22 ديسمبر، 2024 10:49 ص

السيد مقتدى الصدر .. سكوته نطق

السيد مقتدى الصدر .. سكوته نطق

ترك السياسة ، ولكن السياسة لم تتركة ، ان نطق قلب الموازين ، وان سكت حير العقول .
هذه حقية لست مبالغا بها ، وجل المتابعين للمشهد السياسي في العراق يعرف هذه الحقيقة مما جعلة رقم صعب لايمكن تهميشه او تجاوزه .
في ادبيات العمل السياسي ان الخصوم تنتشي فرحا ان اعتزل خصما قويا من الساحة ليتسيدوها .
الا ان واقع الحال مع مقتدى الصدر حتى وان اعتزل لايفرح ويرضى بذلك الجميع وتحديدا الخصوم كي لاتقلب الطاولة عليهم ويتم تعريتهم وكشف فضائحهم ، فأن مقتدى الصدر ظاهرة سياسية قيادية ورمزا دينيا وطنيا عراقيا لابد من ان تدرس وتدرس .
لذا هل يمكن تفسير وقراءه هذا السكوت ؟ وهل هو نهج متبع ! ام ستراتيجية اتخذها السيد مقتدى الصدر ؟
هذا الصمت والسكوت هو نتيجة . اذا فما مقدماتها ؟
مما يتفق عليه عند المناطقة واهل المنطق ان لكل نتيجة مقدمة وتكون النتائج ثابته بالسلب او الايجاب لزاما بمقدماتها .
وبقراءه هذا السكوت هل هو ايجابي ام سلبي ، جوابة سيكون تبعا لبيان المقدمات التي ادت بالسيد مقتدى الصدر ان يتخذ طوعا هذا الموقف حينها يتضح الجواب للسؤال .
المقدمة الاولى :- دأب السيد مقتدى الصدر لترسيخ مشروع سياسي اصلاحي في العراق من اجل خدمة الشعب بكل اطيافة ومكوناته بعيدا عن الفئوية والمحاصصة الحزبية .
المقدمة الثاني :- لم يدخر جهدا من اجل اشاعة روح الوطنية و تثبيت الهوية العراقية المغيبة التي طمست معالمها جراء السياسات المتعاقبة بدأ من حكم البعث المقبور الى حكومات التوافق الكسب الشخصي ، واراد من الشعب ان يعي حقيقة الامر ويعرف ان وطنه وهويته هي اولا .
المقدمة الثالثة :- تجسد القول بالفعل ، نتيجة الثلث المعطل للمشروع الاصلاحي سحب كتلته الفائزة الاولى والكبرى في البرلمان وافساح المجال للخصم بأن يشكل الحكومة بشرطها وشروطها وفق برنامج الاغلبية السياسية بعيدا عن المحاصصة وتقاسم غنائم سلطة الحكومة ، و فسح المجال امام من تحالف معهم بحرية الاختيار من مشاركة الخصوم دون اعتراض .
المقدمة الرابعة :- كشف النقاب والمستور للخصوم بأنهم لايملكون القرار الداخلي ، فأن الخصوم يسيرون وفق اجندات تفرض عليهم من خارج الحدود .
المقدمة الخامسة :- بادر هو اولا برفع شعار وطبقه بأن قرار العراق لاشرقي ولاغربي بل انه قرار وطني ، وطالما دعى الشعب بأن يكون ولائه عراقيا بحت لا مذهبيا ولاطائفيا ولا قوميا .

