الشرق الاوسط الجديد.. مشروع اسرائيلي امريكي

الشرق الاوسط الجديد.. مشروع اسرائيلي امريكي

بعد ما حدث في سوريا، وسقوط نظام بشار الاسد؛ سقوطا دراماتيكيا، ومفاجئا للجميع وربما ايضا للنظام السوري ذاته. أذ، هو ايضا كان قد فوجىء بسقوطه السريع، وتخلي جيشه عنه، لم يقاتل ابدا، وايضا تخلى كل حلفائها عنه؛ بدأ الحديث عن شرق اوسط جديد اخذ في التشكل، يشتد ويتوسع الحديث عنه. بدى وكأنه امرا حاصلا لامحالة، وان المقصود بالشرق الاوسط الكبير او الجديد؛ هو اعادة رسم الخرائط الجغرافية لكل المنطقة العربية حصريا وليس سواها، وايضا طبيعة انظمة الحكم فيها وعلاقتهم مع الكيان الاسرائيلي. ان الامر والادهى؛ هو التهديد بمجيء ترامب على رأس الإدارة الامريكية المقبلة، سواء كان تهديدا صريحا وواضحا او انه تهديدا مبطنا؛ وكأن ترامب يختلف عن بايدن في تغيب مقصود عن حقيقة السياسة الامريكية وكيفية صياغتها واقرارها في الظل، او في المسار الجانبي الموازي، ربما يختلفون في طريقة الوصول الى الاهداف وليس الاهداف بحد ذاتها، فان كل الرؤساء الامريكيون، هم وجهان لعملة واحدة. مما لايمكنانكاره هو ان الاوضاع حبلى بكل التحولات والتغييرات ليس على صعيد المنطقة العربية فقط، بل على صعيد كل بقاع العالم التي تشهد الصراعات والحروب سواء الخفية منها او الظاهرة، لكنها جميعها تقع في خانة التحولات والتغيرات الى تلوح في الافق ربما المنظور. ان اهم تغير حدث في عام 2024؛ هو سقوط النظام السوري ومجيء الحكام الجدد لحكم سوريا الذين لم تتبين بعد، بصورة واضحة سياستهم سواء في الداخل السوري او على الصعيد العربي وفي مقدمة ذلك هو علاقتهم مع الكيان الاسرائيلي، وايضا علاقتهم مع تركيا المحور الاساس في التخطيط والتنفيذ في عملية وصولهم لسدة الحكم في سوريا. تركيا صارت هي اللاعب الاساس او الوحيد في الشأن السوري، اضافة وبدرجة اقل عن اللاعب التركي؛ هناك في الملعب السوري؛ امريكا والغرب، فرنسا والمانيا، وانظمة الخليج العربي، ومصر والاردن، ويجب هنا ان لا ننسى اللاعب الروسي. ان كل متابع للسياسة الدولية سواء في الصراعات والحروب وتداعياتها، أو في الصراعات الأخرى غير العسكرية،في المعمورة، من انها جميعها ترتبط بطريقة او بأخرى، تأثيرا وانتاجا للمواقف من هذه الصراعات والحروب مع بعضها. ان السقوط المدوي للنظام السوري لا يمكن ان يكون من دون معرفة روسيا مسبقا بهذا السيناريو من قبل على الاقل الجانب التركي، اضافة الى الكيان الاسرائيلي وامريكا، والدولتين الأخيرتين عبر الجسر التركي. انها خبطة تم تنفيذها سريعا وبضربة خاطفة، باستغلال ما نتج عن حرب الكيان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة. فقد انشغل حزب الله بالحرب دعما لغزة مع الكيان الاسرائيلي ومانتج عن ذلك من تداعيات معروفة ولاحاجة لإعادة كتابتها. وما صاحب كل هذا من تهديد امريكي لإيران بعدم التدخل عبر وسطاء وهي رسائل باتت معروفة لجميع المتابعين، مما جعل ايران تنأى بنفسها، اي الامتناع عن الدفاع عن النظام السوري الذي تخلى جيشه عنه وتلك هي ايضا حجتها وحجة روسيا بعدم وجود خطة للدفاع عن النظام طالما الجيش السوري لم يقاتل. هذه الحزمة من المتناقضات ترتبط مع بعضها ارتباطا عضويا فاعلا ومنتجا لما سوف يحدث لاحقا منها، اي من هذه المتناقضات ليس على الصعيد السوري فقط وليس على الصعيد الاقليمي والعربي فقط، بل على صعيد كل الصراعات في العالم ومنها الحرب في اوكرانيا. روسيا هي في علاقة قوية ومتينة مع تركيا وهي علاقة الضرورة الملزمة للجانبين مع كل التقاطع للمصالح بينهما في اكثر من مكان؛ في سوريا وفي غير سوريا. من هنا فان روسيا حرصت في كل مراحل الصراع والحرب الاهلية في سوريا؛ ان لا تدخل في خلاف مهما كان حجمه، مع الجانب التركي لحسابات ذات ابعاد استراتيجية. في هذا الباب او من هذا