18 ديسمبر، 2024 10:56 م

الشاعر الكبير أحمد مطر من خلال رؤيتهم

الشاعر الكبير أحمد مطر من خلال رؤيتهم

استطلاع

كل استطلاع اشبه بخلاصةِ بحث، وهذه الخلاصةُ مِن الممكن مستقبلاً أن تكون بحثاً أو عدة بحوث، كما  يمكن أن تتحول كتابا نقديا، لمن ساهم برأيه في هذا الاستطلاع. ومن شروط الاستطلاع أن يطلقُ أسئلتهُ لمن يمتلك سعةَ إطلاعٍ توفر له أجوبة ً.. لقد وجهتُ أسئلتي لنخبة من أصحاب الشأن في الشعر والنقد ولهم حضورهم الساطع في الحراك الثقافي العراقي. ولهم دراية بنتاج الشخصية المحتفى بها، الشاعر الكبير أحمد مطر وهو الراية العالية في مهرجان المربد الشعري لهذا العام 2024 فهو مربد الشاعر أحمد مطر..

:كيف تصنف المنجز الشعري للشاعر الكبير أحمد مطر؟

يجيبنا الشاعر والروائي عبد الزهرة زكي:

ـــ  يمكن النظر إلى تجربة الشاعر أحمد مطر من خلال ما تشغله من حيز خاص ومتميز في إطار الشعر المعنيِّ بالتعبير عن أهدافٍ سياسية ناقدة وصادمة بلغتها النقدية وبأنماط بلاغتها.

الحيّز المتميز لهذه التجربة تكرس من خلال اعتماد الشاعر نمط القصيدة القصيرة، الكثيفة بتعبيرها المتجه مباشرةً إلى هدفه النقدي الصادم.

في الغالب، ومن  أجل بلوغ القصيدة مرادَها، يسخّر أحمد مطر النهايات الشعرية القائمة على المفارقة اللغوية، وهذا نمط مؤهّل لشدّ الانتباه إلى القصيدة الموجهة إلى جمهور مصغٍ مباشرة إلى الشاعر.

ربما نجد في شعرنا العربي الحديث ما يضارع هذا الجهد المخلص لمراميه الشعرية النقدية من خلال شعر المقاومة الفلسطيني بطوره الأول، لكن مع اختلاف واضح وأكيد بطبيعة الموضوعات التي شكلت عالم تجربة الشاعر أحمد مطر.هذه تجربة ملأت فراغاً استثنائياً في اهتمامات الشعر العربي الحديث وموضوعاته المختلفة. وأعتقد أن مطر نجح إلى حد كبير في أن يشكل ملامح شخصية واضحة لخصوصية تجربته في إطار الشعر الهادف.

تضيف الناقدة الدكتورة نادية هناوي:

يعد منجز أحمد مطر متفردا، وللتفرد مؤهلات ومقومات سمحت لمطر أن يقع على نهج شعري خاص بقصيدته من ناحيتين: مضمونية حيث اختص بثيمات محددة جعلت شعره يوصف بأنه سياسي، وفنية حيث داوم على أسلوب شعري محدد، ما أن يطرق المسامع حتى تستدل الأفئدة على خصوصيته. ولا ريب في أن صوت أحمد مطر الشعري لاذع وناقم على الوضع السياسي العربي، وهو في هذا متأثر بشاعرين معاصرين، الأول هو مظفر النواب في قصائده( تل الزعتر / تكاثرت القمم/ دوامة النورس الحزين/ قراءة في دفتر المطر) فاستلهم مطر منها المقاومة والسخط والغضب على كل ما هو فاسد ومتخاذل. والشاعر الثاني نزار قباني لاسيما في ديوانه( هوامش على دفتر النكسة) وقصائده الأخرىالمتسمة بتقريع الأنظمة الضالعة في العسف والفساد والاضطهاد والدكتاتورية وتعريتها وفضح أساليبها وألاعيبها. ويضاف إلى هذين الشاعرين شاعر آخر تأثر به أحمد مطر تأثرا كبيرا لا يقل عنهما قوة، هو الشاعر اليوناني الكبير يانيس ريتسوس( 1909-1990) الذي آمن بقدرة الشعر السياسي على تغيير العالم.

الشاعر دخيل الخليفة يقول:

احتل الشاعر العراقي أحمد مطر مساحة كبيرة في وجدان الناس وخصوصا في الكويت التي لجأ لها هربا من بطش النظام السابق وعمل في صحيفة (القبس) محرراً في القسم الثقافي.. الرجل اختار مفردة (لافتة) لنشر بضعة أسطر شعرية في الصفحة الأولى يختزل فيها هما سياسيا، كان الناس في النصف الثاني من الثمانينيات ينتظرون يوميا هذه اللافتة، ونال ديوانه الأول (لافتات) توزيعا عاليا، بينما كان ديوانه الثاني (أنا المشنوق أعلاه) ممنوعا، فتداوله المهتمون عبر استنساخه. وحين بدا اسمه بالانتشار عربيا طالب العراق بإبعاده من الكويت، فعمل في (القبس الدولي) بلندن.

