23 ديسمبر، 2024 11:06 ص

السيد وزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي المحترم

السيد وزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي المحترم

لا ادري ان كان السيد وزير الدفاع قائد حرب الانبار يتذكر ايام صباه في مدينة الرمادي ، فالمنطقة التي كان يقطن فيها ايام الابتدائية والمتوسطة والاعدادية قد تحولت الى أشباح ، أم ما زالت سيناريوهات حربه قد أنسته مصير اهله وربعه ، حتى شن عليهم كل هذه الحرب، ليثبت لهم انه بطل معركة الانبار الجديدة التي شنتها الحكومة على أهل الانبار لأنهم عرب اقحاح، ويبدو فيها السيد وزير الدفاع في كامل القناعة بأن محنة أهله في الانبار التي حول كل احياءها الى أشباح قد تغفر له صولاته هذه ، التي أدمت قلوبهم واسكنت الاحزان افئدتهم وهم في أشد محنة تعرضوا لها ، يوم اتخذ من محافظته ساحة للمواجهة مع شعب الانبار، ولا أدري ماذا سيقول لربه غدا، يوم يأتي الحساب، ويقف الاف الضحايا والثكالى ومن ألمت بهم محن الحياة في ديار الغربة، ماذا سيقول لربه، عن كل مافعله بأهل الانبار، اهكذا يكون جزاء الوفاء للاهل بهذه الطريقة لمجرد ان اغرته المناصب ، بأن في الامكان ان ينسى الانسان تاريخه واين كان يعيش؟
واود ان اذكر الدكتور سعدون الدليمي بان منطقته التي كان يعيش فيها في الخمسينات والستينات، يوم لم يملك أهله فيها سوى كراج غسل وتشحيم للوريات، وهي عبارة عن صبة كونكريت، كل ما يملكه والده ( جوير ) ، انذاك ويعمل الاخ سعدون عامل غسل وتشحيم في صبة والده التي كانت في منطقة الروسيين في اطراف غربي الرمادي قرب جسر الرمادي وانا أمر من قربها كل يوم على دراجتي الهوائية ، إذ اقطع بها كل يوم عشرة كيلو مترات يوميا من منطقة الجزيرة التي تعيش الان حالة رعب فريدة من نوعها ، للوصول الى مدرستي المتوسطة والاعدادية في مدينة الرمادي، اذ لم تكن هناك مدارس متوسطة الا في مدينة الرمادي وحدها.
لا ادري ان كان السيد وزير الدفاع يتذكر اعدادية الرمادي ومن ثم اعدادية فلسطين التي قضينا فيها ثلاث سنوات في الرمادي انها قد تحولت الى اشباح  خاوية بسبب القصف المدفعي اليومي على مدن الرمادي.
اجل لقد تحولت احياء الحوز والملعب وشارع عشرين والتأميم واحياء اخرى منها منطقة كراجكم السابق الى اشباح يا وزير الدفاع، وراح مئات الالاف من اهالي الرمادي يعيشون في محافظات اخرى لاتتوفر فيها ابسط اشكال السكن الادمي، وراح منهم عشرات الشهداء والجرحى في حربك ضدهم، ولم تتذكر على الاقل موقع صبة الغسل والتشحيم التي عشت صباها والان تحولت الى اشباح، غادرتها حتى الطيور من اجل اشباع نهمك للحرب ولطبولها ، لمجرد ان يقال ان من يقود المعركة مع شعبه هو انت، بطل لعبة مواجهة الارهاب.. ومن هو الارهابي، انهم اهل الانبار ومضايفهم ودواينهم التي قصفتها الطائرات وبأمر منكم، اكراما لمكانة شيوخ الانبار ، الذين فتكت بهم الاقدار وحولت محافظتهم الى معالم خراب ودمار ستظل الاجيال تذكرها على انها من أسوا الحروب وحشية وقسوة ودمارا وخراب بيوت.