الباب كانت تركيا تلعب لعبتها في سوريا عبر تفاهمات استانة، فقد جمعت كل المعارضين للنظام السوري هم وعوائلهم في ادلب. بدأوا التدريب على السلاح واقامة فصائل مسلحة عديدة، وايضا وهذا هو الاهم تشكيل حكومة انقاذ، ربما بضوء اخضر روسي او على اقل احتمال بصمت روسي، حتى لا تختلف روسيا مع تركيا وبالذات في سنوات الحرب في اوكرانيا. هناك امر  اخر ألا وهو طلب اردوغان الاجتماع مع بشار الاسد لكن الأخير رفض إلا بعد ان تتعهد تركيا او تضع جدولا زمنيا؛ لانسحابها من الاراضي السورية التي تحتلها منذ سنوات، مع الضغط الروسي الى جانب اردوغان في الذي يخص الاجتماع مع الرئيس التركي، إنما رئيس النظام السوري، بشار الأسد،رفض حتى الطلب الروسي او ان الاجتماع يكون برعاية الرئيس الروسي. من وجهة النظر الشخصية ان اردوغان قد خطط مسبقا لأسقاط النظام السوري، وما طلبه هذا ما هو إلا للتمويه على النية الاردوغانية، خصوصا وان هذا الطلب اي طلب الاجتماع مع الرئيس السوري المخلوع، كان حين بلغت حرب الكيان الاسرائيلي اوجها على الشعب الفلسطيني في غزة من ابادة وتدمير لكل الحياة في القطاع، والمواجهة بين ايران والكيان الاسرائيلي؛ وسط كل هذه التطورات تقدم الرئيس التركي بطلب الاجتماع مع بشار الاسد، بواسطة الرئيس الروسي. السؤال الاهم والاخطر هنا هل ان روسيا بكل ماهي تمتلكه من مخابرات واقمار صناعية، ومراكز دراسات استراتيجية ومراكز تحليل عسكري سياسي، قد غاب عنها الهدف التركي؟ الاجابة وبكل تأكيد؛ كلا بل والف كلا. القيادة الروسية كانت بطريقة اوبأخرىتعلم علم اليقين بنوايا تركيا اردوغان، إنما مصالحها مع تركيا كان لها الغلبة في اتخاذ القرار الروسي في حسابات روسيةاستباقية في الذي يخص حرب روسيا في اوكرانيا، خصوصا بعد سيطرة اوكرانيا على مقاطعة كورسك، والتي فيها محطة ضخ الغاز الى اوروبا، وتهديد الرئيس الاوكراني، زيلنيسكيروسيا، قبل مدة طويلة؛ من ان اوكرانيا؛ لن تجدد اتفاقية المرور الغاز الروسي الى اوروبا عبر اراضيها طالما الحرب مستمرة ولم تنسحب روسيا من اراضي اوكرانيا. عليه لحسابات حركة الواقع الضاغط على روسيا؛ تكون حسابات روسيا في علاقتها مع تركيا، اهم وابعد كثيرا من حساباتها مع النظام السوري، او ان هناك ومن المحتمل ان تكون تركيا طرفا بطريقة او بأخرى بتنظيم علاقة روسيا مع سوريا الحكم الجديد او الحكام الجدد؛ بما يخص تواجد قواعدها الجوية والبحرية في سوريا.هناك تصريح لأحد المسؤولون الامريكيون، يقول فيه، ان نظام حكم شامل ومعتدل في سوريا ربما يكون افضل من غيره، وهنا واضح ان المقصود في غيره؛ هو اقامة نظام ديمقراطي. ان اجراءات سوريا الحكم الجديد؛ تثير الكثير من الاسئلة وعلامات الاستفهام حول سياستها داخليا وعربيا واقليميا. في حكم المؤكد ان لتركيا في سوريا الجديدة سوف يكون لها تأثيرا كبيرا وكبيرا جدا؛ في السياسة الداخلية وفي السياسة في المجال الدولي اي علاقة سوريا مع امريكا والغرب وروسيا بصورة عامة. كيف تكون علاقتها مع الكيان الاسرائيلي هل تندفع لتنظيم العلاقة مع اسرائيل على قاعدة تبريدها لحين ان تكون هناك فرصة في تحديد مسارها، سلما كما بقية دول الخليج العربي ومصر والاردن والمغرب وغيرهما، ام البقاء في المنطقة الوسط من لا حرب ولا سلم، ام بعد ان يتم التفاهم بشكل او باخر حول الجولان وجبل الشيخ والمناطق الاخرى التي احتلتها اسرائيل مؤخرا، عبر التجسير التركي الى منضدة التفاهم. هناك ملفات اخرى تنتظر حلحلتها في سوريا وهي او من ابرزها هو موضوع الاكراد في سوريا. في هذا الملف تكون اليد الطولى والاقوى هي اليد التركية؛ في ايجاد مخارج لوضع اكراد سوريا. على الارجح هنا سوف تكون حقوق دستورية للأكراد من دون حكم ذاتي، ومن دون هوية ثقافية( اللغة في الاستخدام الرسمي والانتاج الثقافي) اي في الترشح وفي الانتخاب بالضبط كما هو معمول به في تركيا؛ اي حقوق متساوية كما هي بقية حقوق الشعب السوري لهوية تركية جامعة في اللغة وما نتجه اللغة. هذا التوجه سوف يمرر بعد ان يتم تسوية مسألة الحزب الديمقراطي الكردي التركي، مع زعيم الحزب، عبد الله اوجلان، او بالتوازي والتوقيت الزمني.