كان مطر قريبا من هموم الناس في فترة سياسية مشتعلة، لذا احتل مكانة كبيرة في قلوبهم.. هكذا يمكن تلخيص مكانته عند الناس، لكن على الصعيد الفني في النصوص هناك كلام آخر، وإن تميز بأسلوبه الخاص وهذا يحسب له.

بينما يرى الناقد عبد الغفار العطوي:

صنف باحثو النظرية الأدبية العربية  منذ القدم لحد الآن ، فيما يتعلق بالشعر  العربي بأغراضه ، الهجاء الرثاء و الغزل  و المدح، و عرف الشعراء بالكدية ، مستعطفين أولي الجاه و الثراء، او ناقمين عليهم ،عرف احمد مطر ، و مظفر النواب و محمود درويش و غيرهم  بشعراء النضال السياسي، ركب موجة الأزمات و الانعطافات السياسية في العالم العربي المعاصر ، مما صبغ شعره بلون الخطابة  و الشعارات ، كان لا يكتب شعراً ، بل يلوك سياسة ،فيمكننا تصنيفه ببرغندا الشعارات الرنانة في محيط مأزوم ، يعتاش على الثورات و لا يكترث بالتحول الحداثي الذي ينمي الثقافة الواعية ، لذا فإن شعره السياسي لم يعتن بماهية الشعر ، ولم يدرك الجدلية بين الشكل و المحتوى مثلما طرحها رواد الشعر الحر منتصف القرن العشرين.

يقول الناقد  محمد جبير:

يمكن توصف منجز الشاعر الراحل أحمد مطر بأنه جماهيري يعتمد التأثير المباشر في المتلقي  بمعنى أنه سماع المتلقي للمؤثر الصوتي أكثر فاعلية وحضور من الصورة الفنية الأدبية.

يضيف الناقد زهير الجبوري:

ان مسألة تقويم ووصف تجربة الشاعر أحمد مطر في خصم رأي استطلاعي ياخذ منحى اطاري عام،  فهو من الناحية الفنية شاعر تحريضي ، يستفز المتلقي بنقده للواقع بكل مخلفاته السياسية والاجتماعية والثقافية،  لذا لفت النظر كثيرا ، بخاصة هو يكتب من مسافة بعيدة عن وطنه الام ، بمعنى تصل كتاباته الى مديات واسعة في الساحة الشعرية العربية والعالمية.

الشاعر والناقد نصير الشيخ يقول:

يشكل الشاعر العراقي أحمد مطر نقطة توقف في الشعرية العراقية رغم عدم إندغامها فيها ،وذلك لميلان زاوية النظر للشاعر واتخاذه موقفه الوجودي والشعري .منطلقا ًمن معاينتهِ للواقع ومعيشة الفرد العراقي والعربي ، وبالتالي خضوع التصورات والمثاليات في عالم الشعر الى مآلات ٍ يتحكم بها الحاكم والأنظمة ،وما على الشعر الا ان يكون مواجهة حادة مع هذه المآلات .من هنا كانت رؤيته الخاصة للأوضاع السياسية ، فوجد أن القصيدة هي حريته في موقفه الوجودي، والشعر فضاؤه الأرحب في قدرته التعبيرية عن الذات موقفاً وتجربة وإبداعاً. من هنا اختار احمد مطر القصيدة الصادقة والمعبرة في مواجهة الأنظمة وسياستها، وقمعها المستمر لحرية الفرد، ومحاربتها الفكرة الجادة، وخنق صوت الإحرار. وحيث تحولت القصيدة بين يدي احمد مطر  حاملة حدتها وسخونتها، حيث كتبت عنوانه الأبرز ” لافتات “..مختزلة الصرخة، مطوحة ابداً بخرافة الجلاد. من هنا ينتمي احمد مطر ل ” شعرية الأحتجاج” وهي المساحة التي أوجدها موقفاً منطلقاً من ذاتٍ تتفرد في النظر الى الأشياء والوقائع .بل وفي جانبها الفني ظلت القصيدة لديه مضمونا ً ومنشوراً سريا ً،مقصياً ليس عن عمدٍ تحولات حداثة القصيدة وتمرحلاتها البنيوية والفنية ،منتمياً لشكلٍ واحدي، جعل منه ” نسقاً” ضمنيا للتعبير عن الذات والآخر على حدٍ سواء.

ويرى الناقد علوان السلمان:

يصنف الشاعر أحمد مطر في خانة الشعراء السياسيين و شعراء المقاومة اما منجزه الشعري فهو يصنف ضمن ادب السخرية والتهكم من الحكام والساسة..

كلب والينا المعظم

عضني اليوم ومات

فدعاني حارس الأمن لأعدم

عندما اثبت تقرير الوفاة

أن كلب السيد الوالي تسمم.

