23 ديسمبر، 2024 5:30 ص

 السَنَة لم ينتصروا لكن الشيعة فشلوا

 السَنَة لم ينتصروا لكن الشيعة فشلوا

أكتب هذه الكلمات ودرجة حرارة الجو تجاوزت الخمسين درجة , وكهرباء الوطنية مقطوعة , ومولدة الشارع لا تعمل لأن وزارة الكهرباء لا تعطي حصة الكاز كاملة لاصحاب المولدات كما وعدت , والماء الصافي مقطوع , وعصابة مجهولة فتحت ابواب سجن الرصافة الواقع جنب وزارة الداخلية واختطفت 37

موقوفاً تحت التحقيق ثم عثر على جثث بعضهم في مزابل مدينة الصدر , وعصابات داعش وصلت حزام بغداد , ومئات الشبان الكرد يلتحقون بداعش إسوة بالشبان العرب الذين سبقوهم في الموصل والمناطق الساخنة, وسقوط اكثر من سبعين شهيداً وجريحاً بعد صلاة الجمعة في ديالى التي يمثلها في البرلمان النائب هادي العامري , وقيام النائب حنان الفتلاوي ( عضو فرقة بحزب البعث ) بالاتصال هاتفياً برئيس الوزراء المكلف السيد حيدر العبادي لغرض الاعتذار منه عن الكلمات البذيئة التي اطلقها لسانها السليط ضده يوم كان السيد المالكي يعارض تكليفه برئاسة الوزراء , وأخيراً السيد المالكي يدعو السيد العبادي الى عدم الخضوع لمطالب الكتل السياسية السنية لانها عبارة عن ابتزاز ويقترح عليه انه في حالة فشله في تشكيل الوزارة ان يلجأ الى تشكيل حكومة اغلبية شيعية .

لم يبق رئيس دولة ورئيس وزراء وزعيم سياسي في العالم اجمع لم يدعو الساسة العراقيين الحاليين الى العمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية تقبل بها كافة الاطراف والكتل والمكونات العراقية باسرع وقت ممكن من أجل تفادي زوال ما تبقى من العراق كدولة . ولكن يبدو لحد الآن أن كل العراقيين سمعوا وتقبلوا هذه الدعوة المخلصة مع التقدير لكل من اطلقها ….عدا من تقع على عاتقهم مسؤولية تشكيل حكومة وحدة وطنية , لأن عندهم آذان لا يسمعون بها .

متى يمكن تشكيل حكومة الشراكة الوطنية ؟

يمكن تشكيل حكومة وطنية ترضي كل الاطراف والمكونات والاديان والمذاهب في العراق عندما يصبح تفكير كل السياسيين تفكيراً عراقياً سليماً يسمو فوق كل الاعتبارات القومية والدينية والمذهبية , وهذا ما لم يلمسه المواطن العراقي منذ عام 2003 الى حد هذا اليوم خصوصاً في عهد المالكي .

لقد تصرف السياسيون السنة في السابق وكأن العراق كله عربي سني , مما دفع ببعض الجهات الشيعية الاجنبية ان تشجع شيعة العراق على تشكيل احزاب شيعية طائفية كحزب الدعوة لمواجهة احزاب سنية طائفية كالاخوان المسلمين , لكن الآية انعكست بعد الاحتلال الامريكي عام 2003 عندما دخل في روع شيعة العراق ان البلد صار شيعياً فأخذوا يتصرفون وكأن العراق اصبح كله في خدمة المذهب , وقد ظهر ذلك جلياً في ايام الزيارات وعاشوراء , هذه حقائق لا يمكن نكرانها .

المشكلة التي يجب ان نتجاوزها كعراقيين هي ان نتقبل ,نتيجة لضعف موقفنا الناتج عن خلافاتنا المذهبية والقومية , ان الستراتيجية الدولية بزعامة امريكا قررت قبل الغزو خلق دولة عربية يسيطر على حكومتها الشيعة العرب ولكن من دون تهميش السنة والكرد , الا ان شيعة العراق , وبينهم غير عرب كثيرون ,

الذين تولوا الحكم منذ 2003 لم يفهموا المقصود فأخذو يتصرفون , وفي مقدمتهم رئيس الوزراء نوري المالكي , تصرفات طائفية اثارت الدول العربية وجلبت نظر هيئة الامم المتحدة والمجتمع الدولي الى درجة ان قرروا التدخل في الشأن العراقي الداخلي واعلنوا عن طائفية رئيس الوزراء واحتمال تقديمه للمحكمة الدولية واجبروا شيعة العراق على تكليف شخص آخر لتشكيل الوزارة مع الأخذ بنظر الاعتبار حقوق المكونين السني والكردي , وفي هذا المجال قال لي احد الاخوة الشيعة , ان السنة انتصروا , فاجبته بقولي , لا يا سيدي لا يوجد منتصر الى حد الآن , لأن الموضوع برمته هو ان الشيعة فشلوا .

اما الكرد فان اختلافهم من حيث القومية جعلهم يتصرفون وكأنهم غير عراقيين أو ان العراقيين يحتلون اراضيهم وان هناك اراضٍ متنازع عليها متناسين انه لا توجد حدود بين الاماكن التي يسكنها الاكراد والمناطق التي يسكنها غير الاكراد عبر التاريخ كله ؟ فمن اين جاءت الاراضي المتنازع عليها في العراق ؟

محنة العراق لن تزول والعراق لن يبقى موحداً اذا ظل من بيده الامر في العراق يتصرف بعقلية طائفية او عنصرية ….فأما ان يلتزم ساسة العراق بعراقيتهم فوق كل اعتبار أو يتركوا مهنة السياسة ويعودوا الى مهنهم التي كانوا يمارسونها قبل الاحتلال .

كل مقومات الدولة الحديثة متوفرة في العراق أكثر من كل الدول في المنطقة كسوريا ولبنان والاردن واسرائيل بل وحتى ايران , الا ان موقعه الستراتيجي وثرواته المستثمرة وغير المستثمرة جعلت منه هدفاً لاطماع دول اقليمية وغير اقليمية , والقول ان بريطانيا هي التي خلقت العراق هو قول مردود لأن العراق بحدوده الحالية تقريباً كان موجوداً ضمن الدولة العثمانية منذ مئات السنين . تقسيم العراق بدعة اجنبية اطلقتها جهات ودول تفتقر الى ما يملكه العراق من طاقات في كافة المجالات , والحل بيد العراقيين وليس المتعرقين .