يتضح للقارىء والمتتبع لتطورات للمشهد العراقي منذ اكثر من شهرين ان هناك صراع تحت السطح وصراع معلن.. أي ان المواطن من خلال مشاركته في التظاهرات كاداة فاعلة في عملية التغيير عليه ان يتعرف ايضا على مسارات اخرى غير مرئية على خط التظاهرات في استرداد الحقوق ….
بعد فشل الاحزاب الاسلامية في ادارة دفة سفينة البلاد الى بر الامان وما شاب السلطة من شبهات في سرقة للمال العام وفساد مالي واداري وانعدام الخدمات وانهيار اقتصادي وصناعي وضياع اكثر من ثلث مساحة العراق بيد الارهاب ولكي لا يحسب هذا الفشل على الاسلام بشكل عام وعلى مرجعية النجف بشكل خاص …انتفضت المرجعية وعلى ايقاع وقوة التظاهرات حيث اشرت وبوضوح ان من افسدوا لايمثلون المرجعية .. والكل يعرف ان 90% من المشتركين بالعملية السياسية مرجعيتهم ولاية الفقيه الايراني لذا لابد من وضع الامور في نصابها الصحيح ..
ولكي نضع المتتبع في صورة الاحداث هناك مسارات وتطورات المشهد السياسي.. مسار اصلاحي تصالحي يرضي جميع الاطراف يقوده العبادي ومسار خلاق بأتجاه واحد لا عودة عنه نحو التغيير تقوده المرجعية ومسار اخر يقوده شباب ولادتهم الحقيقية بعد 2003 سقف مطالبهم سترتفع كل جمعة وقوتهم يوحدة نشأتهم وتلاحمهم في العالم الافتراضي على التواصل الاجتماعي يسهم بدعم اهدافهم وتنسيق عملهم ..
المسار الاول يحتاج الى سنوات عجاف مضافة لسنوات القهر والفقر التي مضت لان الاحزاب والكتل هي الحاكمة بأمر الله على الارض وهي التي انتجت حكومات الفشل التي تعاقبت منذ 2003 ولحد الان ..فمن المؤكد ستواجه وبعنف أي محاولات تغيير عاصفة و انقلابية تطيح ببنائها الحزبي الفاسد على مر ال 13 سنة الماضية .. فعلى السيد العبادي اما الانتحار سياسيا بأنتقاله الى صفوف الجماهير بدون دعم دولي وعسكري واضح او الرهان على الوقت حسب توجيهات الاحزاب المالكة للعراق .. فأمام الاحزاب السياسية فرصة تأريخية اذا استوعبت حركة الشارع ان تقدم تنازلات قد تعني لها شيئا عظيما بل الخسائر الطفيفة امام مجهولية وضبابية القادم اعتقد سيكون مكسب .. وبما ان الشارع ولحد الان غير منقاد ولايوجد من يمسك بخيوط اللعبة فيه عليه احتواء الحالة وتقديم البديل الناجع لهم من خلال اشراكهم في التغيير وايضا تقديم قرابين من الفاسدين من اجل العبور الى الضفة الامنه ..ونحذر الاحزاب من ارتكاب حماقة ما وبسبب غبائها تعتقد ان لي ذراع الشارع ومن يوازيه بالحركة امر لابد منه عندها سيفقدون كل شيء ..
المسار الثاني هي ردة فعل المرجعية الرشيدة لحسابات دينية وتصحيح مسار عملية سياسية سبق ان امدتها بالدعم المعنوي والروحي هنا لابد من اذكر هناك صراع تحت الرماد على الشعب ان يتفحص وينتظر ويراقب لكي لا يكون حطبا لنار ليس طرفا فيها ..فعلى السياسيين الذين يمتلكون قدرا من الذكاء السياسي ان يفهموا قواعد اللعبة ويعودوا الى حضن من سبق له ان اغدق عليهم بالحنان الابوي ودعم مسارهم السياسي نعم يعودوا كأبن ضال يطلب الصفح ويقدم الولاء وحسن السيرة والسلوك ..
المسار الثالث التظاهرات والتي يشكل الشباب 70% منها هذا التيار الفتي البعيد عن الميول والاتجاهات أي شريحة خام لاول مرة تخوض تجربة مزدوجة الاهداف (( ديمقراطية – ثورية)) بأساليب بدائية تقليدية ممكن جدا ان تجد في الخبرة ضالتها عندها لايمكن السيطرة عليها وهنا الخبرة اما ماركسية انقلابية او قومية انقلابية وفي كلتا الحالتين هو انهيار للبناء المجتمعي رغم المحاولات المتعددة بأسلمة الشباب بطرق عفا عليها الزمن ولم تعد صالحة للاستعمال البشري .. لعل من يقرأ ويستسهل عمل المسارات الثلاث عليه ان يتفكر الحسم في نهلية المطاف للبندقية ..قلنا سابقا ان شرارة التظاهرات معد لها من قبل جهات لها جذور اعلامية ومالية في العراق حينها انهال علينا سيل من الانتقادات ومع تسارع وتطور الاحداث تبين ان الجميع في دوامة الخروج بأقل الخسائر الا المرجعية خطها واضح وبيدها مفتاح التهدئة او التصعيد اما الاحزاب الاسلامية امامها فرصة تأريخية لزج افكارها وكوادرها بحمام ساخن ((ساونا)) لتكن اكثر مقبولية وملائمة لمتطلبات العصر ووجوب عليها الانفتاح اكثر على الشباب واستنبات حالة غير مسبوقة في التعامل والاستقطاب لذا يقع عليها اليوم الاحمال الثقيلة بأيجاد منافذ تنفيس الشارع العراقي وان ترتب على ذلك تآكل جرفها السياسي ..
العراق فوق الجميع والسلم المجتمعي مسؤولية الجميع فالارهاب على تخوم بغداد فعلى المتناكفين الجلوس مع الشعب لتجاوز هذه المرحلة التي اعتقدها مؤزومة ومحرجة وتدق ناقوس الخطر .. التظاهرات حق مشروع ومطالبهم لابد من تلبيتها لكونها تصب في اصلاح العملية السياسية ولي معكم وقفة اخرى