يضيف الناقد محمد يونس:

بالرغم من كون أحمد مطر وصل إلى الدخول في مدار الظاهرة, لكن يبقى في التقييم المنهجي للنقد والمعرفة, هنا اختلاف واضح في وجهات النظر, وبتعدد جدلي أيضا, لذلك نقطة التصنيف غير ثابتة, وهناك تأثير إذا كانت نقطة التصنيف غير مشهودة, وكذلك ليست ثابتة, وهذا يجعل التعقيد للفصل ما بين الذات والنص مسألة عصيبة, والمعرفة اللسانية تحتاج هنا هي المعرفة النقدية إذا نتجاوز المنهج العلمي, والذي يربط الذات بالنص والنص بالذات, ونحتاج لتصنيف الخطاب بسيرورة موازية, وهي مفقودة إلى حد كبير, فالخطاب واجهنا بشكل بمفاجأة, ونجد التصنيف بالمظهر كما ايديولوجيا, لكن في المضمون هناك ابعاد متعددة ما بين القصد الذاتي القضية الثقافية والحس الاجتماعي والمعنى الإنساني, وهناك تضامن بالنص ما بين القصد والقضية والحس الاجتماعي والمعنى الإنساني.

يقول الناقد عبد علي حسن:

يُعد الشاعر العراقي  أحمد مطر من أهمّ الشعراء المؤسّسين للقصيدة المُحرّضة ، وقد تبدّىٰ نهجه الشعري هذا عبر منجزه الذي ٱثر على تسميته بقصيدة (اللافتة) التي اتخذت وضعاً يقترب من المنشور السياسي الذي يفضح الأنظمة العربية الديكتاتورية التي تمارس الظلم والإضطهاد والتغييب في أقبيتها السرية لكل مناهض لسياساتها القمعية ، وبهذا الصدد فإن هنالك أكثر من زاوية نظر إلى منجزه الشعري وقصيدته التحريضية

والسؤال الثاني:لكل شاعر كبير امتدادات شعرية تتجسد في شعراء آخرين

يواصلون نهجه الشعري. أينهم في تجربة الشاعر الكبير أحمد مطر؟

يجيبنا الشاعر والروائي عبد الزهرة زكي:

في شعرنا العراقي الحديث نجد ما يشارك أحمد مطر اهتمامه بتخليق هذا النموذج. هناك تجربتان واضحتان، هما تجربتا الشاعرين كاظم الحجاج وموفق محمد، وطبعاً هاتان التجربتان ليستا امتداداً لتجربة أحمد مطر كما ليست تجربةُ مطر بالامتدادِ لهما، وإنما نحن أمام ثلاث تجارب تلتقي بأهدافها وتفترق في تقنياتها ووسائلها التعبيرية، ثلاثة تجارب متضارعة ومتزامنة مع بعضها، لكن لكلٍّ منها خصوصيتها وعلاماتها الفارقة، وهذا توصيف عام للتجارب الثلاث وليس حكمَ قيمةٍ على أيِّ منها. تنبغي هنا أيضاً الإشارة إلى التجربة الصارخة للشاعر مظفر النواب، بنموذجها الفصيح، وهي تجربة مبكّرة في خلق نموذج القصيدة السياسية الناقدة والناقمة في الشعر الحديث، لكن هذه تجربة لها خصائصها التي تنأى بها عن تجربتي أحمد مطر ثم كاظم الحجاج، بينما تجربة موفق محمد تتماس مع تجربة فصيح النواب بأكثر من موضع، ثم لا تلبث حتى تفارقها، ليخلق موفق نموذجه الشعري المترع بالسخط والنقمة والتجديف على انحطاط السياسة. وإذا عدنا عقوداً إلى الوراء فإن قصيدة الجواهري (إي طرطرا تطرطري) يمكن عدّها نموذجا مبكراً في شعر السخرية النقدية القائمة على المفارقة، وهذه قصيدة نُسجت على منوال (أبيات) سبقتها بقرون وعُدّت من الأمثال، إنها أبيات (خلا لك الجو) التي نُسبت لطرفة بن العبد.لم يجرِ التأسيس على رائية الجواهري، لكن بقيت بين حين وآخر تظهر قصائد ساخرة لهذا الشاعر أو ذاك. وبحدود اطلاعي حتى الآن لا يمكن لنا تحديد (امتدادات شعرية تالية) لتجربة أحمد مطر في الأجيال الجدبدة، ولا لأيٍّ من الشعراء الثلاثة، في الشعر العراقي الراهن. شعرنا الراهن بقي، في طوره الأخير، يستجيب لمشكلات الحياة في ظروف الحروب والعنف كموضوع، وبتنوّع في مقاربة الموضوع فنّاً، وهو شعرٌ آخِذٌ بترسيخ اهتمامه بالمعنى الشعري من بعد سنوات بقي فيها الشعر ينأى بنفسه عن أي معنى.

