23 ديسمبر، 2024 5:50 ص

الشرح المبسط في تفسير الأمي والأميين

الشرح المبسط في تفسير الأمي والأميين

(( أن الذي تبنى فكرة أن العرب الذين نزل فيهم القرآن كتاب الله تعالى هم لا يحسنون القراءة ولا الكتابة ولا أثر لرسالة دينية إلى أن جاءهم الإسلام بالنظرية السماوية على نبي عربي قرشي من أهل الجزيرة العربية التي تُدين أكثرها بالوثنية وعليهم غبار الجهل والتخلف والأمية وهذا الرأي مردود عليهم كون العرب لم تخلوا من العباد والمصلحين والعلماء وأصحاب الرأي السديد وأصحاب ديانات أخرى كتابية كان لهم مستوى عالي من الثقافات الدينية المكتسبة كاليهودية والمسيحية والعلوم الأخرى حتى وصل الكثير منهم إلى مقاربة أصحاب الرسالات (زيد بن عمرو بن نفيل -عبيد الله بن جحش – ورقة بن نوفل– عبد المطلب – وأبو طالب – بحيرة الراهب – أبو عامر بن صيفي- سويد بن الصامت الأوسي- قس بن ساعدة الأيادي- زهير بن أبي سلمى- كعب بن لؤي بن غالب ) وغيرهم كان هؤلاء القوم من عرب مكة المكرمة والمدينة المنورة وما جاورهما كانوا أصحاب كلمة وفصاحة لسان وبيان لغة عربية وغير عربية وأندية ثقافية وشعرية وتنوع في الثقافات الدينية والغير دينية وأصحاب رأي سديد يُطاعون في قومهم لرجاحة عقولهم . أما ما يُشاع عن هذه النظرية السماوية الضخمة في المحتوى الجديدة على المجتمع الجاهل الأمي كونهم لا يعرفون القراءة والكتابة فهذا عبثي ولا جدوى منه في تقبل هذه الرسالة . قد تشابكت الآراء والنقاشات وتشعبت التفاسير حول كلمة ( الأميين ) بين السابقين واللاحقين في الوقوف على معناها وما زال النقاش محتدم وهذا يقودنا إلى ما أراده أعداء الإسلام والمسلمين في زمن النبوة المحمدية ولحد الآن في سبيل نفي النبوة والتشكيك بصاحب الرسالة الإلهية ونسف ما جاء في القرآن الكريم من محتوى تشريعي وتعبدي وخارطة طريق مستقيم لحياة الإنسان على الكرة الأرضية من خلال وسم حاملها ( النبي محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وعلى آله وسلم ) بالأمية تحت ذريعة أنه خارج خط الرسل والأنبياء من أصل يهودي وما يؤمنون به فقد حسد اليهود العرب المشركون على هذه الرسالة المحمدية الجديدة عليهم ووصفوهم بالأميين أي من غير الشعب اليهودي ولا امتداد لأصحاب الرسالات اليهودية عبر عصور سبقت الإسلام ونبيهم الكريم حيث أطلقوا على عرب الجزيرة المشركون منهم كلمة ( غوييم أو كوييم ) العبرانية وتعني الغوغاء أو الجهلة أو عامة الناس من غير اليهود القريبة المعنى كثيرا من الأميين على هواهم وتوجهاتهم البغيضة المعادية للإسلام كما جاء في القرآن الكريم ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم … ) سورة الجمعة آية 2 وكذلك ( ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني … ) و( ليس علينا في الأميين سبيلا ) سورة آل عمران آية 75 و( وأن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن أتبعني وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم … ) وردا على هؤلاء نستطيع الرجوع إلى بعض المعاجم اللغوية العربية وبعض التفاسير منها ( القاموس المعجم الوسيط- اللغة العربية المعصرة – الرائد – لسان العرب – القاموس المحيط – قاموس عربي عربي ) ومن تفاسير بعض العلماء
_ قال الدكتور جواد علي عن الفراء وهو من علماء اللغة العربية الأميين هم العرب الذين ليس لهم كتاب ويُراد به التوراة والإنجيل .
_ عن أبن تيمية قال : الأميون هم الذين لا كتاب لهم من العرب .
_وعن أبن هشام قال : الأميون هم الذين لا كتاب لهم .
_وعن القرطبي عن أبن عباس قال الأميين هم العرب جميعا ممن حسن القراءة والكتابة لأنهم ليسوا من أهل الكتاب .
_وعن الدكتور جواد علي عن الشهرستاني قال كانت الجزيرة العربية تتكون من فرقتين هم أهل الكتاب من اليهود والنصارى في المدينة والعرب الأميين في مكة .
