26 نوفمبر، 2024 12:31 م
Search
Close this search box.

الشبوط وسيف الساموراي

الشبوط وسيف الساموراي

للشبوط حكاياتٍ تمتد من تناوله بدون أن يكون هناك أناء اللبن الرائب في مائدة ( سماط ) الحصير للغداء البسيط لعائلة من عوائل قرية الحلم الموسيقي في افتراض الذكريات والمسمى ( أم شعثه ) .

تلك المملكة الشذرية التي يسكنها معدان الله في ما تبقى من أطلال مدن العصر الذهبي لزمن السلالات السومرية التي احرق زقوراتها الغزاة بدمٍ بارد والذين لايعرفون خطوط الطول والعرض سوى في تلك المسافة الصغيرة من آلة الصيد البدائية التي تدعى ( الطاروف ) .

 وحدها هذه الآلة من تصلح لتصطاد السمك الذي يهرب من القاع العميقة خوفا من شباك صيادي الزوارق لتأمن قرب ضفاف الطين تسير بهدوء وأمان فتنتظرها بصبر شبكة ( الطاروف ).

هناك قرب جسد الطين يعيش الشبوط وحين يسأم الحياة قرب الطحالب والقواقع الفارغة يقترب الى الضفاف بقناعة ليسكن في بطون الفقراء الجياع ، في قناعة تسكن رؤوسهم السمكة : أن نصف الحياة خبز وسمكة شبوط مشوي.

المكان الثاني لتلك السمكة وهي ترتدي قدسية الاساطير وبعيدا عن معتقد أن تناولها مشوية مع اللبن يصيب الجسد ( بالبهاك ) أي البقع التي لا تشبه لون الجلد واغلبها ابيض يميل الى الوردي .

هذه القدسية تأتي بجمالها الروحي الذي يسكن اليابانيون لسمكة الشبوط والمسماة باليابانية (النيشيكيغوي ) وتعني السمكة المزخرفة والمطرزة.

ولكن الفرق بين شبوط الأهوار والنيشيكيغوي أن الأول يحمل لونا واحدا كضوء الفضة عند جليها بالنار والرمل فتصبح براقة بضوء من فضة مشعةٍ تذكرنا بتلك الخلاخل والاساور التي كانت ترتديها اميرات سومر والتي عَثرَ عليها مكتشف مقبرة أور السومرية في اقبية اور ( السير الليوناردو وولي ) وكان من بعضها صحون الاكل المتحجرة عظاما لسمكة مطبوخ ، وأظن أن الشبوط من بين الانواع المفضلة التي كانت تحبذها موائد الملوك والفقراء على حد سواء. وهو موجود في الاهوار بطبيعته وتكاثره بعد موسم الصيهود ولا دخل للإنسان في عملية تكثيره.

الشبوط الياباني بألوان متعددة ، يربيه اليابانيون من اجل الزينة ، ويتم تربيته في حقول الرز ، وتمتلك هاجسها الخفي في الأساطير وبعض الطقوس البوذية.

كل هذه الرؤية عن السمكتين خلقت في ذهن عامل الخدمة شغاتي صفنة طويلة ، وقال : أستاذ أتذكر مرة في طفولتي أني صدت بفالتي الصغيرة شبوطاً بلون ذهبي . هذا يعني أني اصطدت شبوطا يابانيا ، وإذا عرف ذلك الأن البروفسور الياباني الذي يزور التلول الأثرية قرب قريتنا وسوف يمتنع عن اهداء اطفالنا نستلة المارس.

ضحكت : وقلت ، المارس يارجل ، تتمنى النستلة التي تحب تناولها الممثلة النمساوية رومي شنايدر بعد فصل من التقبيل فمٍ بفم مع آلن ديلون.

ــ هما من خلق الله . وأنا من خلق الله .

ــ ومن حقهما أن يتناولا الشبوط الذي تصطاده بالطاروف.

ــ نعم والأفضل أن يتناولونه مع المارس وليس مع اللبن.

ــ يارجل نستلة وشبوط هذا لم تشهده أي مائدة في العالم.؟!

ــ المهم ، كانت سمكة شبوط ذهبية ، وفالتي من اصطادتها .

صدقته ، وسكنتني قناعة أن موت الاشياء المنتمية الى فصيلة واحدة لاتقف عند جغرافية واحدة ، فالشبوط الذي ينقشه اليابانيون على سيوف الساموراي كتعويذة نصر ،ينقشه المعدان على فالاتهم لمزيد من الصيد الوفير.

أحدث المقالات