تضيف الناقدة الدكتورة نادية هناوي:

يذكرنا شعر أحمد مطر مباشرة بشعر موفق محمد الذي هو آخر تجربة فريدة في الشعرية الساخرة العاصفة سواء في إثارتها أو في تحريضيتها الجماهيرية. وموفق مثل أحمد مطر داوم على استعمال أساليب محددة في الشعر مثل التهكم والمفارقة والاختزال والسردية الدرامية والحوارية المونولوجية وغيرها. فمثلا يقول موفق محمد: (ما زلنا في المربع الأول/ واضعين الحصان خلف العربة/ وعندما نتفق أو نختلف/ لا فرق/ نقتل الحصان والسائق/ ونحرق العربة/ ويقتل بعضنا بعضاً في الفيلم العراقي الرهيب “جئنا لننتقم” ) أما احمد مطر فيقول: ( ذات يوم / رقص الشعب وغنى/ وأحنى بهجته حتى الثمالة/ إذ رأى أول حالة/ تنعم البلدة فيها بالعدالة/ زعموا ان فتى سب نعله/ فأحالوه إلى القاضي/ ولم يعدم بدعوى شتم أصحاب الجلالة).

والشاعر دخيل الخليفة يقول:

هناك من قلّد أسلوب أحمد مطر، وشخصيا أعرف صديقين سوريين تأثرا بطريقته، وربما غيرهما الكثير، لكن هذا الأسلوب يحتاج جرأة كبيرة وتحمل تبعات النشر، كونه يستخدم قاموساً أمنياً، كان مطر يحمل قضية وربما قضايا في رأسه، قد لايحملها الاخرون، ثم أن أسلوبه يخصه لوحده، وهو أسلوب مفضوح، فلو كتب به آخرون سينسبه المتلقي لأحمد مطر.

بينما يرى الناقد عبد الغفار العطوي:

المنحى الذي اختطه احمد مطر هو تسخير الشعر من أجل السياسة ، فكان شاعراً ملتزماً بقضايا أمته  المصيرية  ، و التوظيف السياسي للمطالبة بالحريات المفقودة للفرد والمجمعات  في عالمنا العربي ، و بما إن هذا المنحى السياسي يتعرض لمتغيرات  التطور ، فلم نجد مريدين واتباعاً له من الشعراء ، لأن الأجيال التالية له تحولت نحو عوالم شعرية أخرى ، فلو كان الشاعر احمد مطر قد ركز على ماهية الشعر  التي لخصها  قدامة بين جعفر ، و إبن طباطبا  في إن أعذب الشعر أكذبه  لوجد من يحمل لواء التقليد له.

ويضيف الناقد محمد جبير:

لم يمهل الزمن الشاعر أحمد مطر ليكون مؤثرا في مجايليه من الشعراء الشباب الذين ظهروا بعد التاسع من نيسان ٢٠٠٣ أو قبل هذا التاريخ بقليل فقد انشغلوا في استثمار تجارب الشعراء الكبار وراحوا يقفون أكثرهم في المنجز الفني لتشكيل صورة شعرية مغايرة.

الناقد زهير الجبوري يعتقد:

ان تجربة الشاعر مطر تقترب من تجربة الشاعر موفق محمد في توصله لجوهر الاشياء التي تمس احساس المجتمع وما يعانيه من وجع ، فالشاعر احمد مطر كان له امتداد من خلال الأجيال التي لحقت بتجربته، فالكثير من الشباب قلد تجربته ، فكان له حضور بارز وواسع في الأجيال التي لحقت به ، لكن انتباهتي لتجربة احمد مطر ان لديه جمهور تأثر به أكثر من شعراء تأثروا بما قدمه، لذا كانت قصائده حاضرة بوصفها نصوصا شعرية فيها خطاب لدى الآخر المتلقي أكثر منه من شعراء في الوسط الشعري من وجهة نظر خاصة.

يقول الشاعر والناقد نصير الشيخ:

ربما لايسعنا القول أن احمد مطرشاعراً ” تجربة متفردة” ..! ذلك يتطلب حفرياتٍ عميقة، لكنه شكل نسقاً كتابياً بروحٍ إحتجاجية تفرد بها لوحدهِ ربما، مشكلا وعبر الدواوين الشعرية التي إصدرها ” قاموسه الشعري” الذي يتسلقُ سلالمه كي يطل على المستقبل العربي،وبنفس الوقت كان له صخرةً سيزيفية ً أخذت من عمره الكثير، تأملا ً وموقفا ايدلوجياً.

بينما يرى الناقد علوان السلمان:

الشاعر الحلي موفق محمد هو الاقرب ممن يواصلون نهج الشاعر احمد مطر الشعري..والذي يقول: حين يصبح الارتزاق ظاهرة جزارين والناس قطيع كلاب يتخاصمون على سقط المتاع التافه فيرسم  شاعرنا موفق صورة غاية في التهكم..

في عنقي

 حكمت الحبل

وألقيت الطرف السائب للكلب

يا كلبُ يا ابن الكلب

أبعدني عن أسواق القصابين

ولا تنبح قبلي

يبكي الكلبُ

يرمي طرفَ الحبلِ

ويركض مجنونا مثلي.