_ وعن أبن كثير قال الأميين هم العرب الذين كانوا أكثرهم يدينون بدين الحنفية دين النبي إبراهيم عليه السلام وبعدها بدلوه بالشرك والإلحاد أو التحول للمسيحية واليهودية .
_ عن ابن وهب وسفيان الثوري قال الأميين هم العرب جميعا .
وبعد هذا الإيجاز في شرح كلمة الأميين نصل إلى وجهة نظر اليهود الحاقدة على غيرهم من الشعوب وخصوصا العرب كونهم يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار وهم خير العالمين واتهامهم للآخرين بأنهم رعاع همج خارجين على الدين استعلاء وتكبرا . أما المسألة الثانية الخطيرة جدا هي وصف النبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم رجل أمي لا يقرأ ولا يكتب أوحى الله تعالى إليه الرسالة السماوية وصورها بعض المفسرين والمؤرخين أنها ثقلا وعبأ على شخصية النبي محمد عليه السلام والتي تحمل أعظم الرسالات السماوية ليبلغ بها العالم أجمعين عن طريق العرب المكيين في شبه الجزيرة العربية والقرى المحيطة بها لينقذهم من الضلالة إلى الهدى والنور والفيض الإلهي ومن هذا المنطلق والتوجه يحدوا بنا الدفاع والحرص على ديننا وعقيدتنا وشخصياتنا التاريخية المهمة وعلى رأسها نبينا الأعظم محمد بن عبد الله عليه السلام قائد الأمة الإسلامية وحامل لواء الرسالة المحمدية والقرآن الكريم وللرد عن الشبه الخطيرة الثانية هي اتهامه بالأمية وجهله بالقراءة والكتابة يحمل كتابا معجزا بلاغيا وفصاحة وأعظم تبيان لكل شيء لذا وجب علينا تبيان وتفنيد هذا الاتهام باستعراض المجتمع العربي المكي وما جاورها والمدينة المنورة قبل وأثناء البعثة النبوية الشريفة والوسط الاجتماعي الذي عاش فيه النبي الكريم فهو من ولد النبي إسماعيل بن النبي إبراهيم عليهما السلام وديانتهم الحنفية التوحيدية الخالصة لله تعالى وحده وهو سليل الأنبياء والرسل ومن بني هاشم خير بيوت قريش وأشرفهم ونقاوة ديانتهم الحنفية في وسط القبائل العربية المشركة التي تمتد من بلاد فارس والروم وبلاد اليمن وعندهم معرفة بالتوراة والإنجيل وعندما أختار الله تعالى رسله من آدم عليه السلام إلى النبي محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والتسليم اجتباهم من أصلاب طاهرة مطهرة من الآباء والأمهات بعناية لمجتمعاتهم في الزمان والمكان الذي أختاره الله تعالى امتازوا بعقلية وأخلاق وأصلاب مطهرة خالصة خالية من النقص البدني والأخلاقي والمعرفي ليكونوا أهلا لحمل الرسالة الإلهية بموازاة التطور الحضاري والرقي الاجتماعي والعقلي إلى زمن النبي محمد وبما أن الرسالة المحمدية جاءت إلى كل الناس والخاتمة لما سبقها من الرسالات حتى يرث الأرض وما عليها لذا يجب أن يكون حامل هذه الرسالة على قدر عالي من المواصفات والتكامل الأخلاقي الخالي من النقص الفكري والأخلاقي والعلمي والمعرفة بالماضي والحاضر والمستقبل ومؤهلا لحمل هذه الرسالة الضخمة فقد كان النبي محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة معروفا في قومه بما يملكه من أخلاق عالية يشار لها ونشأة معرفية وثقافية وديانة حنفية موحدة لله تعالى وحده بعيدة عن الشرك والوثنية وما ذُكر عن الإمام الصادق عليه السلام أنه كان يعرف أكثر من 72 لغة وذكر بعض المؤرخين أنه كتب ودون نسخ ثلاثة من القرآن الكريم وختمه بختمه الشريف على كل نسخة من القرآن لكن الأيادي المغرضة عبثت بها وإخفتها عن المسلمين لذا علينا أبعاد هذه الشخصية العظيمة من الافتراء والكذب والإصرار على الإساءة له في إشاعة الأمية بعدم القراءة والكتابة .علما أن الله تعالى ذكر في سورة النحل الآية 44( …. لتبين للناس ما ينزل إليهم ) فأن تبيان الشيء للغير يتطلب معرفة مسبقة بما يعلم به من كتاب أو شريعة أو منهاج ومعرفة بما جاء من قبله من الرسالات والأديان السابقة له ولعصره والمعاصرة له وكل ما تقدم ينفي عن رسولنا الكريم محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم أنه رجل أمي لا يقرأ ولا يكتب ))