). وباللغة الكورية يطلقون على هذا الطريق (زودشه) . الجزيرة صغيرة، والعاصمة نيقوسيا صغيرة هي الاخرى. انهيت ما جئت من اجله، تجولت قرب الخط الازرق وعليه رايات الامم المتحدة الزرقاء (UN). زرت متحف مكاريوس. التقيت بموزعي الصحف، وهو الغرض الذي جئت من اجله الى قبرص قادماً من العاصمة اليونانية اثينا. وتهيأت للعودة لبغداد.
عند ضريح الشريف حسين
بواسطة ادارة الفندق الذي اقمت فيه (فندق تشرشل)، حجزت سيارة توصلني لمطار نيقوسيا ظهراً. جاء السائق مبكراً. ولتمضية الوقت اقترح علي برنامج تجوال في المدينة. وافقت وتركنا البرنامج مفتوحاً: هو يقترح.. وانا صاحب القرار ومن مقترحاته: زيارة ضريح الشريف حسين. وافقت وتوجهنا نحوه. المفاجأة: ان الضريح بحالة يرثى لها. المياه الجوفية والرطوبة والحيطان المتأكلة. خدمة بسيطة يؤديها حارس الضريح. باختصار: مبنى لا يليق بتلك الشخصية. وقفت عند القبر، قرأت الفاتحة. ومحملاً بأسى كبير، غادرت متسائلاً: عن دور ابنائه واحفاده في تكريم عميد العائلة وهو في رحاب الاخرة. وهذا الدور غائب دون شك.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب