23 ديسمبر، 2024 4:53 ص

الشباب والاهتمام بالشكل

الشباب والاهتمام بالشكل

منذ أن بدأ المسير نحو كربلاء قبل أسبوع والخواطر تمر على بال أحمد وهو يستعد للمشاركة في الخدمة التي تعود على المساهمة فيها في كل عام.
     وخلال تلك السنوات التي مرت على أحمد في الخدمة لم يقف يوماً على سبب إصراره على هذا الاهتمام بشكله بالرغم من أنه رأى الكثير من الشباب المؤمن من شتى الدول، ومع ذلك لم يلتفت الى هذا الأمر عندما كان يراهم ويرى أوضاعهم وما يلبسون أثناء الزيارة.
وكان مع أحمد صديق جاء من الخارج اسمه (حسن) فقال له أحمد: انني أرغب أن تكون معي في غرفة الاستراحة؛ حتى نتحدث في بعض الأمور.
    وبدأ احمد حديثه معه قائلا: إن الشاب في الغرب حسب معلوماتي لا يعاني من مشاكل في المجتمع، ويعيش بصورة طبيعية دون أن يواجه مشاكل كما هو حال الشاب في مجتمعاتنا الشرقية؟
    استغرب حسن من هذا الكلام ورد قائلا: من قال لك هذه المعلومات غير الصحيحة؟
    قال أحمد: هذا ما نعرفه نحن الشباب عن المجتمع الغربي؛ ولذلك نتمنى أن نكون هناك حتى نكون معهم وننعم بما ينعمون به من أمور جيدة.
    قال حسن: إن كلامك هذا مجرد إعلام ليس له واقع دقيق صحيح فإن بعض الأمور التي نحصل عليها في الغرب غير موجودة في مجتمعاتكم الا اننا في نفس الوقت نعاني من أمور لا تخطر على بالكم ونحسدكم أيضا لأنكم بمنأى عن تلك الأمور.
    قال أحمد: أنتم تحسدوننا هذا أغرب ما سمعت في حياتي!
    قال حسن: اسمع في كل مجتمع توجد مشاكل تختلف عن المشاكل التي تعرفها بقية المجتمعات، أنت الان قد ترى الشباب في فرنسا مثلا وتعتقد أنه لا يعاني من مشاكلك، وهذا قد يكون فيه شيء من الواقع، لكن الشاب في فرنسا  يعاني من مشاكله الخاصة به، وهكذا ترى الشاب في الخليج وتعتقد أنه لا يعاني من مشاكلك، وهو أيضا في نفس الوقت يعاني من مشاكل خاصة بمجتمعه ويكفي أن أقول لك أن الشاب في كل مجتمع توجد ما تعيقه عن ممارسة حياته الطبيعية، فلا الشاب الأوربي مرتاح من مشاكله، ولا المسلم في بلاد الشرق الأوسط كذلك، نعم يمكن أن تقول إن بعض المجتمعات توفر بعض الأماكن لاحتضان الشباب وشغل أوقات الفراغ، لكن هذا أيضا يجري على أساس قانوني وليس امراً مبذولاً  لكل انسان، فالمجتمعات التي توفر الوسائل والتقنيات لا توفر الإنسان الذي يفكر كما تفكر ويرغب كما ترغب ويعتقد كما تعتقد.
    قال أحمد: انا في الحقيقة استفدت كثيراً من هذه المعلومة لكني كنت راغباً في سؤالك عن قضية كانت تشغل بالي والآن جاء الوقت للسؤال عنها وهي أهمية الاهتمام بالمظهر بالنسبة للشاب فهل هذه القضية مهمة عندكم؟
    أجاب حسن: شكل الشاب في الغرب من الأمور التي يهتم بها الفارغون من الشباب، فتجد أنهم يقضون أوقاتاً طويلة في وضع بعض المساحيق على وجوههم، بل وتبديل تلك الوجوه بين فترة وأخرى، والظهور بألوان شعر غريبة؛ للفت نظر المجتمع وهذا كله بسبب الفراغ الذي يعيش فيه الشاب والشابة أيضا وأنت ترى كيف أن بعض الشباب يبدل شكله بين ليلة وضحاها، وفي الحقيقة هذه القضية من القضايا الثانوية عند الشباب الذين ينشغلون بالأعمال المهمة أو يعملون أثناء الدراسة من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية؛ لذلك ترى أن بعض الغربيين يظهر بشكل طبيعي جدا فيما ترى شخصاً آخر يظهر بمظهر غريب وربما مضحك، وأصبحت قضية تغيير الشكل مشكلة كبيرة لأنها اخذت أشكالاً خطيرة ووصلت الى تغيير البعض لجنسه بحجة الرغبة في التغيير أو بحجج واهية منها الشعور بالميول العاطفية للجنس الآخر أما أنتم هنا فتعيشون بصورة طبيعية ونحن نحسدكم على هذا بالتأكيد.
    اخذ أحمد يستمع للكلام بكل اهتمام، وفي هذه اللحظة حمد الله تعالى على ما هو فيه من نعمة وعرف أن ما كان يظنه خيراً له ما كان الا مجرد أوهام كان يعتقد أنه فقدها وفي الحقيقة كان يعيش الواقع الصحيح ويحاول الخروج الى عالم الوهم وشكر صديقه الغربي وأخذ يعتز بنفسه لأنه يرى صاحبه كيف ينظر الى الأمور وعرف أن ما فيه من نعمة تجعله يغض النظر عن التفكير بشكله بعد الآن.