23 ديسمبر، 2024 2:49 ص

الشتيمة ليست فلسفةً ولامنهجاً

الشتيمة ليست فلسفةً ولامنهجاً

العديد من الناس يميلون الى شتم من يختلفون معه ، ويكررون نفس الشتائم او يطورونها مع الزمن ، لكنهم يكررون الشتائم ..
الشتيمة مجرد ردة فعل بذيئة وفي الغالب تدلُّ على الضعف والعجز عن مواجهة الخصم..ودليل على الأفلاس الفكري وفقدان الحجّة المنطقية .
بما انها ليست فلسفةً او منهجاً ، فهي تحتاج فقط الى حفظ وتكرار مفردات سيئة لا أكثر..
العدو سوف لن تهزمه الشتيمة بل الاستعداد والقوة المادية والادبية..
شتمنا اعدائنا لعقود وربما قرون ، لكن الاعداء ازدادوا قوة ونحن نتقهقر !!
من نُحاكي باتباع اسلوب الشتائم ؟
مَن مِن زعماء الاسلام والرسول والأئمة كان يشتم الناس؟؟ الجواب ، لا أحد بالطبع.
الله يقول ادعو الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسَنة .
ويقول : وقولوا للناس حُسناً ..
ويقول :واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً.
الحديث النبوي يقول: ليس المؤمن بطعّانٍ ولا لعّانٍ ولاسابٍّ ولابذيء..
في أحدى السنوات قبل عقود ، كنتُ في لندن وكنت أذهب الى حديقة الهايدبارك حيث توجد زاوية المتحدثين “corner of speakers “، والتي يتجمع فيها عدد كبير من الناس كمستمعين او كمتحدثين .. يتحدث فيها من يرغب في الحديث بحرية ويحاوره الناس حول موضوع حديثه…
في احدى المرات حصل جدال عنيف بين متحدث ايراني وشخص عربي لم يعجبه كلام الايراني وكاد ان يتطور الى معركة..
هنا تدخلت الشرطة التي كان افرادها حاضرين ويتبادلون الابتسامات
مع الحضور وقاموا باخراج الشخص العربي خارج المكان بهدوء وبدون عنف. اقتربتُ من احد الشرطة وسألته لماذا اخرجتموه ؟؟
أجابني : لأنه اثبت افلاسه الفكري بعد ان أخذ يشتم الأيراني ويهدده.. لذلك فهو ليس رجل حوار ولايصلح لهذه المناسبة ..
في ميدان السياسة والادارة ايضاً يُستخدم علم اسمه : تحليل النص text analysis ، وهو باختصار يقوم بدراسة النصوص ويحللها ويدرس طبيعة المفردات المستخدمة ومدى تكرارها والكيفية التي أُستخدِمت فيها، لكي يستنتج منها الكثير من الحقائق والخلاصات والدلالات… وعندما كان أحد زعمائنا السابقين ينفعل وينثر البذاءة من خلال التلفزيون والصحف على القادة العرب وغير العرب، كان اعداءه يعرفون مدى ضعفه وعجزه.
علموا انه مأزوم ومُحبط ويائس وعاجز ويشعر بالعزلة…
ووضعوا خططهم بناء على ذاك ..
عندما هرب أحد زعماء النازيين ونائب هتلر (رودولف هيس) بطائرته وهبط في بريطانيا في عام ١٩٤١ وقَبْلَ انتهاء الحرب ،،محاولاً البحث عن اتفاقية سلام مع الحلفاء، سأله البريطانيون قبل كل شيء عن حالة هتلر النفسية وسلوكه وتعامله مع المحيطين به وكيف يتحدث ويتحاور ؟
وعندما اخبرهم انه اخذ يثور وينفعل ويأخذ المهدئات ، علموا ان مرحلة القرارات الخاطئة قد بدأت ولاداعي للبحث عن اتفاق سلام مع هتلر لانه مهزوم حتماً .
نلاحظ كثافة الانشاء البذيء في احاديث وخُطَب العديد من الشخصيات العامة في حياتنا . لعن وتكفير ودعاء بالدمار وإلصاق تُهم لاتحصى وأوصاف سيئة نطلقها على الأعداء دون ان نحصل على فائدة .
كذلك لدى البعض نزعة للتذكير بالماضي واحداثه وكيف عمل الأعداء كذا وكذا الخ…
السؤال : ماهو المطلوب الآن ؟؟
هل نبقى أسرى للماضي فقط دون إحداث اي تقدم على الأرض ؟ هل هذه هي الواقعية والحكمة ؟