22 ديسمبر، 2024 2:34 م

الشراكة العسكرية لمواجهة الإرهاب ضرورة استراتيجية!

الشراكة العسكرية لمواجهة الإرهاب ضرورة استراتيجية!

لم يكن اصرار سلطات إقليم كردستان على تطبيق المادة 140 الدستورية المهمة التي تعالج اعقد مشكلة تاريخية بين الحكومات العراقية المتعاقبة وبين حركات التحررالكردية على مدار عشرات السنيين ، الا لكي لا تصل الحالة الى ما وصلت اليه الان من تدهور في العلاقات بين بغداد واربيل التي اخذت شكلا عدائيا خطيرا ، وصل الى حد التقاطع والتصادم ولم يعد ينفع معها لا الاتفاقات الترقيعية ولا التوافقات السياسية ولا الوطنية ولا الوفود الكثيرة المتبادلة ، والاخطر ان الشعب الكردي يئس تماما من قيام بغداد بإيجاد أي حل جذري لقضايا جوهرية عالقة بين الطرفين ولم يعد يتحمل المزيد من التجاهل والتهرب من الايفاء باستحقاقاته الدستورية ، حتى وصل به اليأس والإحباط الى ذروته عندما ايقن ان التعايش مع هؤلاء في وطن واحد مستحيل!
فقرر ان ينفصل عن العراق ويتحرر من تبعيته الثقيلة ويتجه الى اجراء استفتاء جماهيري في 16 أكتوبر عام 2017 ورغم رفض المجتمع الدولي لنتائج الاستفتاء ، فانه اصر على إتمام العملية التي بلغت نسبة المشاركة فيها 93%! ولم تقف القوى الدولية الكبرى عند حد رفض خيارالشعب في ممارسة حقه المشروع بصورة ديمقراطية ، بل عاقبته بان اعطى الضوء الأخضر لرئيس الوزراء العراقي الاسبق”حيدر العبادي” بتحريك القوات العراقية وميليشيات الحشد الشعبي باجتياح المناطق الكردية المتنازع عليها وهي منطقة واسعة ( 51% من مساحة إقليم كردستان) ، ومن ضمنها مدينة كركوك الغنية بالنفط! هذا الاجتياح الواسع ترك فراغا امنيا هو الخط الفاصل بين القوات الحكومية وقوات البيشمركة ، وجد تنظيم”داعش”الإرهابي في هذا الفراغ الأمني الذي تصل مساحته في بعض المناطق الى 40 كيلومترا، مكانا مثاليا لاقامة قواعده العسكرية لشن هجماته الليلية على القوات العسكرية الحكومية والبيشمركة على حد سواء!
ولكن ما اثار الانتباه ان التنظيم الإرهابي قد كثف من هجماته على القوات البيشمركة في ضواحي مدينة كركوك و مخمور في الآونة الأخيرة وقام بقتل عدد من افرادها واغار على بعض القرى الكردية الآهلة بالسكان واضرم النار فيها بوحشية ، عزا بعض المراقبين هذا التصعيد الإرهابي المفاجيء بقرب انسحاب القوات الامريكية من العراق (آخر شهر ديسمبر 2021) ، فكلما اقترب هذا الموعد تصاعدت حدة الهجمات التي تعجز القوات العراقية من مواجهتها ، الامر الذي يضطر فيها الحكومة الى طلب المساعدة والدعم من القوات الامريكية لمواجهة الخطر ، كما فعلت حكومة نوري المالكي عام 2011 عندما طلبت من الامريكان سحب قواتهم من العراق ثم رجع عام 2014 لتطالبهم بالعودة بعد ان غزت قوات داعش العراق واستولت على ثلث مساحته واحتلت مدينة الموصل ومدن سنية أخرى وزحفت نحو بغداد العاصمة وكادت ان تدخلها لولا دعم الأمريكي السريع.
فيما يرى مراقبون اخرون ان من يقومون بالهجمات داخل الأراضي المتنازع عليها هم من عناصر النظام البعثي البائد بالتعاون والتنسيق مع داعش لاخلاء المنطقة من الكرد وتعريب المنطقة ، وهذا ما أشار اليه رئيس إقليم كردستان ” نيجيرفان بارزاني”عندما قال ” أن جزءاً من الهجمات المستمرة لـ«داعش» على المناطق ‏المتنازع عليها يهدف إلى إخلاء وإحداث تغيير ديموغرافي فيها”‏
فيما يرى البعض الاخر ان من مصلحة الميليشيات والفصائل الشيعية المسلحة إبقاء العراق في حالة التأزم الدائم واثارة الاضطرابات و الفوضى الدموية في العراق لكي لا يستقر وتبقى الحكومة أضعف منها غير قادرة على مواجهتها ونزع السلاح منها ، وهي تقف بالمرصاد لكل محاولة تؤدي الى تقوية حكومة مصطفى الكاظمي والتطبيع مع إقليم كردستان ووضع آلية مشتركة بين البيشمركة والجيش العراقي ، وستبقى العلاقة بين بغداد واربيل متأزمة مادامت حكومة”الكاظمي” تسيرها املاءات الطائفيين والشوفينيين المتغلغلين في مراكز القرار وتتجاهل تطبيق المادة 140 المهم ليست للكرد فقط بل للعراق كله!
والعجيب في امر هذه الحكومة الأضعف من بين كل الحكومات التي توالت على الحكم منذ 2005 تقف ساكنة ولا تتحرك إزاء الاعتداءات اليومية لهذا التنظيم الإرهابي على العراقيين .. وان كانوا كردا! وتتجاهل نداءات القادة الكرد بضرورة “سد الفراغات والثغرات الأمنية ، من اجل مواجهة العدو المشترك ،داعش الذي يهدد الأمن والاستقرار في كل ‏البلد‎” بحسب رئيس الإقليم ، وخاصة في هذا الوقت الحرج الذي اعلن فيه ” التحالف الدولي ان مهمتهم القتالية في العراق قد انتهى!”