الجميع يعلم أن العراق يعيش ظروفاً أمنية وسياسية قاسية خصوصاً في السنوات العشر الأخيرة ، وعند دخول دبابات الشر الأمريكي أرضه حتى يومنا هذا يعيش العراق وشعبه الشدائد والمحن والصعاب .. حتى أصبح العراق لا تضاهيه أي دولة وقع عليها الظلم وشعبه لا يدانيه أي شعب في الكوارث والمجازر البشرية التي إرتكبتها وما زالت ترتكبها الجماعات الوحشية من بني البشر !! وبلا شك ان هذه الكوارث والمنعطفات الخطيرة جميعها من صنع مخابرات دولة الإستكبار العالمي أمريكا وحلفائها .. فإن أمريكا بعد إنكسار شوكتها في العراق وإعطاب دباباتها وسقوط مروحياتها على يد الشرفاء الأحرار من أبناء المقاومة الوطنية خرجت من العراق مذعورة موصومة بالهزيمة والعار وهذا مالم يتوقعه قائد الشر الأمريكي والدول الإستعمارية الغاشمة .. حيث كانت أمريكا تعقد الآمال وتعيش الأحلام على بقاء هيمنتها على العالم من خلال إطالة امد احتلالها للعراق وبناء قواعد رصينة في أرض الرافدين ، لكنّهم خسئوا و خابت آمالهم وفسدت أحلامهم بعد أن تفاجئـوا بالمقاومة المدهشة على حـد تعبير وزيـر دفاعهم في ذلك الوقت وبالتحديد في عام 2004 حيث صرّح وزير دفاع الخبث الأمريكي ” بـاول ” أن قـوات التحالف واجهت مقاومة مدهشة ، وجاء تصريح باول عقب المواجهة الصدرية أو مايعرف (بالإنتفاضة المهدوية) التي ضربت الأمريكان وأذاقتهم الويل والثبور بقيادة الفتى الشجاع ( مقتدى الصدر ) ذلك الضرغام الذي أطل علينا كـ صدر ثالث ، أضاء لنا الطرقات القاتمة ، وشـق لنا طـريق الـحرية ، وأوسمنا وسام الكرامة ، وأفاض علينا حب الدين والوطن ، ليكمل ما بدأ به الشهيدان الـصدران العظيمان في مواجهة الظلم والتحديات ..
أنا لست بصدد تقييم العائلة الصدرية وعطائها الزاخر بالعلم والشجاعة والجهاد والصمود وعدم المساومة على الثوابت الوطنية أمام كل مايحدث من تعسفات وانحرافات سواء كانت من خارج العراق أو من داخله ، فأنا أصغر ممن يتحدث عن هذه العائلة المجاهدة وعن مخزونها العلمي والمعرفي فضلاً عن مسيرتهم الجهادية ومواقفهم الوطنية ، فقد أبدع الكثير من الكتّاب والأساتذة والباحثين وأصحاب الفضيلة والسماحة بتقييم و وصف ” البيت الصدري ” وقد كتب الكثير منهم وألّف بعضهم كتباً تحمل تلك المضامين .. مثل الكاتب الكبير ” عادل رؤوف ” صاحب كتاب ( السيد محمد باقر الصدر ” بين دكتاتوريتين ” وكتاب آخر له إسمه ” السيد محمد الصدر مرجعية الميدان ” بالإضافة الى كتاب : ” عراق بلا قيادة ” وكذلك هنالك كتاب في هذا الخصوص للكاتب فائق الشيخ علي حمل عنواناً جميلاً عن حركة شهيدنا الصدر الثاني ” قدس ” بعد اغتياله على يد العفالقة المجرمين وجلاوزة حزب العبث ، أصدر كتاباً بعد اغتيال الصدر حمل عنوان : ” إغتيال شعب ” وهناك كتاب إسمه : ” الشاهد والشهيد للكاتب : مختار الأسدي ) والعديد من الكتب لايسع المجال لذكرها قد أبدع فيها الكتّاب والتي تناولت المسيرة العلمية والعملية والجهادية للعائلة الصدرية المباركة .