يضيف الناقد محمد يونس محمد:

ليس أحمد مطر ظاهرة مفصولة عن التاريخ الشعري, بل حتى الخطاب العام يؤشر بأن تلك الظاهرة ترتبط بالسيرورة الشعرية, ولدينا أكثر من اشارة تحيل لتلك الفكرة, فالشاعر الرصافي يمثل في تقريبا الصيرورة, والتي أنجذب خطاب أحمد مطر نحوها, وإذا يرى البعض تلك الصيرورة بعيدة, لذلك تفقد التأثير, فهناك خطاب سابق يوازي خطاب أحمد مطر, فتجربة الشاعر نزار قباني في تشكل الخطاب الشعري من جهة, ومن جهة الاستعارة كذلك, ومن أفق الصياغة, ونجد هناك مشتركات في ذلك المثلث, ويمكن القول قد تشظى خطاب أحمد مطر في ما بعد 2003, وبعد ما دخلنا في فوضى ادبية بلا نظام انتجتها ما بعد الحداثة, لكن نقر بعد ارتفاع منسوب خطاب أحمد مطر في الفضاء الثقافي.

يرى الناقد عبد علي حسن:

تأثر بقصيدته التحريضية عدد من الشعراء العرب من خارج السلطة الٱيديولوجية والسياسية لتلك الأنظمة حتى صار الباب مفتوحاً أمام الشعراء لتقويض سلطة القمع وكمّ الأفواه تبعاً للظروف التي مرّت به الشعوب العربية خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي ، وبذلك فقد ظهر فيما بعد جيلٌ من الشعراء العراقيين والعرب ساروا على نهج الشاعر احمد مطر حتى عدّ اتجاهاً جديداً في الشعر العربي المعاصر.

والسؤال الثالث:  ماهي أسباب الشهرة المدوية لأحمد مطر؟

يجيبنا الشاعر والروائي عبد الزهرة زكي:

اجتهد أحمد مطر من أجل خلق جمهوره الخاص فظفرَ فعلاً بجمهور واسع.

أعتقد أن مشكلات الحياة السياسية العربية، بقمعها وبانتكاساتها، ساعدت في خلق وتنمية هذا الجمهور الباحث عن صوته، بينما دأبَ أحمد مطر على ترسيخ تجربته المتفهمة لما يجب أن تكون عليه قصيدة ساعية لمخاطبة جمهورها العام ولأن تكون صوت الجمهور، إنها قصيدة تمضي إلى هدفها مباشرة فيما دعّمَ الشاعرُ هذه الصلة المباشرة بما تحتاجه من وسائل فنية ومفارقات بلاغية من شأنها شدّ الجمهور لنمط شعري قائم بشكل واضح على استخدام المفارقات وما ينتج عنها من سخرية سوداء. إن الصياغات الفنية والتقنيات التعبيرية التي يتوقعها جمهور مطر من شاعره هي مما ساعد في تمتين الصلة ما بين الشاعر والجمهور وساعد أيضاً في أن تحيط التجربة نفسها بتقاليد فنية خاصة ومتوقَّعة من أحمد مطر.

وتضيف الناقدة نادية هناوي:

السخرية اللاذعة المحملة بالنقد الاجتماعي والسياسي هي سبب شهرة أحمد مطر، واستعملها في مختلف قصائده لاسيما في ديوان (لافتات) فجعل الضحك كالبكاء واللامبالاة كالمبالاة وإراحة النفس كأغاضتها. وعادة ما يكون هدف أحمد مطر من السخرية اللاذعة التهكم والهجاء وتعرية الخصم والتنكيل به كي يبدو ضئيلا مضحكا كما في قصيدة( نبوءة)  وقصيدة(إصلاح زراعي) وفيها يقول:( قرر الحاكم إصلاح الزراعة/ عين الفلاح شرطي مرور/ وابنة الفلاح بياعة فول/ وابنه نادل مقهى/ في نقابات الصناعة/ وأخيرا/ عين المحراث في القسم الفولوكلوري/ والثور مديرا للإذاعة/ قفزة نوعية في الاقتصاد/ أصبحت بلدتنا الأولى/ بتصدير الجراد / وبإنتاج المجاعة) وهذه القصيدة وأمثالها تحيلنا الى أرث الشاعر العربي الساخر (بيرم التونسي) من قبيل قصيدته الشهيرة( المجلس البلدي) ومما قاله فيها: (ما شَرَّدَ النومَ عن جفني القريحِ سوى/ طيف الخيالِ خيال المجلسِ البلدي/ إذا الرغيفُ أتى فالنصف ُآكُلُهُ/ والنصفُ أتركُه للمجلس البلدي/ وإنْ جلستُ فجَيْبِـي لستُ أتركُهُ/ خوفَ اللصوصِ وخوفَ المجلسِ البلدي).

