18 ديسمبر، 2024 11:58 م

الشراكة الوطنية أساس المرحلة المقبلة

الشراكة الوطنية أساس المرحلة المقبلة

ونحن نقترب من طوي الثلثين الأوليين من أول شهر يمر بعد إجراء انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة في البلاد، ما زالت الكتل والأحزاب السياسية والائتلافات الفائزة في الانتخابات تخوض جولات عديدة ومتنوعة من المباحثات وتجري اللقاءات والمناقشات فيما بينها وصولا لتحقيق التحالفات الكبيرة والاتفاقات السياسية الخاضعة للمصلحة العامة وتشكيل الحكومات المحلية المرتقبة، والتي ينبغي لها ان تكون قائمة على أساس الشراكة الوطنية الحقيقية المبنية وفق البرامج والأهداف العامة لكل كيان أو حزب والتي تلتقي مع بعضها البعض في خطوطها العامة العريضة المستمدة من أهداف وآمال الشعب العراقي في الحرية والعدالة والمساواة وحفظ كرامة الإنسان وتحقيق الرفاهية والاستقرار.
جميع هذه اللقاءات والنقاشات والحوارات هي لتقريب وجهات نظر الائتلافات والأحزاب ولتحديد وجهتها وبوصلتها في إضفاء التشكيلة المنوعة والملونة لحكومة أي محافظة، لذا فقد شهدت الساحة العراقية تشكيل لجان ووفود للكتل السياسية لبحث أقرب التحالفات الممكنة مع بعضها البعض دون إقصاء أو تهميش لإحدى مكونات المجتمع أو تغليب رأي على حساب الرأي الآخر، فالجميع ينبغي ان يكونوا شركاء في الوطن وفي عملية بنائه، وان جميع هذه التشكيلات هي حقوق دستورية وديمقراطية كفلها الدستور العراقي الجديد لكل العراقيين، وذلك بالطبع يتم من خلال بحث أي الأطراف الأكثر مناسبة وملائمة لأي حزب وفق منهاجه ورؤاه العامة وخططه المستقبلية، كما إن تشكيل الجبهات هو أمر اعتيادي جدا في خضم نتائج الانتخابات المعلنة وعدم استطاعة أي طرف تشكيل حكومة محلية بمفرده لان معظم الفائزين ــ تقريبا ــ قد حصلوا على نسب متفاوتة بنسب بسيطة لا تعطي لأي أحد منهم صفة الفائز أو حتى الخاسر، مما يعطي الجميع دافعا وحافزا قويا للتعاون مع الآخرين دون استئثار أو تفرد.
ان وجود أرضية مشتركة بين العديد من هذه الأحزاب وقواسم موحدة لها للسير بها في العملية الديمقراطية والسياسية إلى نهاية المطاف سيجعل من فرص تآلفها وتعاونها أكبر بكثير مما لو كانت النتائج والرؤى والأهداف غير ذلك، فضلا عن ان هذه التحالفات واللقاءات هي ضرورة كون الكتل الفائزة لابد لها من الاتفاق مع غيرها من الفائزين لتسيير العمل وفق الرؤى والخطط المشتركة وإيجاد آليات توافقية مناسبة للجميع، ولأن عملية فرز الأصوات ونتائجها قد حتمت عليهم عقد التحالفات والشراكة مع الآخرين من أجل تسهيل مهام مجالس المحافظات الجديدة وعدم تركها عرضة للخلافات والتجاذبات التي بها سوف لن تستطيع من القيام بدورها التشريعي والرقابي بصورة فاعلة، ولذا فان جدية الاتفاقات والتحالفات هي مطلب وطني حقيقي وغاية يسعى إليها بالتأكيد جميع من شارك بالعملية السياسية دون تقاطعات مع الآخرين لأنهم مهما أختلفوا بآليات ومناهج ورؤى العمل السياسي والانتخابي والديمقراطي إلا أنهم يتفقون حتما في الأهداف والتي يسعون الى تطبيقها وتحقيقها.
ان توسيع دائرة التحالفات والشراكة ضروري ومهم مثلما هو مهم الحفاظ على الوعود ومواثيق الشرف والاتفاقيات المبرمة قبل الانتخابات بين بعض الكتل والائتلافات، والحفاظ على هذه الوعود والاتفاقيات لا يجيز لاحد ان ينسلخ منها أو يلتف عليها بمحاولة الاستحواذ والسيطرة على المناصب العليا والقيادية والإدارية في مجالس المحافظات، ومع غياب بعض الأطراف والمكونات العراقية المؤثرة فان ذلك سيعني تكوين حكومة محلية ضعيفة غير قادرة على القيام بمهامها وواجباتها على أكمل وجه، وهذا ما يدعو الكتل الفائزة الى التباحث الجاد من خلال  الحوار الجاد والتقارب بشكل أكثر فاعلية، وترك محاولات الاستئثار والتفرد بالمناصب بالسلطة ومقاليدها ونقض الاتفاقيات، لاسيما وان ثمة انتخابات برلمانية قادمة قريبا تجعل جميع من خاض الانتخابات المحلية يفكر أكثر من مرة قبل الاتفاق والتحالف مع أي طرف آخر يبيت نوايا فردية ضيقة مخالفة لهذه الاتفاقيات المشتركة بين المتحالفين ممن آمن وشارك بالشراكة وبالعملية السياسية وآمن بها وعمل على دعمها وتأييدها دون إقصاء أو تهميش من أجل تحقيق وتطلعات الجماهير في بناء البلد وإعماره.