لعل السؤال الذي يبدو واجب الطرح هو .. ماذا يحتاج العراق خلال مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية القادمة في نيسان القادم؟ الاجابة التقليدية والجاهزة هي انهم يحتاجون الى التغيير؟ والتغيير مفردة تلاعب بها الجميع وفي مقدمة من تلاعب بها ائتلاف دولة القانون وزعيمه رئيس الوزراء نوري المالكي. فهم ايضا مثل سواهم يريدون التغيير. ولكن ماهو المنطلق للتغيير؟ وكيف يمكن ان يحصل؟ هل في استمرار المالكي لولاية ثالثة مثلما يروج اتباعه وحشد هائل من وسائل الاعلام التي تقف خلفه وكلها ممولة بطرق مشروعة وغير مشروعة قسم من اموال الدولة (قناة العراقية وصحيفة الصباح والاذاعات والمواقع التابعة لها) وقسم من اموال الفساد (بدء من قناة افاق وغيرها من القنوات ووسائل الاعلام التي اما تم شراؤها او شراء ذمم عاملين مهمين فيها)؟ ام في استمرار المحاصصة والتوافق حتى بدون المالكي لكن عبر شخصية شيعية من التحالف الوطني الشيعي وبالتالي فان كل التغيير المنشود يكمن في تغيير الكابتن والاتيان بكابتن جديد كل ما نعرفه عنه الان انه مناضل وابن اوادم وهي الصفات التي كان يتحلى بها المالكي قبل ان يصبح حتى في عرف من اوصلوه الى رئاسة الوزراء “طاغوت العصر؟”. اذن ما حدا مما بدا. اذن مالذي يمكن حصوله او اقتراحه كحل للازمة والمازق؟ الحل من وجهة نظرنا المتواضعة يكمن فيمن يتبنى المشروع الوطني ومن دفع ثمنا باهظا من اجله. وبالعودة الى عنوان المقال “الشابندر والعيساوي والمالكي” فان الجميع بات يعرف قصة الخلاف بين النائب عزة الشابندر الذي كان احد اكثر الاعضاء فاعلية في ائتلاف دولة القانون وبين زعيم الائتلاف ورئيس الوزراء نوري المالكي. اما سبب الخلاف فكان هو السيد رافع العيساوي. فالشابندر كان يتولى عملية التفاوض ولقاء الكثير من الشخصيات السياسية المعارضة للعملية السياسية خصوصا من تلك التي تعارض فعلا وتحتاج بالفعل الى الاستماع الى وجهة نظرها بقطع النظر عن النتيجة. وهذا هو العمل السياسي الحقيقي لا عمل الهواة. ثم ان هذا العمل مقرون برؤية وطنية متكاملة تقوم على مبدا التسامح والمصالحة الحقيقية التي لو تحققت بالفعل وطبقا لما عمل عليه السيد عزة الشابندر لما وصلنا الى المرحلة الراهنة التي لم تتمكن فيها عشرات الفرق والالوية العسكرية من قهر 36 شخص من قيادات داعش كانوا في خيم الاعتصام. ولو تحقق مشروع الشابندر في المصالحة الوطنية لا عامر الخزاعي المسكين لما بدات جثث القتلى من الجنود من ابناء الوسط والجنوب واهالي الانبار على السواء تملا المقابر لتذكرنا بحماقات صدام حسين الذي لم يكن يلتفت الا لنفسه. اذن ما نحتاج اليه للمرحلة القادمة رئيس وزراء بمواصفات عزة الشابندر .. لماذا؟ اذا اردنا المقارنة ولو بشكل بسيط بينه وبين السيد المالكي فان اول ما يمكن ان يقال ان المالكي رجل ازمة لايصنع سلام ولا يحقق انتصار. ولذلك فانه مادام هو باق في منصبه فعلى العراقيين ان يضعوا ايديهم على قلوبهم لان الازمة باقية. والامر لايقف عند هذا الحد او المستوى بل له تداعياته الخطيرة واهماه انه يهدد استقرار العراق ووحدة اراضيه وهذا يعني ان العراقيين سوف لن يحصلوا لا على اقتصاد ولا على ديمقراطية ولا امان. المالكي طبقا لاي مفهوم نفسي يمكن تطبيقه عليه شخصية استفزازية للغير ومستفزة من الاخر ولانه كذلك فانه بحاجة الى المزيد من الازمات لكي يتحرك في المسافة الكائنة بين استفزاز الاخرين , الشركاء والخصوم معا, واستعداده لان يكون في وضع متوتر دائما. واذا اردنا عمل جردة حساب بسيطة فان الرجل فشل خلال السنوات الماضية من حكمه في اقامة علاقات متوازنة مع احد في الداخل او في الخارج. بل فتح باب التدخل الخارجي على مصراعيه وفي الوقت نفسه لم يتمكن من تحقيق علاقة متوازنة في الداخل لا مع الشيعة ولا مع السنة ولا مع الكرد. وعندما اعلن الشابندر انه التقى رافع العيساوي ونقل له رؤية المالكي سارع المالكي الى تكذيب هذا الامر مع انه لصالحه طبقا لكل المعطيات. والسبب في ذلك ان رؤيته للمشروع الوطني رؤية غريبة تقوم على قاعدة ان ياخذ من السنة كل شئ ولا يعطيهم أي شئ. وبالفعل فان السنة اكتشفوا ان عليهم ان يعطوه كل شئ وعدم اخذ أي شئ منه. ومن الملاحظات التي لابد من تسجيلها كعبر ودروس انه عاد شيعيا حين تصور انه ترك البيت الشيعي للصدر والحكيم وهو ما يتناقض مع مشروع بناء دولة . المالكي اراد بذلك بث الرعب في صفوف الشيعة من السنة . واذا اردنا ان نحدد الفرق الحقيقي بين عزة الشابندر صاحب المشروع الوطني القادر على انقاذ العراق من ازماته وبين نوري المالكي فان المالكي صاحب نظرية التخويف .. الشيعة من السنة وبالعكس. بينما الشابندر صاحب نظرية التصالح والتسامح. وهي اللبنات الاولى لبناء الدولة والقضاء على كل تبعات الفشل المتراكم منذ 11 عاما. فهل يعي العراقيون الدرس ويحسنون الاختيار يوم الثلاثين من نيسان؟