هل العراق يتجه لبناء دولة المواطنة و الإنسان على غرار الدول المتقدمة؟ أم أن كردستان بنموذجها (حكم البروباغاندا) ستكون هي النتيجة؟ يخطيء من يظن أن حكم الأغلبية يعني تهميش الطوائف و القوميات و فئات المجتمع، لأن هذه الكتلة تستطيع أن تضع وزراء و مسؤولين ينتمون لهذه الشرائح، و إن لم تكن ملزمة لا عقلا و لا قانونا بأن تضع ممثلين لطوائف و قوميات لا حصر لها. التحدي الآن هو في كيفية مواجهة تنظيرات المحاصصة تحت شعار “إشراك شرائح المجتمع”! فمثلا سنجد السيد مسعود البارزاني رافضا لكل حكومة ليس له وزراء فيها، حتى لو ضم السيد المالكي وزراء أكرادا من حزب التغيير أو الاتحاد الإسلامي الكردستاني، و سيعتبرها غير ممثلة للناخب الكردي. كتلة السيد أياد علاوي ستفعل الشيء نفسه.
المسألة هي أن على نوري المالكي، و هو صاحب أكبر كتلة برلمانية، أن يجد المعتدلين من الأكراد السنة و العرب السنة و الكلدو آشوريين لخلق نسيج منسجم لا يمثل حكومة “تناقضات” كما رأينا طوال السنوات الماضية.
لتسهيل مهمته الشاقة القادمة، يستوجب على كتلة دولة القانون أن لا تقف موقف الدفاع حينما يقوم الآخرون بنقدها، خصوصا إذا كانت بيوت هؤلاء الآخرين “كالبارزاني” من زجاج و مليئة بالعيوب و الفساد. من خلال الواقع المدروس نجد أن حكومة إقليم كردستان العراق هي آخر من يستطيع نقد الحكومة المركزية لأنها للأسف تملك سجلا بائسا و تراثا ثقيلا من الفساد و الرشوة و المحسوبية و ملف حقوق الإنسان في كردستان العراق ليس بأفضل من أكثر الدول الدكتاتورية و الشمولية. تصفح بسيط للموقع الرسمي لحكومة إقليم كردستان العراق يظهر و بوضوح كبير كيف أن الإقليم يقدم للعالم و للعراقيين “صورة مشرقة” و “براقة” للحالة الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية.
إصلاح البيت الكردي سيكون الخطوة الأولى لبناء استقرار حقيقي للعراق و لتجاوز اللعب بورقة “مأساة الشعب الكردي” التي طالما استغلها “رئيس الإقليم” لمصلحته و مصلحة عائلته.
يعتبر الكاتب الأمريكي المشهور “مايكل روبن” الباحث في معهد إنتربرايز للدراسات أن البارزاني يقدم نفسه كزعيم وطني لكردستان و في الوقت نفسه لا يصحب معه إلا ممثلي مصالح العائلة البارزانية. في مقاله المعنون “هل أن بارزاني حقا وطني؟”[1] يقول السيد روبن:
“قد يحتضن المواطنون الأكراد الشعور الوطني الكردي لكن بالرغم من خطاب البارزاني الوطني إلا أنه من المشكوك فيه أنه يفعل. عقب خطابه في عيد النوروز سافر البارزاني إلى واشنطن. بدلا من أن يمثل نفسه كرئيس لإقليم كردستان العراق اختار أن يضم إبنه و ابن أخيه للقاءات الرسمية مظهرا ميله للانتماء العائلي. بعد أن رفض البيت الأبيض مطالبه بشأن المناطق المتنازع عليها في عراق، قضى البارزاني بقية الرحلة معززا تجارته الشخصية”. (نهاية الاقتباس)
سياسي من هذا الطراز من الصعب جدا أن يكون ممثلا لمصالح فئة أو قومية أو جملة مواطنين، و عندما لا يمثل السياسي “البارزاني نموذجا هنا” إلا مصالحه و مصالح عائلته بدلا من تمثيل “من صوّت له” فإن أي تحالف برلماني سيضرّ بالعراق ككل. من الأمثلة على سياساته في توطيد سياسة (حجزالكراسي) هو خاله، أخو والدته، هشيار زبياري الذي التصق بكرسي الخارجية منذ 2003 بعد صفقة مشبوهة مع “المجلس الأعلى الإسلامي”. كذلك عارف طيفور – نائب رئيس البرلمان – و فوزي الأتروشي الموغل فسادا في وزارة الثقافة.
على حزب السيد مسعود البارزاني أن يتعلم ماهية التغيير و أن لا يحجز كراسي السلطة لفئة معينة أو عائلة أو عشيرة، و كأن الشعب الكردي لا يملك سادة و سيدات مؤهلين ثقافيا و اجتماعيا لتبوء أرفع المناصب. أصلحوا البيت الكردي لكي يستقر البيت العراقي ككل.
نصيحتي للمالكي “لا تقبل بهشيار زيباري وزيرا للخارجية في حكومتك المقبلة”.
المصادر:
http://www.michaelrubin.org/12448/masud-barzani