هُوَ شاعر مُثير للجدل . إختلف بشأنه القراء والمستمعين والنقاد . فتارةً هو (شاعر العراق) وتارةً هُوَ (خليفة الجواهري) ، وأخرى هُوَ (شاعر السلطة ، أيّام زمان) ، ورابعة هُوَ (من شعراء الملحمة الحسينية) . ذلك بعض ما قيل من محبيه ومنتقديه ، لكن ذلك ميزة مضافة للشاعر عبد الرزاق عبد الواحد . فأكاليل المحبة والاعجاب من جهة ، وسهام الخصوم من جهة ثانية ، دليل آخر على تجدد هذا الشاعر وثباته ، رغم أن عواصف الخريف قد ضربت سُفُنَهُ ، وربما مزقت بعض أشرعتها !! .
نيفٌ وتسعون شهراً
وأتذكر : كانت الحرب العراقية الايرانية على مشارف إنقضاء سنتها الثامنه ، حين وقف الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد ليقول ، من خلال قنوات اعلامية عراقية عديدة :
نيفٌ وتسعون شهراً أنتَ تشتعلُ
أطْفِئْ فقد آلمتْكَ النارُ يارجلُ
ولستُ أدري لماذا خزنتُ هذا البيت بين تلافيف الذاكرة ..
ودارتْ الأيامُ دورتَها . أطبق المحتلون على العراق ، وكانت الهجرة الاضطرارية والمنافي .
ومنذ عام 2006 ، وما تلاه ، جمعتنا الغربة في العاصمة السورية دمشق . وكانت أكثر من محطة لقاء مع الشاعر عبد الرزاق . ومن أبرزها :
عام 2008 ، قررتْ الجهاتُ السورية إلزامَ العراقيين الراغبين بدخول سورية ، بالحصول المسبق على تأشيرة الدخول (الفيزا) ، وقررت عدم تجديد إقامة العراقيين الموجودين في سورية ، إلاّ في حالاتٍ محدودة .
في غضون ذلك ، نشرتْ صحيفةٌ تصدر في سورية ، وعلى صدر صفحتها الاولى بيتين من الشعر للشاعر عبد الرزاق عبد الواحد ، يناشد فيها الرئيس السوري بشار الاسد ، إتمام مؤازرة سورية للعراقيين الوافدين إليها . وأَدَّتْ هذه المناشدة دورَها . وأتذكر أنني كنت أقرأُ هذين البيتين ، وأنا في سيارة ألكَيّا ، إنفجرت بالبكاء بصوت مسموع أمام إستغراب الركاب !! .
في المنتدى الثقافي العراقي
كان هذا المنتدى واحة ثقافية يلتقي فيها العراقيون المقيمون بدمشق. وذات مرة (عام 2009) استضاف المنتدى الشاعرَ عبد الرزاق عبد الواحد ، وألقى قصيدة أبكتْهُ وأبكتْ الحاضرين ، حين قال في مطلعها :
دمعٌ لبغداد دَمْعٌ بالملايينِ
من لي ببغداد أبكيها وتبكيني
لا تطرق الباب
وفي عددها الصادر في (17/8/2010) ، نشرت جريدة الزمان – طبعة بغداد , قصيدةً للشاعر عبد الرزاق ، تحت عنوان : لا تطرق الباب ، جاء في بعضها :
لاتطرق الباب .. تدري أَنهُم رحلوا
خُذِ المفاتيح وافتحْ أَيُّها الرجلُ
(من الواضح : التشابه الكبير في الوزن والقافية ، وربما المضمون ، مع قصيدته قبل ربع قرن : أُطفِئْ فقد آلمتْكَ النارُ يا رجل !!) .
ويستمر الشاعر المغترب في مناجاته للراحلين ، قائلاً :
وفيك ألفُ إبتهالٍ لوْ نسوهُ لِكيْ
بهم عيونُك قبل النومِ تكتحِلُ
لاتطرق الباب ، كانوا حين تطرقها
لا ينزلون إليها ، كنت تنفعلُ
حتى إذا فتحوها ، والتقيتَ بهم
كادتْ دموعُك فَرْطَ الحب تنهملُ
وتمطرُ سماء الشاعر دمعاً غزيراً ، فها هو يقول :
يا أدْمُعَ العين ، من منكم يُشاطرني
هذا المساء ، وبدرُ الحُزن يكتملُ .
إنها مناجاة مصحوبة باللوعة .. فهل يستمر الشاعر بطرق الباب ، أم يستدير عائداً نحو مرافئ الاغتراب ؟ ! .