18 ديسمبر، 2024 10:01 م

الشخصنة والخصخصة في الاعلام 2

الشخصنة والخصخصة في الاعلام 2

نجد  في الاعلام  في مختلف الاتجاهات والساحات العالمية تداخلا بين ( الشخصنة والخصخصة ) ، ويصل أحيانا  الى حد يصعب الفصل بينهما ، وهي مسألة طبيعية عندما تكون في اطارها المهني الموضوعي  …لكن متى تكون الشخصنة مرفوضة  وضارة   ..؟..  
…عندما تتعارض مع قواعد المهنة الاعلامية  –  وهي بالاساس  تخاطب عواطف الناس وتناغم عقولهم معا – ومع اخلاقها التي تتحول في ما بعد الى سلوك وثقافة في المجتمع   …فكيف يمكن  للمالك ان يغير القناعات والاراء  بما يفيد المجتمع  من خلال مشروعه الاعلامي ، اذا كان  يرى مؤسسته في النهاية أنها مشروع ( شخصي ) له ، بكل معانيه الاعلامية والثقافية  والتربوية والمادية .. فهو من يقرر الخط الاعلامي ، وطبيعته قبل التأسيس ،  ويشرف عليه لاحقا ، ويفرض أراءه بغرض تطبيقه ، حتى وإن كانت على حساب المهنية ..أو : يفرض أراءه عن طريق أخر ، وذلك عندما يتعامل مع العاملين على  انه الممول  المالي ، وبيده قرار غلق المؤسسة وفتحها  ، ويُعد ( ولي نعمة )  من يعمل فيها ،  اذا كان من ماله الخاص ، أو يكون هو في الواجهة مع جهة التمويل المستترة ، أو الظاهرة ..  وتصبح   المهنة  في هذه الحالة أسيرة جهة التمويل ، وقد يؤثر ذلك على  منهجها في الحيادية والنزاهة والدقة والموضوعية  واستقلالية المؤسسة ، ناهيك عن الابتعاد عن اخلاقية المهنة ومواثيقها وغاياتها وانعكاس ذلك على  صدق رسالتها ، لان الاعلام ( رسالة قبل ان يكون مهنة ).. فما الفرق اذن بين  الشخصنة والخصخصة  في الاعلام  ..؟  
في الاولى  ينصرف الذهن الى ( الانا )  المحض ..
 وفي الثانية الى القطاع الخاص كأحد أنواع النشاطات الانتاجية والاعلام واحد منها ..الاولى مرفوضة اذا كانت بعيدة عن الموضوعية ..
 والثانية طبيعية ، لان القطاع الخاص اصبح السائد اليوم في كل المرافق الانتاجية والخدمية ومنها الاعلام ..  والفارق بين الاعلام والقطاعات الاخرى في هذه النقطة …
 وهي : أنه  في القطاعات الاخرى يختفي  اسم صاحب المشروع  والممول خلف إنتاجه  ، ويذوب فيه ، فهناك مشاريع لا تعد ولا تحصى لكن لم يعرف المستهلك مالكها الذي يكفيه أن يتصدر اسم مؤسسته وعنوانها ويُعرف انتاجها ،  و( ماركتها ) المتميزة  وسمعتها ، و هذا يرضي طموحه وهدفه في النهاية ، بما يحصل عليه من عائد مادي وسمعة اقتصادية واجتماعية .. 
أما  في الاعلام فيُعرف اسم مالك المؤسسة مباشرة ،  أو بعد حين ، وبالتأكيد تعرف سياستها ومنهجها  من اسمه خاصة ، اذا كان معروفا ،  وحتى ممولها من خلال توجهها الاعلامي  وخطابها السياسي … 
 وبذلك يكون مشروعه قد قدم له افضل عائد اعتباري ايضا ، وهو الشهرة التي كان يفتقدها ،  وربما تفتح له الابواب لدخول مجالات اخرى يكسب بها أكثر وحسب اهدافه …
  وفي كل الاحوال …يُعد الاعلام مهنة عامة  للمجتمع في الغاية ، وان كانت خاصة في الملكية  ، ونجاح  المشروع الاعلامي يكمن في  الابتعاد عن ( الخاص ) والتركيز على العام الذي يحتوي الجميع  ، وتكون المهنية هي المعيار الحقيقي في التقويم ،  والتركيز على هدف المشروع الاعلامي  وهل  يكون في خدمة  صاحبه ، أو في سبيل  الوطن والشريحة المعنية التي يخاطبها ، ورائده الحقيقة  والموضوعية وان كانت مرة في مذاق مالكها ..
 ذلك هو المهم .. 
وتلك معادلة صعبة لكن ليس من الصعب فك رموزها  عندما يندمج  الوطني العام بالخاص المقبول  ..