24 أبريل، 2024 7:12 ص
Search
Close this search box.

السيد مسعود البارزاني … افرد جناحيك وسع العراق

Facebook
Twitter
LinkedIn

يقف العراق اليوم على اعتاب مرحلة ستكون حاسمة في رسم ملامحه المستقبلية وتغييرات في بنيته السياسية والجغرافية وحتى الثقافية . ويبدو ان كل الاطراف تتاهب للدخول الى هذه المرحلة بتعزيز موقفها السياسي على حساب الاطراف الاخرى , سواء بين المكونات الثلاث ( السنية والكوردية والشيعية) او في داخل المكون الواحد. وان كان الصراع السياسي داخل المكون الكوردي قابلا للحل لاسباب كثيرة لا مجال لذكرها هنا , وان كان المكون السني قد فشل لغاية الان كي يكون مؤثرا في الواقع العراقي لتشتته منذ الالفين وثلاثة .. عمقه احتلال مناطقه من قبل داعش مؤخرا , فان الصراع داخل المكون الشيعي وصل الى درجة اصبح من الصعب التستر عليه او حله .
ومثلما كان الوضع الامني والسياسي الغير مستقر , والتحدي الطائفي داخل العراق , سببا في التغطية على هذه الصراعات الداخلية نوعا ما , فان سيطرة داعش على المناطق السنية والتي ادت الى انهاء اي تاثير سني في العملية السياسية , وادراك القوى الشيعية باننا على ابواب مرحلة طرد هذا التنظيم .. قد ادى الى ان تطفو الصراعات الداخلية الشيعية على السطح , وتبرز بشكل واضح لتفضح هشاشة التركيبة السياسية في العراق . وقد كان لدخول عامل الشارع مؤخرا في هذا الصراع بحجة المطالبة الاصلاح , وما اعقبه من تحركات خطيرة للمليشيات الشيعية التابعة لهذه الاحزاب ودخولها على خط الازمة عاملا في توتير هذا الصراع بشكل اكبر .
هناك نقطتان تجعلان من تاثير الصراع الداخلي الشيعي ليس مقتصرا عل المكون الشيعي فحسب بل يسري بتبعاته على بقية المكونات العراقية وهما
الاولي.. ان هذا الصراع هو على راس هرم السلطة المخصص للمكون الشيعي و المتمثل برئاسة الوزراء .
الثانية ..علاقة هذا الصراع بصراع اخر ( ديني) بين المرجعيات الشيعية في العراق وايران , والتنافس الموجود بينهما لسيادة العالم الشيعي عبر هذا الصراع .
ويبدو ان الاطراف المهتمة بالشان العراقي و المشرفة عليه (الامريكي و الايراني) يدركان خطورة هذا الصراع وماضيان الى تهدئته , كل حسب مصالحه واجنادته المتباينة , والتي تلتقي في عدم اثارة هذا الصراع اكثر , وتلافي تداعياته , كون الوضع العراقي متداخل ومرتبط بموازين القوى في المنطقة . وما الزيارات المكوكية لمسئولي البلدين ة بواتصالاتهم بالاطراف السياسية الا دليل على هذا التوجه . وواضح ان تلك المحاولات لا تركز على انهاء ذلك الصراع بقدر التركيز على تاجليه , وذلك باللجوء لمبدا الهروب الى الامام , و الى حل مؤقت يمكن تسميته بتخدير الصراع مؤقتا , وذلك بالاستعانة بطرف اخر خارج اطار الصراع المذهبي العربي , بحيث لا يشكل هاحسا مذهبيا للوجود الشيعي في العراق والمنطقة , وكذلك القفز من خلاله على الازمة الحالية لتفاديها دون خسائر للاطراف الشيعية المتصارعة . ويبدو ان امريكا وايران قد توصلتا الى نتيجة مفادها ان استمرار تحكم المكون الشيعي بهرم السلطة المتمثل بمجلس الوزراء سيعمق التنافس و الصراع داخل هذا المكون , الامر الذي قد يؤدي الى القضاء على ما يسمى البيت الشيعي وانهاءه للابد . وفي نفس الوقت فانه لا توجد ثقة لاعطاء هذا المنصب الى المكون السني خاصة وانه يمتلك عمق سني عربي يمثل تهديدا حقيقيا للطرف الشيعي العراقي .
اما فيما يتعلق باقليم كوردستان فان الكورد قد توصلوا من خلال تجارب الماضي لقناعة تفيد باستحالة وجود ديمقراطية حقيقية في العراق مهما اختلفت حكوماته, لاسباب كثيرة لا مجال لذكرها هنا , وان بقاءه ضمن هذه الدولة وبهذا الشكل لن يجلب له سوى المزيد من المشاكل
العراقية المتلاحقة التي تقف بوجه طموحه في التقدم والازدهار . لذلك فاننا نجد اصرارا كورديا غير مسبوق في الذهاب الى حق تقرير المصير للشعب الكوردي للانفصال عن العراق . وما يجعل الطرف الكوردي مترددا في الذهاب الى هذه الخطوة هي مواقف دول المنطقة والدول المؤثرة عالميا تجاهها . ولذلك نقول ان كان المطبخ السياسي في الاقليم متاكدا بان ثمن الانفصال سيكون كبيرا على الشعب الكوردي حاليا , فعليهم طرح مبدا علاقة جديدة مع العراق سواء بعلاقة كونفدرالية معها , او بطرح انفسهم بدلاء عن للحكم الشيعي في العراق . وفي تصوري فان هكذا طرح سيلاقي ترحيبا كبيرا خارجيا , ولن يواجه معارضة تذكر داخله حتى عند الطرف الشيعي .. بوجود ضغوطات خارجية عليه . فايران وتركيا سوف تدعمان بالتاكيد هذا التوجه البديل للانفصال لما يمثل الانفصال من مخاطر على امنهم الوطني ( حسب ما يعتقدون هم ) وبالتالي الضغط على الاطراف العراقية الداخلية للقبول بهذا الطرح .
ان حكم الكورد لبغداد سوف يبعد العراق تماما عن الصراع الطائفي الذي تحترق به المنطقة حاليا وخلق مجتمع متسامح يتقبل الاخر . فهو قادر على تقديم حياة كريمة للشعب العراقي ووضع العراق على السكة الصحيحة , مثلما قدمها لشعبه في الاقليم خلال العقد الماضي . وقادر ايضا على ابعاد المجتمع العراقي بشكل عام عن الحسالسيات والاحقاد الطائفية التي ازهقت ارواح مئات الالوف من العراقيين طوال السنين الماضية , مثلما ابعد اقليم كوردستان عنها منذ الالفين وثلاثة . وهو قادر على ارساء اسس جديدة لعلاقات العراق الخارجية يكون اساسها المصالح المشتركة والاحترام المتبادل , سواء مع الدول العربية او مع ايران مثلما فعل في الاقليم . وفي نفس الوقت فان وجوده في هرم السلطة في بغداد سيضمن للشعب الكوردي مستقبلا بعيدا عن تخوفات القمع والاقصاء الذي تلازم احلام كل من يحكم العراق تجاهه , ويجعل منه شريكا حقيقيا لبقية المكونات في بناء العراق .

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب