23 ديسمبر، 2024 2:33 ص

الشاعر سعدي يوسف في قبضة الحشد الشعبي‎

الشاعر سعدي يوسف في قبضة الحشد الشعبي‎

في قصيدته التي أثارت غضب البعض (مصر العروبة.. عراقُ العجم) عبّر فيها الشاعر سعدي يوسف عن واقع حال و وضع قائم شاء مثقّفي تيار (الحشد الشعبي) ام لا؟. كما يعبّر أي فرد او مختص آخر من افراد المجتمع العراقي سياسي ديني اجتماعي اقتصادي..الخ. تغنّى بأمومة الاوطان وندب وطنه الأم.. بلده تحكمه الفرس ويرفض احد اقاليمه لغته العربية.. وتساءل فيها (وأظنّه من السخرية): (مامعنى أن يتولّى التحكُّمَ في البلدِ، أكرادٌ و فُرْسٌ ؟) عن مفهوم أي معنى يبقى لجمع و وحدة مكوناته واثنيّاته وهو محكوم بتوجّهات سياسية اخرى انتمائية خارجية فارسية داخلية وكوردية؟ وقبلها يستعرض بصورة دقيقة موجزة اصل العراق وتسميته اللغوية التي اجمع عليها فقهاء التاريخ حينما يصفون العراق بـ (شيخ العرب)، وفيه فراسة بلاغية خاصّة عندما يقول (يعنون: عراق العرب.. وعراق العجم) إلا انه هنا قد أخطأ في الشطر الثاني لهذا الوصف ! إذ ان اصالة العراق وعراقته وعروبته اصالة حضارية قبل ان يكون في مرحلة من مراحله التأريخية اللاحقة المتأخرة جدا موطن المهاجرين من الجزيرة العربية وكثير بقاع الارض الى ارض السواد الذي اسماه هو وربما في الأثر التاريخي عراق العجم.

تمرّد الشاعر على الواقع السياسي والطائفي واضح عندما يقول (مامعنى أن تُنْفى الأغلبية العربية عن الفاعلية في أرضها التاريخية؟) التهميش والاقصاء السياسي والاجتماعي والكبت والحرمان للمكوّن السنّي من قبل الحكومة الشيعية كل فرد عراقي عربي عاقل و واعي ومنصف يقر ويقول بهذه الحقيقة رغم ان هناك مَن ينافح ويسوّف من اجل دفع حقيقة التهميش والاقصاء بحجّة وجود السنة في العملية السياسية. لذا تكون القضية طبيعية وبدهية عندما يفهما الآخرون أدباء (الحشد الشعبي) بأنها انتقاص من الشيعة فقد تعوّد هؤلاء على التحشيد الطائفي والمذهبي و وقعوا في فخ السياسة الفارسية، فهذا أمر لاعلاقة له بأصالة الشيعة فالشيعة عرب اولا قبل ان يكونوا شيعة والعقيدة (مسئلة فكرية) وجذورهم وعروقهم ضاربة في مفاصل وتأريخ هذه الارض. ورغم انها ليس فيها أي انتقاص كما يُفهم ولكن الواقع هو الذي يقول ذلك وليس الشاعر سعدي يوسف، اذ لاواقع ولاحقيقة وطنية انتمائية ولاءها للعراق ولا لشعب العراق، بل على العكس من ذلك تبعية الحكومة و ولاءها لأيران هي الاظهر. فلماذا يحتج هؤلاء والاولى بهم ان يحتجوا لعروبتهم وعراقيتهم وانتماءههم واستقلالية وطنهم وأنتزاعه وتخليصه من الهيمنة الفارسية وليس التعصّب والنعرة العصبية الفارغة.

