تعاني دول العالم الثالث من العنصرية تجاه الإناث. وفي الوقت نفسه لديها عنصرية تجاه الشباب. تبدأ من طرق التربية الاسرية الفاشلة كالتلقين دون دليل والضرب والتعليم بالأساطير والخرافة. وبتسخيف التفكير والتفكر في وقائع الامور، وعدم النظر من الجانب العلمي للحياة.
ومن أكثر الصفات سلبية وسلطوية السائدة في المجتمع العراقي هي اتهام الشباب بالعار وتبرأة الوالدين من فشل التربية. فيتم اتهامهم بالانحراف وعدم الخبرة، فإذا علمنا اطفالنا على أسس حديثة وعلمية، وبنت الدولة مناهجا دراسية رصينة وواعية سوف يكونون مهيئون للقيادة بعقلانية.
عندما تعرض العراق لاضطهاد طويل، نشأت أجيال من الشباب لا تحتاج إلى الحرية والتفكير ولا تعرف معناها في حق الحياة، وتأقلمت مع رجال الاضطهاد وان كان ظاهرياً، وعاشت في خندق لقمة العيش، واتخاذ فكر معين والدفاع عنه، لايجاد شيئا في النفس تعتبره منجزا، رغم استمرار الكذب والنفاق والغش والرشوة وغيرها، والخضوع لكل نظام السياسي اياً كان. بل حتى مع اسرته فانه يهتم بايجاد عمل لاولاده وتزويج بناته في المستقبل فقط، ويبقى ضد كل تقدم وتطور يختلف مع نمطه وتخاريفه.
ما دمر الشاب العراقي اليوم امرين: الاول: تدمير الاقتصاد بتوزيع غير عادل للثروة. الثاني: تدهور الثقافة الفكرية من جميع اتجاهاتها السياسية والاجتماعية والاخلاقية وغيرها. وهذا الفشل في الامرين ليس المتهم فيه الاسلام السياسي وحسب وان كانت عليه النسبة الاكبر؛ بل حتى القوى المدنية او التي سوقت نفسها بأنها تمثل الخط السياسي المتمدن، اتبعت مصالحها وامتيازاتها. والنتيجة كانت دولة فاشلة بالمعنى المطلق وبالتعريف القانوني لدى المنظمات الدولية، وتعني دولة غير قادرة على حماية مواطنيها جميعا فضلا عن شبابها.
إن الشاب العراقي يعيش في مهب الريح، ليس هناك اي سلطة للدولة او مؤسسة معينة يمكن ان يذهب إليها لتقديم شكواه، وحتى النادر منهم من استطاع ان يمسك زمام قيادة او سلطة فهو يجب عليه ان يأخذ قراراته وتوجيهاته من الجهة التي وضعته، وبالتالي؛ سيكون مجرد اداة ظاهره شاب قيادي متمكن وباطنه مسلوب القرار والتخطيط، لانه وضع على معيار شرطي حزبي توافقي. وعليه؛ لابد ان يكون هناك نظام سياسي رصين ودولة قوية، ليكون للشاب كامل حقوقه السياسية والتنفيذية في الدولة، وتوضيح امكانياته في تفكير وتخطيط مستقل ينسجم مع تطلعات العالم الثقافية.