ويرى الشاعر دخيل الخليفة:

برز مطر في فترة ضغط سياسي كبير، وأرض مشتعلة بدءا من الحرب العراقية الإيرانية التي أكلت الأخضر واليابس وقسمت آراء الناس، كما أفرزت انقسامات عربية، وحاما هذه الضغوط تحتاج إلى متنفس، وجده الناس بلافتات أحمد مطر التي لاتحتاج الى تعب ذهني لتفكيكها في مباشرة ومختصرة وناقدة لوضع سياسي. لعل مطر تميز بقاموسه الأمني، الذي كان جديدا على المتلقي حينها، فضلا عن كون اللافتة لاتتجاوز 7 سطور بنهاية صادمة.. وعلينا ألا ننسى دور وذكاء إدارة تحرير (القبس) التي اختارت الصفحة الأولى لنشر لافتات مطر.. ولولا هذه الفكرة تحديدا لما نال تلك الشهرة ربما.

ويضيف الناقد عبد الغفار العطوي:

ترجع شهرته الرنانة فقط إلى ما يعرف اليوم  في وسائل التواصل الاجتماعي  بصناعة محتوى ، و وصوله في ( ترند ) المتابعة  هو إنه كان  يخوض في غمرات العالم المأزوم  بالعقد  السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية المستعصية للعالم العربي  ، و بغياب وسائل  تواصل اجتماعية غير الشعر ، لهذا طبقت شهرته الخافقين  في قدرته على خلق تلبية لمحتوى يتطلع له الجمهور العربي ، مثلما يحدث الآن لصناع المحتوى( الهابط )على التيك توك ، حيث كان الشعر  الوسيلة الوحيدة للإعلام  ، لكن الآن بدت الصورة  و سيمياء الصورة تلعب دوراً مهماً في الدفاع عن القضايا ، إذ فشل الشعر  في إحراز الانتصار في معركة ( غزة) بعد السابع من أكتوبر 2023 و نجحت الصورة  في قلب موازين القوى ضد العدو الصهيوني.

الناقد محمد جبير يرى:

حقق أحمد مطر شهرته التي تصفونها المدوية عن طريق تحفيز مشاعر المتلقي لخطاابية القصيدة أو البيت الشعري والتأكيد على ثيمات الرافضة لكل ماهو سلبي في المتغير السياسي الجديد لذلك أكد حضوره في المحافل الشعرية التي يلقى فيها الاستحسان والتجارب مع مضامين القصائد التي يتغنى بها.

يضيف الناقد زهير الجبوري:

لم تكن الشهرة موضع بروز في تجربة احمد مطر،  شهرته استعرناها من غربته،  وعملنا على ابرازها،  وإلا فإن العراق فيه أسماء شعرية كبيرة وراكزة ولو أخذنا مثلا الشاعر كاظم الحجاج فإنه يمتلك شهرة من نوع خاص كونه يكتب قصيدة نثر معاصرة وباساليبتحريضية ونقدية واضحة ، فشهرة احمد مطر تنطوي على سؤال ثقافي بحت،  هل وصل للمتلقي المحلي والعربي مثل الجواهري والسياب مثلا ، لذا اجد من الضروري توصيف الشاعر مطر توصيفا نقديا كي نعرف مدى احقيته في هذا اللقب.

الناقد علوان السلمان يجيب:

ان اهم اسباب الشهرة المدوية لاحمد مطر تنحصر في:

ـ اتخاذه اسلوب السخرية أو التهكم اسلوبا ووسيلة لتوصيل المعنى الجاد والمؤثر في المتلقي..

ـ شعره يعج بالصور الكاريكاتيرية والصوره الساخرة التي يستخدم الحيوانات رموزا موحية لها كما في قوله:

رأت الدول الكبرى تبديل الأدوارْ

فأقرت إعفاء الوالي

واقترحت تعيين حمارْ!

ولدى توقيع القرارْ

نهقت كل حمير الدنيا باستنكارْ:

نحن حميرَ الدنيا

لا  نرفض أن نُتْعَبْ

أو أن نُرْكَبْ

أو أن نُضْرَبْ

أو حتى أنْ نُصْلَبْ

لكن نَرفضُ في إصرارْ

أن نغدو خدماً للاستعمارْ

إن حُموريتنا تأبى

أن يلحقنا هذا العارْ!” 

ـ أحمد مطر استعاض عن كلمات الأغاني بالترنيمة وهو الصوت الموسيقي الذي يضفي على النص حيوية وتفاعلا..

صوتُ مُجنْزرِ

تمْ ترمْ الله أكبَرْ

تمْ ترمْ الله أكبَرْ

انقلابْ

تمَ ترمْ تمْ

وانْتهى عهْدُ الكلابْ.

