قال رسول الله ( ص ) أوصيكم بالشباب خيراً فأنهم أرق أفئدة .
نعم إن الشباب أرق أفئدة وأصلح قلوبا، إذا وجدوا منذ بداية الطريق من يحسن قيادتهم وسياستهم، فإن في الشبيبة معنى العزم والتوقد والإقدام، وكلمة «الشباب» نفسها فيها معنى الحرارة والنور، لأنها مأخوذة من قولهم: شب الرجل النار، إذا أوقدها فتلألأت ضياءاً ونوراً، وفيها معنى الطموح والارتفاع و يذكر لنا التاريخ أن أول من أوجد المؤسسات التي تهتم بالشباب في الاسلام هو الامام علي (عليه السلام ) (ونحن نعيش أيام تنصيبه ولياً على المسلمين ) أبان حكمه عندما أوجد تشكيل شبابي سماه ( الفتوة ) ضم مجموعة من الشباب من أبناء الصحابة فرعاهم و دربهم و غذاهم على مختلف المهارات الفكرية الاسلامية و البدنية و العسكرية و العلمية و جعل عليهم من يعلمهم و يدرسهم ,
فالشباب طاقة كامنة يجب أن نهتم بتطويرها و أستثمارها كما نستثمر كل الطاقات التي تختزنها الامة فهم رجال و قادة البلد عما قريب و نجاح الوطن و تطوره مرتبطاً أرتباطاً عضوياً بعلاقة طردية غير منفكة عن تطوير طاقات الشباب و توظيفها ضمن خطط أستراتيجية معدة بشكل مدروس من قبل مؤسسات الدولة التي لها علاقة بهذه الشريحة من المجتمع ، و من الطبيعي أن أعداء الامة لا يرغبون أن نتطور أو نتقدم فهذا ليس في مصلحتهم فيبذلون وسعهم في أن لا يلتفت الشباب الى دورهم الحقيقي و هو صناعة مستقبل الوطن و يشغلوهم بكل ما من شأنه أن يلهيهم عن هدفهم و بشتى الوسائل من خلال توفير كل ما من شانه الالهاء و التميع و تسطيح الفكر و نشر الرذيلة و التسافل الخلقي تارة أو زرع حالة اليأس و الاحباط في نفوس الشباب تارة أخرى أو توجيه الافكار نحو الانبهار بالحضارة الغربية الى درجة أستصغار قدرتنا على اللحاق بهم أو التفوق عليهم رغم أن أبرز من يقود المؤسسات العلمية و التكنلوجية عندهم هم من شبابنا الذين لم نحسن أستثمار عقولهم و لو أننا وفرنا لهم بعض ما يحتاجونه لقدموا أفضل مما يقدموه في تلك البلدان لأن الدافع سيكون أكبر بقدر الوطن و حبهم لهذه التربة التي أنجبتهم و الوفاء لمن رعاهم، و لهذا فمهمتنا اليوم هو رعاية هؤلاء الشباب و توفير كل مستلزمات هذه الرعاية و هو واجب على كل من يعتبر نفسه قائد سواءاً مسؤول في الدولة أو في المجتمع و تبدأ هذه الرعاية من الاسرة و لا تنتهي عند المؤسسات الحكومية أو المجتمع بصورة عامة فهو واجب تكاملي و مهمة الشباب أن يستغلوا كل طاقاتهم و وقتهم و عنفوانهم لتوظيفه في مدارات علمية و دراسية في البحث و التجريب و التقصي و أستثمار ثورة الاتصالات و الانترنيت و توظيفها بما يخدم تطور الفرد ذاتياً و تطوير القدرات الخاصة و حب العلم و المعرفة و الثقافة فكما تقاس أعمار الامم بكونها أمم شابة أو مصابة بالشيخوخة و العجز و الهرم من خلال معدل أعمار أغلب أفرادها فهذا لا يعني أن أمة أغلب أفرادها من الشباب كأمتنا نحن يمكن أن نحكم عليها أنها أمة شابة إن لم يكن شبابها يرتدون العلم لا الجهل و يسابقون رياح التطور لا التقهقر و يمسكون بالوقت كالذهب لا أن يبذلوه رخيصاً على قارعة الشوارع أوفي دردشة تافهة أو في حوار طويل حول فوز هذا الفريق وخسارة ذاك الفريق .
أننا نقف في مفترق طرق , أما أن نؤدي تكاليفنا بأخلاص و نأخذ بيد بعضنا البعض فننهض بهذا الوطن لنصنع مستقبله بأيدينا كما نريده أن يكون شامخاً كالجبل ثابتاً لا يهاب الاندثار و أما أن نحكم على وطننا بالجهل المؤبد ليصاب بالشلل و الفقر رغم أنه يحوي الكنوز بين ثناياه التي تشير الروايات أنه سيأتي يوم ينكشف الفرات عن كنوز و يفسر أحد المراجع هذه الكنوز بالشباب الواعي أي أنتم .