19 ديسمبر، 2024 6:17 ص

الشاعر يذرفُ دَمْعاً لبغداد وعواصف الخريف تستقبلُ قصيدتَه : لا تطرق الباب

الشاعر يذرفُ دَمْعاً لبغداد وعواصف الخريف تستقبلُ قصيدتَه : لا تطرق الباب

هُوَ شاعر مُثير للجدل . إختلف بشأنه القراء والمستمعين والنقاد . فتارةً هو (شاعر العراق) وتارةً هُوَ (خليفة الجواهري) ، وأخرى هُوَ (شاعر السلطة ، أيّام زمان) ، ورابعة هُوَ (من شعراء الملحمة الحسينية) . ذلك بعض ما قيل من محبيه ومنتقديه ، لكن ذلك ميزة مضافة للشاعر عبد الرزاق عبد الواحد . فأكاليل المحبة  والاعجاب من جهة ، وسهام الخصوم من جهة ثانية ، دليل آخر على تجدد هذا الشاعر وثباته ، رغم أن عواصف الخريف قد ضربت سُفُنَهُ ، وربما مزقت بعض أشرعتها !! .

نيفٌ وتسعون شهراً
    وأتذكر : كانت الحرب العراقية الايرانية على مشارف إنقضاء سنتها الثامنه ، حين وقف الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد ليقول ، من خلال قنوات اعلامية عراقية عديدة :
    نيفٌ وتسعون شهراً أنتَ تشتعلُ
                                 أطْفِئْ فقد آلمتْكَ النارُ يارجلُ
ولستُ أدري لماذا خزنتُ هذا البيت بين تلافيف الذاكرة ..
    ودارتْ الأيامُ دورتَها . أطبق المحتلون على العراق ، وكانت الهجرة الاضطرارية والمنافي . 
    ومنذ عام 2006 ، وما تلاه ، جمعتنا الغربة في العاصمة السورية دمشق . وكانت أكثر من محطة لقاء مع الشاعر عبد الرزاق . ومن أبرزها :
    عام 2008 ، قررتْ الجهاتُ السورية إلزامَ العراقيين الراغبين بدخول سورية ، بالحصول المسبق على تأشيرة الدخول (الفيزا) ، وقررت عدم تجديد إقامة العراقيين الموجودين في سورية ، إلاّ في حالاتٍ محدودة .
    في غضون ذلك ، نشرتْ صحيفةٌ تصدر في سورية ، وعلى صدر صفحتها الاولى بيتين من الشعر للشاعر عبد الرزاق عبد الواحد ، يناشد فيها الرئيس السوري بشار الاسد ، إتمام مؤازرة سورية للعراقيين الوافدين إليها . وأَدَّتْ هذه المناشدة دورَها . وأتذكر أنني كنت أقرأُ هذين البيتين ، وأنا في سيارة ألكَيّا ، إنفجرت بالبكاء بصوت مسموع أمام إستغراب الركاب !! .

في المنتدى الثقافي العراقي
   كان هذا المنتدى واحة ثقافية يلتقي فيها العراقيون المقيمون  بدمشق. وذات مرة (عام 2009) استضاف المنتدى الشاعرَ عبد الرزاق عبد الواحد ، وألقى قصيدة أبكتْهُ وأبكتْ الحاضرين ، حين قال في مطلعها :
    دمعٌ لبغداد دَمْعٌ بالملايينِ
                       من لي ببغداد أبكيها وتبكيني
لا تطرق الباب
    وفي عددها الصادر في (17/8/2010) ، نشرت جريدة الزمان – طبعة بغداد , قصيدةً للشاعر عبد الرزاق ، تحت عنوان : لا تطرق   الباب ، جاء في بعضها :
    لاتطرق الباب .. تدري أَنهُم رحلوا
                                    خُذِ المفاتيح وافتحْ أَيُّها الرجلُ
    (من الواضح : التشابه الكبير في الوزن والقافية ، وربما المضمون ، مع قصيدته قبل ربع قرن : أُطفِئْ فقد آلمتْكَ النارُ يا رجل !!) .
    ويستمر الشاعر المغترب في مناجاته للراحلين ، قائلاً :
    وفيك ألفُ إبتهالٍ لوْ نسوهُ لِكيْ
                               بهم عيونُك قبل النومِ تكتحِلُ
    لاتطرق الباب ، كانوا حين تطرقها
                               لا ينزلون إليها ، كنت تنفعلُ 
    حتى إذا فتحوها ، والتقيتَ بهم
                            كادتْ دموعُك فَرْطَ الحب تنهملُ
    وتمطرُ سماء الشاعر دمعاً غزيراً ، فها هو يقول :
    يا أدْمُعَ العين ، من منكم يُشاطرني
                                 هذا المساء ، وبدرُ الحُزن يكتملُ .
    إنها مناجاة مصحوبة باللوعة .. فهل يستمر الشاعر بطرق الباب ، أم يستدير عائداً نحو مرافئ الاغتراب ؟ ! .  

أحدث المقالات

أحدث المقالات