ثم انتتقلنا انا والاخ سعدون سوية الى جامعة بغداد في منتصف السبعينات ومن هناك قضينا سوية نفس الكلية ولا نبتعد عن بعضنا سوى امتار قليلة، يوم كان في قسم الاجتماع في زمن الدكتورة فوزية العطية اطال الله في عمرها، وانا في قسم الصحافة بكلية الاداب أيام استاذ الفلسفة الدكتور حازم طالب مشتاق، وما ان تخرجنا حتى ابتعدنا ولم نر بعضنا البعض، واعتقد انك تقرأ الان كتاباتي في مواقع وصحف وتعرف ماذا أكتب عن قصة اهلنا المأساوية في الانبار، وناشدتك اكثر من مرة ان تتذكر اهلك في الانبار، وان تبعد عنهم شبح هذه الحرب غير المبررة، فمبرر داعش اصبح ورقة محترقة لم يعد يصدقها أي طفل ليس في الانبار بل في العراق والعالم كله، وهي اسطوانة مشروخة، وكان الاجدر بك وانت في هذا المنصب الرفيع الذي كان يتمنى اهل الانبار ان يكون موقعا لرفعتهم لا ان تضعهم في المهالك والليالي الحالكات، وتحول بسمة اطفالهم وشيوخهم وكبار السن ونساء الانبار الشريفات الطاهرات الى ان يضطرن ان يسكن في منازل واماكن لاتليق حتى بالحيوانات او يقبل بها عاقل ان يصل مصير شعبه الى هذا الحد من النزوح بالملايين ويتشرد اهل الانبار في العراء، وفي أشد ايام عذابهم ومرارتهم، وهم يصبون اللعنات على من تسبب بأن يوصلهم الى هذا المصير الذي لايستحقونه ابدا، فاهل الانبار لايليق بهم وهم اهل الدنيا ورفعة رأسها ان يعاملوا بهذه الطريقة المهينة التي عاملتهم بها، واوصلتهم الى هذه المصير الذي لايحسد عليه.
اهل الانبار سمعوا في كتب التاريخ عن هولاكو والمغول والتتار، وها هم يعيشون للأسف نفس اهل الانبار سمعوا في كتب التاريخ عن هولاكو والمغول والتتار، وها هم يعيشون للأسف نفس الفترة التي لم يسمعون عنها الا انه قرأوها في كتب التاريخ يوم غزا المغول العراق، أي ان ما حل بأهل الانبار لم يمر عليهم منذ قرون، سيادة الوزير، وليس عقود، وها هم يعيشون نفس عهود هولاكو والتتار والمغول، ايسرك هذا ان يقول عنك التاريخ هكذا يوم كنت قائد حرب الارهاب عليهم، وبدلا من ان تعينهم على جور الزمان، كنت وان والزمان، عليهم، ولا مخرج قريب يلوح في الافق، لأن المعركة التي اشتعل لهيبها، لن تجد سبيلا لاطفائها في وقت قريب، وان من يشعل نيران الحروب يجد من الصعوبة بمكان البحث عن سبل لاطفاء نيرانها، وانت الان يبدو في نزهة، تعتقد ان مسرح العمليات ما زال بامكانه ان يقضي على اخر بشر قطن ارض الانبار، لا ادري ان كنت ترتضي لاهلك ان يعيشوا هكذا مصير ، لمجرد الرغبة في إشباع نهمك الى البطولة الموهومة، أم كيف يكون بامكانك ان توقف مسرحية حربك المشؤومة هذه، وانا اشاركك الرؤية بأنه ليس في مقدورك ان تصل الى قرار ايقاف الحرب، لانه ليس بيدك أصلا، وكان عليك تقديم الاستقالة ان اردت ان يشفع لك أهل الانبار بقية ثورة غضبهم، علك تنجو من حساب الدنيا، اما حساب الاخرة فلا ادري كيف ستقف امام رب السموات والارض، لتدافع عما ارتكبته من فضائع، في الانبار، لم يشهدها اهل الانبار على مدى قرون.
القرار صعب عندك بعد ما أذقت أهل الانبار مر الهوان ، وانا اعطيك الحق في انك ليس بمقدورك ان تعود عن قرار الحرب الا منتصرا على اهلك في الانبار، لكن هذا الحلم سيبقى أبعد اليك من منال الشمس، وستبقى الانبار ويعود اهلها الطيبون الكرام بعد ايام  ، بعد ان ينتهي عرس حربك ، لكنهم لن يذكروك الا بما لايسر الخواطر، لأنك كنت جزءا من خراب بيوتهم وانتهاك كرامتهم وقد مرغت كبارهم واطفالهم ونساءهم في محن الذل والهوان، لكنهم سيعودون مع هذا مرفوعي الرأس لانهم اهل قيم وكرامة واباء وكرم، أما انت فسيتركونك للتاريخ هو من سيقول كلمته بحقك ، والله من وراء القصد.