وما أريد طرحه هنا هو ماجاء في بيان الصدر القائد حول تجميد نشاطات ” سرايا السلام و لواء اليوم الموعود .. أقول :
إن سماحته كان حاضراً في كل مجريات الأحداث التي طرأت على البلاد والعباد وقد كان فاحصاً لكثير من الأحداث ومتنبئاً بها قبل وقوعها منذ احتلال العراق كما اسلفت حتى هذه اللحظة وكم حذرنا ونبهنا من دق نواقيس الخطر المحدقة بعراقنا وشعبنا وها هي اليوم تعصف بعراقنا بين الحين والآخر ، كان آخرها الهجمة البربرية ” داعش ” لكن تصرفات وتعنّتات بعض مسؤولي الدولة وأصحاب القرار السياسي لم يسمعوا ولم يرعوا ولم يأخذوا بنصائح الصدر التي كان يترجمها عبر خطاباته وبياناته الوضاءة والتي كانت تحمل نقاطاً إنقاذية للوضعين ( السياسي و الأمني ) مما تكون لها ابعاد وانعكاسات إيجابية على الوضع الإجتماعي والسلم الأهلي ..
اليوم نشهد حالة جديدة وخبيثة ينتهجها المجرمون وهي حالة الخطف التي تستهدف مسؤولي الدولة ونواب البرلمان ، فبعد ان تم اختطاف النائب زيد الجنابي وعمه الشيخ قاسم وقيام المجرمين بقتل الثاني أعقبتها محاولة بائت بالفشل من إختطاف النائبة ناهدة الدايني و عمر الحميري محافظ ديالى السابق .. ولو لا تدخل وزارة الداخلية في هذا الأمر لكان المجرمون قد تمكنوا من فعلتهم الشيطانية ..
في خضم هذه التداعيات الخطيرة ، بادر السيد مقتدى الصدر بتجميد نشاطات سرايا السلام + لواء اليوم الموعود ـ على الرغم من شهادة الجميع بنزاهة و وطنية وحرص وأمانة الصدريين – لإثبات حسن النية وتفويت الفرصة على المليشياويين الطائفيين الذين ينفذون الإملاءات والأوامر القادمة من وراء الحدود ، و أود هنا التنويه الى بعض كلمات السيد مقتدى الصدر ” أعزه الله ” حيث قال : ( إذا أردتم أمن العراق .. فإيايَ فاسمعونِ ) وقال : ( لا يخاف الشعب العراقي مادام آنا موجود ) وقال مخاطباً الشعب : ( لو يثق الشعب العراقي بي ) ولذلك سمعناه يكرر في بيانه الأخير هذه العبارة ( ألم أقل لكم .. ألم أقل لكم .. ويقصد سماحته أنه طالما كان ينبّه الجميع ويتنبأ بالأخطار المحدقة ولم يك منهم الّا الأذن الصمّاء !!!
أخيراً أقول :
أن كل تحركات الصدر القائد نابعة من روح عالية يملؤها الشعور التام بالمسؤولية الدينية والوطنية ، مطبّقاً بذلك قول النبي ” صلى الله عليه وآله ” : ( كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤولٌ عن رعيته )
وفي الختام أقول :
الى متى يبقى الشعب العراقي وبالأخص شيعة العراق معرضاً عن هذه القيادة التي لا همّ لها الّا مصلحة الشعب الدينية والدنيوية .. وكأنهم أصبحوا مصداقاً لقوله تعالى : ( ياحسرةً على العباد مايأتيهم من رسول الّا كانوا به يستهزئون * ) .
اللهم احفظ العراق وشعبه ورجاله المخلصين وانصرهم على القوم الظالمين .