كلنا يعرف حكاية الشاطر حسن الأسطورية التي تحكيها كل أم مصرية لأولادها الصغار فهي إحدى روائع التراث الشعبي العربي التي تتحدث عن البطولة والرجولة والتضحية والإيثار والحب حتى أصبحت محط إعجاب الصغار والكبار معا .
أما السائق حسن فهو احد نتاجات الزمن الردئ للصحافة العراقية بعد أن ركبتها موجة الطارئين لتغزو مساحاتها الواسعة وتستحوذ على مناصب نقابتها الأم بغير وجه حق حينما حمل هويتها الآلاف ممن لا مهنة لهم وتسللوا إليها في غفلة من الزمن بطرق شيطانية ..
فالسائق حسن استغل مهنته للتسلل والولوج في أروقة هذه المهنة التائهة وسط الأمواج المتلاطمة والعوز الذي يعانيه اغلب العاملين في هذا القطاع وحتى من تبوأوا مراكز متقدمة في قيادة العمل المهني .. فدخل النقابة سائقا لأحد أعضائها وتعرف على أصول اللعبة عن قرب ويتخلى عن هذا العضو بعد إن رأى موجا أعلى من صاحبه الذي أتى به سائقا مطيعا ليصل إلى مبتغاه ليكون قائدا مهنيا وهو لم يكتب سطرا واحدا طيلة حياته التي قضاها في تجارة المواد الاحتياطية وسائقا يجوب شوارع بغداد ..
الشاطر حسن كان يفضل أكلة الملوخية بالأرانب أما السائق حسن فقد بات يعشق أكلة ( طيور الخضيري القادمة من الجنوب والتي تقدم على طبق من ذهب من قبل بعض الطارئين من أمثاله بعد ان مارس لعبته القذرة في تخريب المهنة والإتيان بأشباهه لقيادة العمل المهني في المحافظات ..
الشاطر حسن يحمل في طياته كل معاني البطولة والإيثار والتضحية أما السائق حسن فيحمل كل قيم الرذيلة والنفاق والتلون مدفوعا من قبل جهات مغرضة آلت على نفسها تخريب صاحبة الجلالة من داخل حصونها بعد أن مدته بالمال اللازم لشراء الذمم من قبل بعض الضعفاء الذين ابتلت بهم المهنة..
إننا نعرف بان المقارنة غير منصفة بين شخصية بطولية للشاطر حسن وبين شخصية كارتونية صممها أعداء المهنة بإتقان للسائق حسن لكن المقارنة أحيانا تبرز ما تحمله الشخصية الهزلية بعد أن يجد القارئ نفسه أمام حقيقة مرة ابتلعها الكثيرون على مضض لأسباب عديدة يعرفها أصحاب المهنة الحقيقيون..
السائق حسن بدا يجوب البلدان ممثلا للصحافة العراقية ليعبر خير تعبير على تدنيها وضحالتها بعد إن يتعرف الآخرون من فرسان المهنة في تلك الدول على هذا النموذج المتدني عن قرب ليحكموا على الصحافة العراقية من خلال إمكانيات السائق حسن في تبديل دهن المحرك وأصول الضغط على السكليتر وضرورات ارتداء حزام الأمان وكيفية التخلص من السيطرات وفوائد الجوبلس وتبديل دهن المحرك في الأوقات المناسبة لأنها أعمدة أساسية من أصوليات كتابة الخبر والتحقيق الصحفي والمقال ومصادر الأخبار التي تنحصر عنده من داخل الكراجات!!!.. السائق حسن عبّر عن حقيقته قبل أيام عندما تهجم على سائق النقيب دون أن يشعر بمكانته الجديدة لأنه أحس وبلحظة ضعف حقيقية انه اخذ مكانه الطبيعي في قيادة سيارة النقيب التي اعتاد عليها!!!!!!
اليوم وأكثر من أي وقت مضى بات الصحفي العراقي الحقيقي متفرجا أمام تلك السفاهات التي ابتلت بها المهنة وهو يرى مهنته تذبح على مقصلة الطارئين دون حراك لكنني متفائل بان مهنتنا التي رسخت أقدامها بين مثيلاتها من المهن العربية والدولية لا يمكن أن يميتها أمثال هذا السائق وغيره من الأفاقين لأنه في نهاية الأمر لا يصح إلا الصحيح وللحديث بقية ..