ولو صدفَ وشذ الشاعر عن المألوف رغم انه ليس كل مألوف حق، عندها على المنتقدين المثقّفين المختصّين وليس المتعصّبين تيار ثقافة (الحشد الشعبي) نقده وردّه وتفنيد رؤيته بوعي وأخلاقية ثقافية (كما يزعمون) وعلمية و وطنية وتاريخية سواء بمقالة او بحث او على الأقل بقصيدة كما عبّر هو عن إحساسه وقراءته ورؤياه أزاء الوضع العراقي الحالي، رغم ما في قصيدته من حقائق – تأريخ و معاصَرة -.. وليس بحرق اشعاره ودواوينه بدعوى الاحتجاج على بعض او كل ما تضمنته قصيدته.. وإلا كانت هذه عصبية جوفاء ورعونة جاهلة وفخ لا اخلاقي لا ثقافي لا وطني ولا مهني يقع فيه هؤلاء، وجرم يقترفونه بحق الثقافة والتاريخ والوطن و بحق الحقيقة ذاتها. وأين هم هؤلاء الادباء واين اشعارهم وكتاباتهم ومواقفهم واحتجاجاتهم عن المآسي والمفاسد والدماء التي تسفك يومية والويلات والدمار والخراب الذي اصاب ويصيب بلدهم وشعبهم على يد الحكومة ومليشياتها الشيعية التي يقودها الفارسي قاسم سليماني..؟ لماذا لانراهم يحتجّون وينتفضون على هذه الحقائق أليست هذه من مسؤولياتهم الثقافية والتأريخية والمهنية..؟ ام أنهم لايرون هذا، وفقط يرون نصوص سعدي يوسف؟.

قصيدة الشاعر العراقي سعدي يوسف التي أغاضت بعض الادباء من تيار (الحشد الشعبي) في المتنبّي وأزمعوا على أثرها حرق دواوينه..

(مصرُالعروبةِ… عراقُ العجَم !)

من مصر تأتيني الحقائقُ ملموسةً. أصدقائي من أهل الثقافةِ الحقّ، يأخذون مكانَهم ومكانتَهم:

محمد بدوي، في ” فصول “.

محمد شُعَير، في ” عالَم الكتُب “.

سعد القرش، في ” الهلال “.

إبراهيم داود، في ” الأهرام “.

رفعت سلام، في دائرة الترجمة بالهيأة المصرية العامة للكتاب.

أحمد مجاهد، يدير الهيأة المصرية العامة للكتاب…

جمال الغيطاني، يتفضّلُ على ” الأخبار ” بفيضٍ منه.

أحمدعبد المعطي حجازي يغرِّدُ طليقاً !

(لستُ مؤرِّخاً لأحصي ! )

لكنّ عليّ القول إني ابتهجتُ بجابر عصفور وزيراً للثقافة في جمهورية مصر العربية.

*

كلما دخلتُ مصرَ أحسسْتُ بالعروبة، دافقةً…

ليس في الأفكار.

العروبةُ في المسْلكِ اليوميّ.

أنت في مصرَ، عربيٌّ… هكذا، أنت في مصر عربيٌّ، لأن مصر عربيةٌ. ولأنّ أي سؤالٍ عن هذا غير واردٍ.

الأمرُ مختلفٌ في أراضٍ أخرى.

السؤالُ يَرِدُ في بلدانٍ مثل الجزائر والمملكة المغربية وموريتانيا، والسودان، ولبنان أيضاً، على اختلافٍ في المستوى.

لكن هذا السؤال، في هذه البلدان، ذو مستوىً ثقافيّ أركيولوجيّ. هو سؤالُ هويّةٍ وتاريخٍ.

في العراق اختلفَ الأمرُ.

وربّتما كان مختلفاً منذ دهرِ الدهاريرِ.

هل العراق عربيٌّ ؟

يرِدُ تعبير “شيخ العراقَين” عن فقهاء أجمعَ الناسُ عليهم.

يعنون: عراق العرب

وعراق العجم.

*

الدولة الحديثة، بتأسيسِها الأوربي، الاستعماري، ليست دولة الفقيه.

هي دولةٌ لإدارة كيانٍ جغرافيّ ( قد يكون متعددَ الإثنيّات، وقد لايكون ).

لكن العراق ليس مستحدَثاً.

اسمُ العراق آتٍ من أوروك !

إذاً…

مامعنى السؤال الآن عن أحقيّة العراقِ في دولةٍ جامعةٍ ؟

مامعنى أن يتولّى التحكُّمَ في البلدِ، أكرادٌ و فُرْسٌ ؟

مامعنى أن تُنْفى الأغلبية العربية عن الفاعلية في أرضها التاريخية ؟

مامعنى أن تُستقدَم جيوشٌ من أقاصي الكوكبِ لتقتلَ عرباً عراقيّين ؟

ما معنى أن تكون اللغة العربية ممنوعةً في إمارة قردستان عيراق البارزانية بأربيل ؟

*

إذاً:

نحن في عراق العجم !

*

سأسكن في مصر العربية !