23 ديسمبر، 2024 12:32 ص

الشباب الفلسطيني والهبة الأخيرة ..!

الشباب الفلسطيني والهبة الأخيرة ..!

العدوان الاسرائيلي على الاقصى وحي الشيخ جراح في القدس ثم قطاع غزة، فجر الغضب الساطع في نفوس الشباب الفلسطيني في كل مكان، خصوصًا في الداخل الفلسطيني 48، الذي شهد حراكًا شبابيًا وهبة عفوية غير منظمة، تجسدت وتمثلت في المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية واغلاق شوارع البلاد، وتتوج الاحتجاج بإنجاح الإضراب العام غير المسبوق منذ يوم الأرض الأول عام 1976، الذي أعلنته لجنة المتابعة العليا، وتحول ليوم غضب للكل الفلسطيني.

وقد تجاوز الشباب الفلسطيني الغاضب والثائر القيادات السياسية التقليدية في حراكه، وعبر عن رفضه لخطاب الاندماج والانصهار والأسرلة والتأثير، ولنهج المقايضة.

ومن نافلة القول، أن الهبة الشعبية الأخيرة لجماهيرنا العربية الفلسطينية، إن عبرت عن شيء، فعن فشل سياسات الأسرلة التي اتبعتها وعمدت إلى تنفيذها المؤسسة الصهيونية الحاكمة خلال العقدين الأخيرين، وبشكل خاص وعميق بعد أحداث هبة القدس والأقصى العام 2000.

إن الحراك الشبابي الذي بدأ وانطلق ضد الجريمة والعنف، يعكس حقيقة واضحة أن الجيل الشبابي الفلسطيني الجديد، جيل “الببجي” و” التوكتوك”، كشريحة ومجموعة وطنية، لم يتخل عن وعيه وهويته الوطنية الفلسطينية، وكجزء من شعب مشرد يناضل ويقاوم الاحتلال ويكافح لأجل الحرية والاستقلال، وإنه كسر حاجز الخوف والصمت في مواجهة المشروع الاستعماري الاستيطاني الاحتلالي.

وما من شك أن السياسة الاسرائيلية العدوانية وتعاملها مع الجماهير العربية الفلسطينية التي صمدت وبقيت في وطنها، أدت إلى انتاج وعي ووطني وسياسي، وخلق جيل شبابي فلسطيني مناهض لكل السياسات الاسرائيلية، متمسك بهويته الوطنية، ومدافعًا عن قضايا شعبه، وعن الأقصى والقدس وشعبه في كل مكان.

هذه الهبة التي قوامها الشباب، وهذه الاحتجاجات والمسيرات والإضراب الأخير الشامل والناجح، هو ما يقلق الأوساط السياسية في اسرائيل بهذه المرحلة المعقدة. وهي تؤسس لمرحلة مفصلية جديدة في الوعي الفلسطيني، ومحطة فارقة تعيد الحسابات في مستقبل العلاقة ما بين جماهيرنا العربية والمؤسسة الاسرائيلية، التي تواجه تحديات حيال كيفية التعامل مع الجيل الشبابي الفلسطيني الجديد، الذي لا يتردد بالخروج عن دائرة الصمت لينتفض ويحتج على الممارسات الاسرائيلية والسياسة الحكومية القائمة على الاضطهاد والتمييز العنصري وهدم البيوت، خنق قرانا ومدننا العربية وجعلها غيتوات، وعدم توفير مساحات من الأرض للبناء، وانعدام الخرائط الهيكلية ما يزيد الضائقة السكنية للنشء الجديد، ويجعله في توتر دائم.