وجدتها، وجدتها هذا ماصرخ به العالم اليوناني أرخميدس وهو يكتشف “أن حجم الماء المزاح يساوي حجم الجسم المغمور” وهو ما أسس لقانون طفو الاجسام في الماء.
وكذلك (وجد) السيد المالكي، الآن إن حجم الوطن المزاح يساوي ماتبقى مغمورا منه، وهو ما أسس لقانون طفو العراقي في وحل (الديمقطائفية) الجديدة.
وجاء هذا الاكتشاف في خطاب السيد نوري المالكي نائب رئيس الجمهورية في مجلس النواب بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي، وكما إقتطفت بعض القنوات فقرات منه:
(حمل نائب الرئيس العراقي نوري المالكي، السياسيين، مسؤولية الخلاف الطائفي الذي يشهده العراق، مشيرا إلى أن الطبقة السياسية أساءت للدين الإسلامي. وقال في احتفال في مجلس النواب الأحد بمناسبة المولد النبوي الأحد، ألا مشكلة بين السنة والشيعة كمجتمعات، موضحا أن السياسيين في البلاد هم من يفكر بسنة وشيعة، و”نجر الناس إلى هذه المهلكة”، حسب تعبيره.
وشدد المالكي، في كلمته على الحاجة إلى مراجعة ما جني من الفكر المتطرف والفرقة الطائفية بين أبرز مكونين في المجتمع العراقي، حسب قوله. وتابع “أقول لكم بصراحة مؤلمة، لقد اسأنا للإسلام كثيرا، وأسأنا لرسالة محمد كثيرا، وأسأنا للقرآن كثيرا”.)
والسؤال الذي يطرح نفسه، هل ماقاله المالكي هو إكتشاف جديد؟ ومن الذي قاد العراق الى هذه الحالة المؤلمة؟ ألم يكن العام 2009 بداية لإزدهار دولة القانون وقمع الفتنة الطائفية والذي زرع أملا جديدا لدى العراقيين مما منح المالكي ولاية ثانية؟ فكيف حدث وإن تأججت الفتنة الطائفية، لا بين الشعب الذي سأمها وإكتشف المؤامرة من وراءها، وإنما بين السياسيين الذين قادتهم أحقادهم وأطماعهم الى تقطيع أوصال البلد وبيعه بالتجزئة لبلاد أجنبية وعربية؟
جرت العادة في كل بلدان العالم المتقدم والمتأخر أن تتم محاسبة القائد على الإنهيار الذي يحدث في الوضع العسكري أو الأمني أو حتى الإجتماعي، كذلك هو قانون الدين الاسلامي الذي عبر عن ذلك في حديث الرسول الكريم )كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، وكان المالكي راع للبلد لأربع سنوات مضت (اذا مااستثنينا الأربعة التي قبلها والتي رافقت الفتنة الطائفية)، حيث وصل فيها البلد الى قمة الانحدار في جميع الجوانب: السياسية والعسكرية والامنية والاقتصادية بل وحتى الإجتماعية والثقافية.
ويأتي المالكي اليوم ليتهم السياسيون، يتهم من وهو الذي كان يتزعم الكتلة الأكبر، وهو الذي زرع الفرقة وعجز عن إستقطاب الاطراف المتناحرة؟
قد يقول البعض بأن هناك أطراف عملت ضد المالكي خلال فترة حكمه وإن الطرف الآخر كان يطمع بإقليم المناطق الغربية.. وو. كل هذا ممكن ولكن لماذا سمي السياسي سياسيا إذا كان عاجز عن التعاطي مع الآخرين. لم يعرف المالكي خلال فترة حكمه لغة غير لغة التهديد والوعيد وتسليم مقاليد الحكم والمال بأيدي المقربين الذين نهبوا أموال الدولة فانقلبت أحوال الموازنة من انفجارية الى تقشفية.
وإن كان في خطاب السيد المالكي إعتراف بجر الناس الى التهلكة والإساءة للاسلام والقرآن، فالاعتراف بالخطأ فضيلة، ولكن هل يقصد المالكي نفسه بهذا الاعتراف أم إنه يتهم الآخرين وينزه نفسه عن الخطأ؟
لاأظن إن هناك بينكم –معشر السياسيين- من هو منزه عن الخطأ سنيا كان أم شيعيا، عربيا أم كرديا، وزيرا أم برلمانيا، سياسيا أم عسكريا، بل وقد تمتد السلسلة الى بعض رجال القضاء والمدراء العامين ورجال الشرطة والأمن. فكل من إمتلك سلطة خلال الاعوام الماضية لم يستعمل منها الا ماكان لخدمته ومصلحته متناسيا الشعب. فكان إن تناسلت الأحزاب والميليشيات والحمايات والعصابات فكانت النتيجة تمزيق البلد وإضاعة ثلث أراضيه وتشريد ملايين من مواطنيه وقتل آلاف وإعاقة آلاف وتهجير آلاف وترمل آلاف النساء، وكل هذا لأن السادة السياسيين إختلفوا فيما بينهم وعمت أحقادهم الطائفية أعينهم. علاوة على ذلك ماذكره السيد المالكي من إساءة للدين والقرآن وكل تعاليم الإسلام التي تبنتها أحزاب حكمت بإسم الاسلام وقتلت وظلمت ونهبت وسرقت بإسم الإسلام حتى سارعت جميعها الى التخفي بأي إسم في الانتخابات شرط أن لايكون له علاقة بالإسلام، لأنهم أدركوا تماما إن الناس كرهت كل ماله علاقة ب(إسلامهم) الذي فصّلوه على قياسهم وليس على مقاييس الكتاب والشريعة.
فهل يعتبر هذا مجرد خطأ يمكن التكفير عنه بإعتراف أو حتى بإعتذار؟ وهل يعتبر إكتشاف جديد بالنسبة للسيد المالكي، وهو الحديث الذي طالما دار بين البسطاء وغير البسطاء، والذي كان مادة للعديد من المقالات سواءا في الصحف أو المواقع الالكترونية؟