20 ديسمبر، 2024 5:32 م

السيستاني فجر الشِيعة

السيستاني فجر الشِيعة

للمرّةِ الثانيةِ على التوالي وخلالَ سنةٍ واحدة، استَطاعَ رجلٌ واحد دون سلاحٍ ولا صراخٍ، بلا تهديد ولا وعيد، أن يَقلِبَ الطاولةَ مرّتين، ويغيّرَ المُعادلةَ الخَبيثَةَ التي اجتَهدَ فيها عددٌ مِنَ الذين باعوا الضَمائِرَ وقرّروا أن يكونوا  ذيولاً لذئابٍ تَنهشُ لحمَ إخوتهم، نعم.. بِكَلمتين أفشلَ كُلَّ المُخطّطات والمَساعي للنيلِ من أرضِ العراقِ وشعبه، وأحرجَ الكَثيرَ من الدولِ العُظمى التي طالما تَبَجَّحت بسيادتها وسياستها، وادّعت أنّها صاحبةُ القرارِ في العالمِ والمنطقة.

فها هي داعش، مع كُلِّ الدّعْمِ الدولي انهارت أمامَ فتوى الجهادِ الكفائي، وسياسيّو العراق الأنذال (مع كُلّ الاحترام للبَعضِ منهم) يُصوّتونَ بالإجماعِ على ورقةِ الإصلاح والاستجابةِ لمطالبِ الشعب دون قيدٍ أو شرط، دون نقاشٍ أو مجادلةٍ كما كانوا خلالَ سنينَ خلت، فأينَ مبادئُكم التي طالما نَعقتم بها على شاشات التلفاز يا عبدةَ السلطة.

نعم، اليوم وبِكُلِّ فخرٍ أقول: إنّه السيستاني فَجرُ الشيعة والمدافع عنهم، هذا الرَجل وصَفَهُ البَعض بالـ”صامت” الذي لا يحرّكُ ساكناً، وعلى مدى عقدٍ من الزمن نعقَ الناعقون خَلفه، واتَّهموهُ بالعمالةِ -والعياذُ بالله- وإلى آخرِ التَصريحاتِ التي يذكرها العراقيّون جميعاً ولازالَ البعضُ يتطاولُ بها.

 ولكن من حقّي الآن أن أسألَ ضمائركم إنْ كانت حيّةً -أقطع يقيناً أنّها ماتت منذ زمن- ماذا جَنَينا من كلامكم خلالَ تِلكَ السنين؟ ماذا جَلَتْ وعودكم، تهديداتهم، وقراراتكم؟ ماذا جَلبتم للعراقِ غَيرَ الويلاتِ وحَفنَةً من السرّاقِ جَثَموا على أجساد المساكين؟، سأتظاهر يوم الجمعةِ وسأُضيفُ مَطلباً لمطالبي، أن يُخصّصَ مبلغٌ من الميزانية نشتري به قطناً لتَنظيفِ آذانكم، وعلب دواءٍ لعيونكم، علّكم تتعلّمون متى وكيفَ يكونُ الكلام.

هل أقدّمُ برهاناً على إنّ الصمتَ في زمنِ الثرثرةِ أرقى شِيم الأخلاق، وأنّ خيرَ الكلام ما قلّ ودلَّ، والرجال تُقاس بالأفعال لا الأقوال، نعم أقدّمُ وبثقة مطلقة، حينَ تكلّمَ هذا الرجلُ الصامت قَلَبَ الموازين كلّها ليس في العراقِ فحسب بل في المنطقة بأسرها، أعادَ، نعم أعادَ للعراقيين هَيبتهم، عِزّتهم، كَرامتهم، شُموخهم، حَفِظَ وجودهم بعد أن تاجرَ به البعض بأبخسِ الأثمان.

بِكلمتين جعلَ الشمسَ تُشرقُ من جديد في سماءِ الحرية، وكسرَ طوقَ الخوف في نفوسِ الفقراء، فلم يعودوا يخشون شيئاً مادام “السيستاني” خلفَهم، قائدُهم، ناصِحُهم، مُريدُ الخيرِ لهم.

وأنتَ أيّها القابعُ في كرسيّ السياسية لَم يَعد هذا الشعبُ يخافك، أنتَ الخاسر، فقد حييتَ على حرمانه من ضوءِ الحياة فاغرق اليوم في عتمةِ ظلمتك، أنت الخائفُ لا أنا، “أنا الشعب” أنا لي مرجعي، لي حلمي، ولي وطني، وأنت لك البروج والقصور والبنادق المصوّبة نحو فقيرٍ يبحثُ عن لقمةِ عيشٍ، خذ كلّ امتيازاتك الباطلة وسنرى من سينتصر.

لن أخافكَ بعدَ اليوم سأنعسُ حتى أنامَ نومةً ذاتَ ملمسٍ حريري، بَعدَ اليوم أنتَ لك السهرُ والقلق، ستخاف حتى من النعاس الذي قَد يَخطفُ بندقيّتك من حجرك قبل أن يرتدّ إليك طرفك.

أشرقَ فجري من نجفٍ أغرّ، فآمنتُ بالأمل والنضال حتى بلوغِ الحلم، وأنت كما أنت، اقبع وامتهن السرقةَ حتى التخمة لتفوح منك تلك الروائح النتنة حين تتعفّنُ في مزبلة التأريخ.

لي حقٌ أن أبتسم، فقد نودي لخير العمل، وحان وقتُ القصاص، لن أقولَ إنّ النداء تأخّر، لا وألف لا، بل هي حكمةُ قائدي تركَ الوقتَ حَكَماً بيننا، حتى أميزَ مَنْ منكم نهش بجسدي أكثر، مَنْ منكم سرقَ الضحكةَ من أفواهِ أطفالي ومَنْ منكم أنزلَ دمعتهم، فاليوم كلُّ شيءٍ بحسبان.

سأتظاهر سأتفاخر سأقاتل سأضحي سأكون طوع أمر مرجعي، حتى أستعيدَ كُلَّ حقوقي.

وأنت يالبجاحتك تقول إن طالبتُ بحقّي إنّي أريد أن أغيّرَ نظامَ الحكمِ من الديني إلى اللاديني، بربّك يا هذا أينَ الدينُ في حكمكم؟ أنسيت أنّك تمشي مسرعاً في شارعك الذي سرقته من سارقٍ سبقك في الحكم؟ لتُحرق السعرات الزائدة التي خلّفها سندويش “الشاورما” أو لوح الشكولاتة فقط!!! أنسيت الليالي الحُمر وكؤوس الخمر التي ملئت بدماءِ الأبرياء؟ آه يا هذا هَل تعلم إنّ الدهنَ والسُكر الزائد في الدم عندك هما حلمُ الفقير في  استعادة عافيةِ الحياة؟ ماذا أتذكّر بالله عليك أنسيت أنّك تهرب من حرّ الصيف لتتنزّه في شارعٍ من شوارع لندن أو بيروت؟ فيما يقضي هذا الإصبع البنفسجي وقته حافٍ عارٍ على رصيفٍ لا يتّسع لإخوته التسع.

لن أطيل فاليوم وغداً يا بن هند..

أحدث المقالات

أحدث المقالات