الناقد محمد يونس محمد يقول:

طبيعة الظروف السياسية والاجتماعية والدينية هي من احتاجت إلى خطاب مضاد, فطبيعة السياسة هي بذاتها كخطاب ملفوظ يتحرد بشكل دائري فرضت عل نفسها ايجاد خطاب مضاد, والتصدع الذي اصاب الافق الاجتماعي نمو القهر إلى حد كبير وجد ذلك الخطاب ينيب عنه, وكذلك التصدع المعنوي الي اصاب بنية الدين استجاب له أحمد مطر واستجابت له, ونوع ونمط الخطاب بالسيوسولوجيا يلامس النفس الاجتماعية, وكونه خطاب مكشوف ومباشر وجد الشكل الاجتماعي هو الاشارة والعلامة والدلالة, أي يمكن أن يعبر بشكل مكشوف, ومن ثم يعكس عن سيمياء بليغة الوضوح, وكما على المستوى الدلالي كشف القضايا المهمة, ولم يجعلها كوحدات رمزية تفقد التوازي مع المجتمع, ولكن تنازل بالتدريج أثر الدوي وبهت وتلاشى .

يضيف الناقد عبد علي حسن:

لعلّ اتجاه شاعرنا في السخرية والتمرد على الأنظمة العربية الديكتاتورية الذي ذاع عبر نصوصه في جريدة (القبس) الكويتية التي كان يعمل فيها بعد هروبه من بطش وملاحقة النظام البعثي البائد ،  ومساهماته في المهرجانات الشعرية التي أقيمت في بعض البلدان العربية أو الأوربية كانت سبباً في انتشار قصيدته وشهرته التي تمثلت في تداول الأشرطة التسجيلية والفيديوهات وانتشارها في أرجاء الوطن العربي نظراً لما تتمتع به قصيدته من مكونات بلاغية وتعبيرية ابتعدت عن كونها قصيدة مباشرة ومستهلكة.

وبسؤالي الرابع اختم استطلاعي:

ماهي المكونات الشعرية التي جعلت احمد مطر يمتلك هذه الشعبية الساحقة لدى كافة القراء على اختلاف مستوياتهم الثقافية؟.

يجيب الشاعر والروائي عبد الزهرة زكي:

كل ما أشّرته في إجاباتي السابقة ساعد وعمل على أن يمتلك الشاعرُ هذه (الشعبية) التي يتحدث عنها السؤال، وبالمقابل عمل أيضاً على أن يمتلك الجمهورُ شاعره.

الناقد الدكتورة نادية هناوي تضيف:

تعد السخرية اللاذعة مكونا مهما من مكونات شعر مطر والى جانبها مكونات اخرى مثل السردية ومن خلالها يصور الخصم تصويرا كاريكاتوريا وهناك المفارقة الفنية والإيجاز وتكثيف الصور والفنتازيا والتغريب والتعجيب والمفارقة وبها جميعا ينفّس الشاعر عن آلامه ويعبر عن اختلاجات مشاعره النفسية المشحونة بالقهر والانتقام والازدراء من كل ما هو فاسد ومشين, وقد ساهمت تجربة احمد مطر الصحفية مع رسام الكاريكاتير ناجي العلي في توسيع آفاق شعره لاسيما استعمال اللاواقعية كمكون خاص في شعر احمد مطر؛ فالواقع هو نفسه غير واقعي ولا تفيده واقعية سحرية ولا سريالية ولا تجريدية ولا رسوم متحركة. ولهذا تأسف احمد مطر على ماركيز كون( واقعيته السحرية لم تعد تثير الاستغراب إلا لكونها اقل غرابة من غرائبية هذا العالم السعيد) فمثلا في قصيدة( ما قبل البداية) صور مطر نفسه جنينا لأم وأب عربيين ويتمنى ان يقطع الحبل السري بنفسه كي لا تحبل أمه بعده بغيره. اما في قصيدة( ما بعد النهاية) ففيها هو مشنوق ويعترف من مكانه في العالم الآخر قائلا: ( إنني المشنوق أعلاه / على حبل القوافي/ ارتكبت الصدق كي اكتب شعرا ).

الشاعر دخيل الخليفة يقول:

علينا الاعتراف بأن هذه الشعبية الساحقة لاتعني تميزا للنصوص الشعرية أحيانا، فنص أحمد مطر يقرأ لمرة واحدة وينتهي كونه مباشرا، والرجل نفسه ذكي، أسماه (لافتة) أي علامة احتجاج.. وهذه المباشرة يجتمع حولها الكل، ويصفق لها الكل، نتيجة نقد الوضع السياسي، فتحوّل مطر إلى ظاهرة في وقته، لكنه بعد تشبع الناس بأسلوبه، بقي مجرد ذاكرة وقلَّ نهم الناس لقراءته، خصوصا بزوال كثير من القضايا بعد كارثة 1990 التي انتهت باحتلال الجيش العراقي لدولة الكويت. كما أن (القاموس الأمني) محدود لغويا، وبالتالي يبدأ الشاعر بتكرار نفسه، وهو ما أدى أيضا إلى توقف مطر عن النشر.

