23 ديسمبر، 2024 10:30 ص

الشرق الأوسط ومخاضات التقسيم

الشرق الأوسط ومخاضات التقسيم

مر  قرن على تقسيم الشرق الأوسط، وفق إتفاقية ساكس بيكو، والتي أبرمت بين دول الإتحاد الأوربي الآن، عاشت شعوب الشرق محن كبرى، أودت إلى كثير من الدماء المراقة، بسبب مقاومة الجيوش التي غزت أرض الشرق، وما فعلته من جرائم يندى لها جبين الإنسانية .
ملامح التقسيم عادت من جديد إلى الواجهة وبكل قوة بعد 100 عام، الإرادة الدولية لا تسمح بأي شكل من الأشكال، أن تقوم أي دولة بدور محوري في العالم، لأنها تخشى على نفوذها المتصاعد وبالتالي إلحاق الهزيمة بها .
لنعد قليلا إلى عام 1980 الحرب الإيرانية العراقية،  بعد قام الإيرانيين بقيادة الخميني، ثورة على نظام الشاه المدعوم من قبل أميركا وبيرطانيا، أرادت هذه الدول بصورة أو بأخرى، إخضاع نظام الخميني، إلى إرادتها، لكن القيادات الإيرانية رفضت الانصياع،فكان الرد الأجنبي بحرب أسمرت لثمان سنوات حرقت الأخضر مع اليابس .
الغريزة التقسيمية التي تنتاب الدول الكبرى، لا تزال حاضرة الآن من أحداث العراق إلى ما أصطلح عليه بالربيع العربي، والذي كاد أن يكون خريفا مملوء بالدماء، العراق يتخلص من نظام ديكتاتوري بمساعدة قوات التحالف، بعد أكثر من 40 سنة على الحكم، فعل ما فعل حينها، تونس بعد الإطاحة برئيسها،كان سمة حكمه بما يعرف بالبوليس السري، تعيش حالة من الإنقسام السياسي .
 ومرورا إلى مصر والتي ما إن تخلص شعبها من حاكم جثم على صدرها 40 سنة عاد ليقوم بثورة ثانية على مرسي والذي كان بدوره يمارس سياسة الأخونة في المجتمع، لم تنتهي الأزمة فمناصرو الإخوان رفضوا بما يسمى الإنقلاب على الشرعية. الاحتجاجات تتواصل، والمصريون انتخبوا السيسي رئيسا لبلدهم، ولا يزال الإخوان مصرين على موقفهم .
وصولا إلى اليمن التي لم تعرف للراحة طعم، محمد صالح في خبر كان بعدما ثار ا ليمانيون عليه، جماعة الحوثي و حركة الجنوب لم تقتنع بما جرى بعد خلع صالح، بسبب خلو التمثيل السياسي لهم، ردا على سياسات الإقصاء انتفض الحوثيون ومن خلفهم الشعب، ليعلنوا بسط سيطرتهم على صنعاء،بدعم من بعض القطعات العسكرية الوطنية .
لم تقف الرحلة ويستمر المسير، سوريا تعيش الأمرين، النظام يقاتل المعارضة، والمعارضة تقاتل المتطرفين، المتطرفين يقاتلون النظام، والشعب يعلن تأييده للأسد، وأميركا التي تقود المعسكر الغربي تريد إسقاط الأسد، وإيران التي تتزعم محور المقاومة والممانعة تقف بالضد مما تفعله أميركا .
بين كل ما يجري المؤسسات العربية، لا تمتلك أي دور فعال لتردع المخططات الرامية، لتقسيم الوطن العربي مرة اخرى، كذلك شعوب المنطقة لم ترسم أي خطط مستقبلية لمواجهة التحديات، يظل الهاجس العربي قيد الانتظار لتوحيد كلمة العرب، لتأسيس نوع من الإتحاد والتألف وبذلك تكتمل تأسيس الجامعة العربية، والتي إلى الآن لم تقعد إجتماع وحدوي تآلفي .
الوطن العربي والذي يضم أكثر من عشرين دولة ما بين جمهوريات وممالك، تعيش شعوبه على وقع فوهة بركان، فهم بأي وقت سينتفضون بثورات عارمة، ضد حكامهم المتخاذلين الإنبطاحيين، والذي سلموا أوطانهم على طبق من ذهب للدول الكبرى التي تتصارع بشكل وبآخر على بسط نفوذها على منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا .