يولد الإنسان وتتشكل شخصيته بناءا على النسق العام والسلوكيات المُتبعَة في الأسرة والمحيط وللدولة الدور الأكبر في صياغة تفكير الإنسان وسلوكه ومزاجه (الناس على دين ملوكهم) فالدولة بقانونها وسلطتها تستطيع ان تغذي المجتمع بمفهوم الحرية والتسامح والوعي والإيثار وتعزز مبادئ الديمقراطية وتضع كل هذه المبادئ على الأرض يبصرها الجميع حيث الشفافية والعدالة والنزاهة وتقديم الخدمات واحترام حقوق الإنسان بعيدا عن التضخم والتورم بالشعارات التي تساهم في خلق نرجسية غير مبررة ,,تشكلت الشخصية العراقية في زمن البعث المجرم على نسق تسلطي نتيجة بث سموم وأفكار البعث في كل شيء حيث المدارس والدوائر والعسكر وكل مفاصل الحياة فالشخص مثلا قد لا ينتمي الى البعث الإجرامي لكنه يمارس سلوكياته من خلال تعامله مع الزوجة والأطفال والأصدقاء وكل من يقع تحت سلطته او قريب منها لانه تأثر بهذا النسق البعثي العام من حيث يشعر او لا يشعر,,استطاع البعث ان يكون نسق عام تسلطي من خلال السلوكيات العدائية ضد كل من يختلف مع الفكر الشمولي الذي جاء به ميشيل عفلق وطبقه صدام المجرم أفضل تطبيق ,,وكان لهذا النسق دور كبير في تركيب وتشكيل ذهنية الشخصية العراقية سواء كانت مع البعث او ضده فالشخص الذي يقف تحت المطر سوف يتبلل وان كان رافضا له ولو كانت بيده مظله فإنها تقف عاجزة أمام إعصار بحجم حزب البعث المجرم ! لذا تشكلت شخصية الفرد العراقي بسلوك وطابع بعثي وفي ذات الوقت هي موالية للفكر الحسيني الا ان الفكر الحسيني لم يجد من يضخه الى المجتمع بالصورة التي رسمها الحسين وأهل بيته وبالتالي يساهم في تشكيل او إعادة تشكيل الشخصية العراقية الشيعية بالذات ,,فالفكر الحسيني ظل حبيس القصائد والمنابر ولم نجد له مصداقا واقعيا في ممارسات (السلطة الشيعية في مناطق الوسط والجنوب على الاقل).
فالجميع يعلم ان الذين تسلقوا الى السلطة لم يعنيهم فكر الحسين وأهل البيت ولم يحاولوا بث ونشر أخلاق اهل البيت وجعلها سلوك عام وهوية للشخص وتطبيقها في المدارس والوظائف لكي تكون جرعة قوية في مواجهة سرطان السلوك البعثي الذي تفشى في شخصية الفرد العراقي ,,فاليوم نشاهد سلوك بعض المعلمين سلوك بعثي مع التلاميذ والطلاب وسلوك الكثير من الموظفين سلوك بعثي ايضا في التعامل مع المواطنين يصل الأمر الى الاهانة في بعض الأحيان , وكلما اقتربت الشخصية العراقية من المناصب الحكومية كانت الغلبة في ممارساتها هي للجانب البعثي التسلطي حيث الحمايات والخدم والحشم والتسلط والنرجسية والاستعلاء على الآخرين وتضييع حقوق الناس وخدماتهم اننا بحاجة الى جرعة كبيرة وكبيرة جدا من الصحيفة السجادية ونهج البلاغة وخطب النبي وأهل بيته وإعطاء حيز كبير في مناهجنا الدراسية للأخلاق والسلوكيات من اجل إعادة تشكيل الشخصية الشيعية الجنوبية تشكيلا قريب من أهل البيت وأفكارهم وأخلاقهم قبل ان يكون البعث الهدام فكرا وسلوكا متوارثا يرثه الأبناء عن الآباء في حين يبقى الفكر الحسيني حبيس الكتب والمحاضرات ويكتفي بالظهور في ايام محرم على شكل قصائد ومواكب يصرخ من يسمعها بكاءا على الحسين في حين صراخه هو دافع لاشعوري للخلاص من الازدواجية بين البعث والولاء الحسيني !