متسائلا يجيب الناقد عبد الغفار العطوي:

نحن نسأل( أنا واحد أسأل بشدة) لماذا لا يتعامل الأديب و المثقف العراقي سوى مع الشعر ، لا فلسفة و لا فكر و لا علوم إنسانية و لا منهجيات ، كأن الشعر وحده هو العامل  السائد في ثقافتنا ، و في عالمنا عالم الرقمنة  و الثورة العالمية للاتصالات و الدراسات الثقافية، إذا بحنا في مكونات شعر أحمد مطر  نستغرب  للشعبية الكاسحة في ( ترند)شعره ، الجواب يعود ليس لشعر أحمد مطر الذي لا يختلف عن الشعراء الآخرين من جيله ه أو الاجيال الأخرى  ، السبب يتركز  في إن العالم العربي  لا يقرأ( القراءة تعني إنتاجيتها كثقافة محدثة للأنساقالثقافية  ) فقد أشارت منظمة  اليونسكو في معدل الشعوب التي تقرأ كبريطانيا  الفرد الواحد يقرأ في العام الواحد 145 كتاباً  و يقف العالم العربي في قعر السلم من القراءة حيث إن كل 60 فردا عربياً  يقرأون صفحتين فقط في العام ، العالم العربي يعتمد على ثقافة الشفاهية  والعزوف عن القراءة ، لذا هو يتمسك بالشعر كحافظة ثقافية تقيه غائلة  التآكل و الاندثار، و إن الشاعر الأكثر صراخاً في الشفاهية هو الأشهر و الأمهر في عالم الشفاهية وهي عادة ورثناها من لغتنا  و مجتمعاتنا البدائية.

الناقد محمد جبير يقول:

قيل قديما الأذن تعشق قبل العين احيانا ويبدو لي هذا هو سر نجومية أحمد مطر وجماهيره إذا ما نظرنا إلى العين بوصفها أداة قراءة والأذن وسيلة سماع الشعر يداعب المشاعر والأحاسيس لدى المتلقي ويجد صداه ومقبوليته بمقدار كمية التفاعل والتجارب مع الكلمات التي تصله من الشاعر طريقة الإلقاء التعبيرية ودقة الصوت ووضوحه لدى المستمع.

الناقد زهير الجبوري متسائلا يجيب:

ماذا نعني بالمكونات الشعرية ، هل هي عدته اللغوية ام بلاغته ام خياله ام موضوعاته المتداولة..؟ الشاعر أحمد مطر بن بيئة خصبة للشعر ، فالبصرة عبر قرون مدينة الشعر والشعراء والنتاج الثقافي ، الملفت للنظر انه استطاع أن ينتفض من إيقاع الشكل الشعري ، ومن الأداء وطريقة كسر إيقاع اللغة الشعرية ذاتها ، ويمضي قدما في إعطاء قصيدته لونا ينعكس على شخصيته التي تبدو للوهلة الأولى ساحقة وهذا ما لمسناه وقراناه في شعريته ، فالقراء بمختلف مستوياتهم هم صناع ذوق،  والشاعر مطر غير من نمطية القصيدة ، ثم ادخلها في إطار السخرية اللاذعة لنقد الجانب السوسيو سياسي ، لتصبح لها رغبة التلقي ، والشاعر له صفة القبول الساحق في الساحة الشعرية.

يضيف الناقد محمد يونس:

صراحة نتجاوز التفسير المباشر, ونتقدم نحو التحليل الموضوعي, وهنا نجد  تلك المكونات هي وجود بشري وليست تلك القيمة التي تؤثر بشكل دائري, وتفقد أن تكون نسق ثقافي مثلما خلق السياب, ونحن في عصر متقدم في الأدب لا نبحث عن ثورة للنص, بل نهدف إلى التركيز على القيم الجمالية, وما تطور أفق التقنيات نحو الفن الخلاق, وتلك الاستعارة الاجتماعية في الخطاب الشعري تثير العاطفة الاجتماعية وليس الذوق الفني, وشخصية أحمد مطر عاشت انقلاب كبير من رجل متدين إلى رجل يساري ثائر ضد القيم المزيفة .

الناقد علوان السلمان يرى:

ان المكوّنات الشعرية التي جعلت احمد مطر يمتلك هذه الشعبية الساحقة لدى كافة القراء على اختلاف مستوياتهم الثقافية  تتمثّل في:الفكر والخيال والعاطفة والإيقاع واللغة مع حضور العاطفة،وما يستوجب اعمال الفكر(مكونا) والسخرية(غرضا)..

يضيف الناقد عبد علي حسن:

أن وجدانية وعاطفية القصيدة قد تحولت الى حب الوطن والإنسان والانتصار إلى قضية الشعب الذي وقع تحت طائلة القمع والاضطهاد ، ولعل ما تتميز به قصيدة احمد مطر من تكريس بنية السخرية من تلك الأنظمة هو واحد من الأسلحة لمن لاسلاح ولا قدرة له لمواجهة ومقارعة الدكتاتورية ، الأمر الذي جعله عرضةً لمعادته وملاحقته ومحاربته حتى في لقمة العيش ، إلّا أن كل تلك المحاولات لم تثنه عن مواصلة فضح أساليب الأنظمة العربية التي اضطهدت وقمعت شعوبها ، لذا فإن الحسّ الإنساني والطبقي والوطني كان الدافع وراء تبني قضايا الشعب في مختلف البلدان العربية .