فقد بدت ملامح هذا التوجه التركي واضحة في الاشهر الأخيرة خصوصا بعد لقاء اثنان من قادة حزب ديمقراطية الشعوب. في هذه الخبطة سوف يكون نظام الحكم في سوريا نظاما شموليا ومهما قيل ويقال بخلاف هذا ما هو إلا نفخ الهواء في القرب المثقوبة. ان كل الاطراف سواء العربية المطبعة او تركيا او امريكا او الغرب او حتى روسيا، وحتى الكيان الاسرائيلي الذي يكون حاضرا عبر القناطر التركية والامريكية والعربية والروسية، وايضا حكام سوريا الجدد او سوريا الجديدة؛ سوف تكون كلها ضالعة بطريقة او بأخرى غيرها، إنما هي كلها، تقع في ذات المسار والتوجه؛ وهو اي هذا المسار جزء من التخطيط لإقامة شرق اوسط جديد، ومنها ايضا هو تنظيم علاقة سوريا الجديدة مع الكيان الاسرائيلي بعد ربما حلحلة الجولان وبقية الاراضي السورية، بطريقة ربما ترضي الجانبين بها، السوري والاسرائيلي، اي تلبي ربما مطالب سوريا الحكام الجدد في وضع خارطة طريقة في الذي يخص الجولان وبقية الارضي السورية؛ مقدمة الابد منها قبل سير سوريا الجديدة؛ على طريق دول الخليج العربي ومصر والاردن والمغرب وغيرهما لاحقا وفي اقرب وقت ممكن او تسمح به الظروف الموضوعية والواقعية ومعطياتهما مع الكيان الاسرائيلي الذي يمارس منذ ما يقارب السنة والنصف حرب الابادة والتهجير في غزة وعلى شعب غزة العربي الفلسطيني. هذا من جانب اما من الجانب الثاني؛ فأن مقاومة هذه المشاريع سواء فلسطينيا او عربيا لسوف تشتد اوارها حين تكون هذه المشاريع واقعا او انها تقترب لتكون واقعا على الارض، كما هو حاصل الآن وفي هذه الاوقات المشؤومة والتي بلغت فيها اوضاع العرب اسوء ما تكون عليه من السوء الذي ليس بعدها اسوء مما هو حاصل في هذه الظروف العصيبة والقاسية جدا على كل من به بقايا من الضمير العربي والاسلامي. هناك مقاومة مستمرة ومنذ عدة سنوات؛ لهذه المشاريع او لهذا المشروع اي مشروع الشرق الاوسط الجديد سيء النية والصيت والمسار والتوجه والنتائجوالتبعية؛ حتى قبل ان يتسع الحديث عنه في كل وسائل الاعلام وكل التحليلات السياسية. في سوريا اذا ما اقدم الحكام الجدد على تنفيذ هذه السيناريوات المعدة في المسار او في الخط الجانبي والموازي والخفي للخط المعلن بوضوح؛ سوف تفقد كل تأييد شعبي لها والذي تمتع به حاليا، وتواجه رفضا شعبيا لها ولكل ما سوف تقوم به على هذا الطريق ان هي قامت به من دون الأخذ بالاعتبار الرأي الشعبي اي شعبها به، بل سوف تشهد مقاومة لها ولتوجهاتها ان هي اي سوريا الجديدة؛ قامت بتنفيذ ما سوف يطلب منها؛ من مفردات مخطط قد اعد في انقرة وواشنطن او في تل ابيب عبر معبر اعد لها، لإسرائيلكي تعبر عليها من تحت مياه البحر الابيض المتوسط؛ من دون ان تظهر في المشهد إلا حين يكون واقعا على الارض. ففي العراق وضمن هذا المخطط؛ لا يمكن لشعب العراق ان يرضخ لكل التهديدات الامريكية او غيرها، مهما كان حجمها وقوتها؛ لسبب بسيط وواقعي وموضوعي هو ان شعب العراق، شعب لم يتعود في كل تاريخه على الانصياع للإملاءات من اي دولة تصدر، وهنا ما اقصده هو الشعب العراقي حصرا. هذا ينطبق على اليمن وعلى كل الشعوب العربية التي هي ترفض سياسة انظمتها المطبعة مع كيان اسرائيلي مجرم وعنصري وتوسعي، وهو تطبيع مجاني اي من دون ان يتضمن حق الفلسطينيين في دولة لهم ذات سيادة كاملة غير منقوصة. لقد فرح الشعب السوري بسقوط نظام الاسد؛ سبب الدكتاتورية والاستبداد والظلم، واسباب اخرى. لكن الشعب السوري العربي اؤكد مرة اخرى لن يقبل بما سوف يقوم به حكامه الجدد، هذا اذا ما اقدموا عليه..