23 ديسمبر، 2024 6:28 ص

السيستاني .. رئيس وزراء العراق

السيستاني .. رئيس وزراء العراق

بعد مضي عشر سنوات على سقوط نظام باغي في لعراق، استبشر العراقيون بالديمقراطية، وإعادة الحقوق المسلوبة، والعيش برفاهية، وإستثمار العقول النيرة، لبناء بلدهم كما يبتغون بلا تسلط او إقصاء.

ومع إعلان الدستور العراقي، وبيان إنَ نظام حكومته سيكون برلمانيا، ودع العراقيون سنون الظلم والاضطهاد.

نظام برلماني، يجمع ممثلوا الشعب المنتخبون من قبله، ليكونوا اللبنة الأساس لتشكيل حكومة ديمقراطية، ولكن؛ لم نرَ أي شيءٍ مما ذكر، فقد وضعوا دستوراً ببرواز كبير، جعلوا منه منجزاً تأريخيا، لكنهم لم يمتثلوا له، فكلما وجدوا إنَ قوانين الدستور تعترض مصالحهم الشخصية، أصدروا استثناءً، وتباينوا فيما بينهم وفق نظام محاصصة داخلي، ليوزعوا النسب، ويمرر القانون ليس بما ينص الدستور، وإنما بما تشتهي أنفسهم.

تشكلت الحكومة الأولى، برئاسة لم نر منها أي شيء، فلسفة فقط، وكأن العراق كان ينتظر بناء مكاتب، ودور طباعة ونشر، لم تستمر سوى ستة أشهر، فتغيرت، ظناً منا إننا من غيرها وفق ما نبتغي، فقلنا أتى المنقذ، ليبسط بيديه العدل، وينقلنا الى بر هواء نقي، ننعم بما يمتلكه العراق من خيرات، وخابت الظنون! فالمنقذ نسي انه منتخب من قبل ثلثي الشعب العراقي، وانتهج الاستغلال البشع لموارد البلد بمختلف الوسائل، سرقةً المال العام والخاص، الاستيلاء على مقاليد الحكم، التحكم بمصائر الناس وأرزاقهم، تهميش الآخر، إقصاء من مسك أمنْ العراق بقبضة من حديد، بحجة إنهُ أخفق! مؤكد؛ فهم يريدون من هذه القوى أنْ تفعل ما تشاء دون تقييد بقانون.

وعندما حان موعد تغيير الحكومة، قررنا دعم من نراه لن يعيد النظام البعثي الباغي، وفاز بأصواتنا ، ليقصي منافسه بمراوغة صغيرة، ويتربع عرش الولاية الثانية له، ويعود الى إكمال ما بدأه ولكن بخطط جديدة، وهي زج كل ما يمتلكه من تنظيمات كوَنها خلال الدورة الأولى؛ في مؤسسات الدولة، واعتماد مقرات التنظيم، كمؤسسات حكومية، إرتباطها شخصيٌ به، وجعل أغلب متملقيه، ممن لا يحملون ألكفاءة والإمكانية، ولا يمتلكون شهادات دراسية تؤهلهم، في مناصب حساسة جداً، يعتمد عليها بناء العراق، إضافة الى إنه إحتكر الوزارات بالوكالة، وأقصى الكتل السياسية ألتي كانت تساعده، ليبقى ألرجل الأوحد، ويعيد إحياء مبدأ “اذا قال الرئيس قال العراق”، سيما بعد إعادته البعثيين القدامى في كل مؤسسات ألدولة، بحجة إنهم مغرر بهم، أو؛ لم تتلطخ أيديهم بدماء العراقيين.

وحانت نهاية ألمطاف بالنسبة للوالي ومن والاه، عندما صدحت نداءات المرجعية بالتغيير، قرر العراق الإمتثال لرؤيا المرجعية، وتغيير من لم يجلب له سوى الدمار والإرهاب، لكنه؛ لن يتركها إلا تراباً، فمن غير المعقول أن يترك العيش الرغيد، ومكانته التي كفلت له أنْ يكون الآمر والناهي في كل شيء، ليهدد آمنْ البلاد، ويستغل العقول البسيطة، ألتي تظن إنَ وجوده يبعد خطر الإرهاب، وكأن العراق يخلوا من رجالات الدولة بعده، وعندما قرر البرلمان العودة إلى الدستور ألذي حدد المناصب السيادية بدورتين؛ إلتف على ألقانون كعادته، وإستثنى نفسه، ولكن؛ ما أغاض الجميع؛ هو فرض نفسه كمرشح أوحد للمنصب، وتصريحاته ألتهجمية المبدوءة بـ”أنا الأكبر” في كل شيءْ، سيما بعد تزويره لنتائج تصويت الإنتخابات، بحسب قول المقربين منه، هذا الأمر بحد ذاته خيانة كبرى للشعب العراقي، فهو لم يعطِ الحق لأحد بأن يكون كفيل عنه بالتصويت.

 بعد أنْ غادرنا مرحلة ألتشبث بالمناصب، نجد إنهُ على رئيس الوزراء ألجديد، ألذي سيتم ترشيحه من قبل التحالف الوطني، بحسب توافر شروط تسنم المنصب فيه، ويحظى بمقبولية جميع ألفرقاء السياسيين، يجب أنْ يتحلى بكافة الصفات التي حثت عليها ألمرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف، ويكون التحالف الوطني هو خياره ألدائم، ولا ينقلب عليه، كما حصل في ألسابق، أما البرلمان الذي يمنحه الشرعية؛ فيكون سنداً للسلطة ألتنفيذية ألتي سيرأسها.

نجاح رئيس الوزراء الجديد، في المهمة الموكلة إليه، يرتبط بجعل ألمرجعية ألرشيدة ذراعه الأيمن، ولا يعصيها أو ينقلب عليها، فهي صمام الأمان للعالم أجمع، وجعل البرلمان ساعده الأيسر.