تتوافق مجموعة (تأتيك بحكاية باردة وبمسرح للأساطير ) للشاعر قيس مجيد المولى مع فكرة جاكوب والتي تتلخص ان كل شيء ممكن استخدامه ( كعنصر شاعري ) ذكريات المطالعات ولغة المحادثات العامة والانطلاقات المفاجئة وجو الحلم والنهايات اللامتوقعة واتحاد الكلمات والأفكار ) *
وفي لغة شعرية جذابة حاولت ان تنأى بنا المجموعة الى العالم حيث البراءة والبساطة بعيدا عن عالم يصطرع بمتناقضاته حد الاحتراب وجلب لنا ألبؤس والخوف وازدحمت مفكراتنا بأخر إخبارها
( كل تلك الأزمات ’ إمامي ,كجنود المراسيم ) ولأنه لايريد إن يعيد خطاب فوكو حتى وان قدم اعتذاره او منح هيليوس نوره الساطع .. لكن النصوص لاتريد ان تكون استعرض متحمس ليملآ باقي الفجوات من أسئلة مضخمة وحسابات مريرة فالاحداث الكبرى التي عاشها الشاعر قيس المولى تجد ملامحها شاخصة هنا
( بدأ ان السماء أدارت قبلتها
وان التراب باق فوق وجه بغداد
عند الحدود نظر ليديه
ما فائدة الحقيبة
والقاها في الخابور
ولدمعته
وألقاها في الخابور )
ورغم محاولة مزاوجة التشاؤمية بالتفاؤلية الا ان الحزن كبير و مشوب بالسخرية لتنطلق منه ضحكة غير متوقعة
(حين هبطت بلاد الإغريق
سألني البعض من صحبة الطائرة
أين تتجه …. ؟
لكل منا اتجاهاته
لن اركب الا الباص الذي يحمل الرقم 21
لاني سأتجه لبيريه كي اذهب بالباخرة لترافيا
وأجس عقل ديونسيوس )
ان النصوص تمر عبر موشور خاص وتحرز قوة شهادة العيان وتوقظ المخيلة لدى القاري
حين انهمك المولى في رسم الصور الشعرية .. ويبعث الإثارة الشعرية حد انه يفتح الباب الواسع على المناظر والذكريات بأسلوب تتدفق فيه المفردة ليفك مغاليق سجلات الدهشة وبسؤال أبقاه مفتوحا على اتساع الوجع يختصره تمرده على قوى غامضة وأساطير ساحره
(يسأل عن البؤس وعن الموت وعن الفاسد والنبيل
والموعد المؤقت على قيامة دون قيامة
أخرون :
نريد ان نلمع أسفل السماء
وآخرون
نريد من يودعننا )
لقد اقتربت النصوص في ان تكون تشكيلا لغويا في كل الالوان التي يعتمدها الرسام في رسم لوحاته … وتشابه ايضا رسائل بصرية تراجيدية
( لازالت الشجرة في عينيه لاتموت
لازال طيف فاطمة
يرف حوله من المستنصرية )
ولانه ابن بيئة مازومة وصراعاتها تستعر كل حين اراد ان يبعث في نفسه رسالة اطمئنان مزيفة رغم قراءته في اللوح (في وجوه الماره ,وفي أعين السيارات ) منتظرا ان تبرق السماء ويظهر قوس قزح
لقد ألقى الشاعر قيس مجيد المولى على تخوم تلك المدن الأسطورية ألقى في برك المياه أخر وهمه وغنى هناك برفقة الضجر ووقف مخمورا” أعلى الدرج
( يكفي
يكفي لا احدا يخلو
من حزنه العميق
وقفت مخمورا اعلى الدرج
هذه قنينتي
ولتسقط الحروب )
ولانه يحمل حزنه السرمدي فقد وصل للميناء الأخير في العالم القديم ملوحا بأخر هلوساته إلى ساعي البريد
(ساعي البريد
عاد بالرسائل
الدخان لم يصل مع القطار
المحطات لم تعد صالحة )
من الجدير بالذكر ان مجموعة (تأتيك بحكاية باردة وبمسرح للأساطير ) هي الثالثة عشر للشاعر قيس مجيد المولى وصدرت عن دار الينابيع في سوريا