هذه المقدمات تعتبر اجابة للسؤال الذي دفع مقتدى الصدر من اتخاذ جانب الصمت والسكوت ، وهي في الاساس اي المقدمات تعد منهاجها ومشروعه الذي طالما دعى له و يريد ترسيخة وتثبيته في المجتمع العراقي من اجل كسر ما تم التوافق بتقاسم الحكومة الذي ثبت دعائمة واسس بنيانه سلطة الاحتلال البغيض .
ونتيجة عدم تحقق مطلب المقدمات اتخذ الصدر مسلكا اخرا لتحقيق المشروع الوطني الاصلاحي جانب الصمت والسكوت ليقرر الشعب مصيره بيده ، وهذا ما يعد ايجابيا وهذا هو الجواب .
ولكن هل هذا الصمت هو منهاج وسياسة مقتدى الصدر المعهوده ؟ اكيدا كلا ان هذا النهج ليس معروفا ومتبع وليس من متبنياته سابقا ولا حتى لاحقا ، ان يكون بعيدا وصامتا عما يجري في العراق .
ولكن مقتدى الصدر صمته لايشابه صمت وسكوت الاخرين ، نتيجة ان صمته هو عين النطق ويمكن بيان ذلك بعده دلالات .
الدلالة الاولى :- من يتخذ الصمت مركبا لايمكن ان يكون له مخرجات تفسر ، اما سكوت السيد مقتدى الصدر ، يفسر حاليا ويدرس من جميع الخصوم والحلفاء ويضعون التحليل تلوه التحليل والقرأه الفكرية وما سوف يتمخض من هذا السكوت برؤية مستقبلية لعلهم يستطيعون فك رموز تشفير صمته . فهذه دلالة ان سكوته ليس فارغ المحتوى فأنه نطق .
الدلالة الثانية :- ان لهذا السكوت حكمة ، وحكمة الصمت دلالته عند صاحبها ، ولكن يمكن اعطاء تفسير بأن الصدر جعل الخصماء في حيره من امرهم ولا زالوا يضعون قدم ويؤخرون الاخرى ، ولم يتمكنوا من المضي بمشروعهم المحاصصاتي في تشكيل حكومتهم ، وذلك نتيجة عدم فهم لغة هذا السكوت والصمت ، وهذه دلالة ايضا بأن سكوته نطق .
الدلالة الثالثة :- تعود وتعلم الشعب العراقي على منهج الصدر بأنه ناطق دائما ، والسكوت ليس منهجه ، وهذه ايضا دلالة ايضاحية ملازمة تفيد الاخذ بها لاثبات برهان الدلالة ، نتيجة ان المظاهرات التي خرجت كان جل المتظاهرين عيونهم واذهانهم تفكر و تترقب گصگوصة او تغريدة من السيد يكسر سكوته وصمته ، وهذا ما يدلل ويثبت حتى في سكوته هو ناطقا .
الدلالة الرابعة :- رغم السكوت الا ان جميع الخصماء يتمنون وينتظرون من السيد مقتدى الصدر ابداء اشاره او همسه كي يفهموا مراده ، وليس كما يعبرون ان السكوت علامة الرضا . وهذا ما يدلل بدلالة ان سكوته رفض فهو نطق .

هذه الدلالات ويمكن بيان غيرها الا انني اكتفي بهذا القدر الغاية اثبات المطلب بأن صمت وسكوت مقتدى الصدر هو نطق بعينه ، ولا يخلوا من فوائد يمكن تحديد وذكر قسم منها .
الفائدة الاولى :- لهذا الصمت والسكوت نستطيع القول عنه انه الصمت الذي يسبق العاصفة . فسكوته في هذه الظروف هنالك غاية ، وغايته تشجيع عامة الجماهير والشعب العراقي بأن يتخذوا بأنفسهم زمام الامور ولا ينتظروا احدا كي يتصدق عليهم يعطيهم من حقوقهم المنهوبة ، بل على كل مواطن ان يعرف ان له حق منهوب ومسروق فعليه المطالبة به وانتزاعة من السارق المفسد المتحكم بسده الحكم والسلطة .
الفائده الثانية :- كشف زيف الخصوم بأن هنالك حقيقة يجب ان تعرى امام جميع الشعب العراقي بأن هذه الطبقة الحاكمة السارقة للسلطة سوف لاتتوانى ولاتتوقف ابدا بسرقة الشعب بل حتى ذبحة ان تعارضت مصالحها مع تطلعاتها .
الفائدة الثالثة :- يعد السيد مقتدى الصدر القائد والزعيم العراقي الوحيد الذي يستطيع ان يحرك جمهوره باي وقت يشاء وبأي ظرف يكون ، ورغم هذا يصمت وياخذ جانب السكوت لفائدة الشعب ليقول له ياشعبي انزل انت الى الشارع وطالب بحقك فأنت القائد والزعيم وبيدك السلطة والقرار والشرعية.
فأنت ياشعب العراق اكبر من كل الساسة والزعامات . فأنهض من كبوتك ولاتنتظر زعامة وقيادة احد لتستعيد مجدك وكبريائك هويتك المغيبة .
هذه الفوائد المرجوه من سكوت الصدر تعد نطقا ، اجدها من وجهة نظري و حسب قرأتي وفهمي هي ابلغ سكوت ليحرك الركود في الشعب العراقي ويربك ويزلزل مضاجع الطغاة . فعلا وحقا ان نطق الصدر زلزل العروش ، وان سكت ارعب الطغاة . لله درك مقتدى .